تحقيق كلوديا حسن:
في هذا العالم أصبح الكوكب بين يديك من خلال شبكات التواصل الاجتماعي التي تجعلك في الصين وتجعل من في الصين في أي مكان في العالم عبر الحصول على المعلومات الخاصة بأي بلد وأخباره وثقافته وحضارته وتاريخه، لكن على الرغم من أن التطور التكنولوجي ووسائل التواصل الاجتماعي باتت الشغل الشاغل للعالم بأسره، إلا أن لهذه الوسائل وجهاً قبيحاً يعري الكثير من النفوس المريضة التي لم ولن يخلو منها أي مجتمع في دولة من العالم..
يستغلون وسائل التواصل الاجتماعي لممارسة الابتزاز بأشكاله المتعددة إما جنسية تتمثل بانتهاك خصوصية أي فتاة أو سيدة، عبر سرقة حسابها على أي وسيلة تواصل اجتماعي إما فيسبوك أو تويتر أو حتى واتس أب والعديد من المسميات التي تتجدد مع كل يوم، سرقة تتم بعمليات يقوم بها أشخاص يلقبون بـ (الهكر) افتراضياً وبعد أن تتم سرقة هذا الحساب يتم انتهاك خصوصية صاحبة الحساب وإجراء محادثات ربما تكون منافية للأخلاق أو تتعلق بعمليات نصب واحتيال أو حتى من الممكن أن يتم سحب صور خاصة من أي محادثة ونسخها والبدء بعملية ابتزاز تبدأ بالتهديد وتنتهي إما بانهيار صاحبة الحساب نفسياً أو انهيار حياتها خوفاً من المجتمع الذي لا يرحم ولا يهمه سوى أن يرى شخصاً يعاني من مشكلة معينة ليأخذ مادة دسمة يتحدث فيها..
صور متعدد للابتزاز.. الجسدي مثالاً
أشكال الابتزاز الالكتروني لا تتوقف عند سحب صورة معينة أو محادثات والتهديد من خلالها بل من الممكن أن يمتد لأن يطلب المجرم الذي قام بهذا الفعل الرخيص علاقة من صاحبة الحساب مقابل سكوتها وهناك الكثير من الحالات التي أدت لفساد أخلاقي نتيجة لابتزاز من هذا النوع.
(م.س) فتاة من أحد الأرياف كانت مخطوبة منذ عشر سنوات لابن عمها وكانت على وشك الزواج منه قبل أن يتوفى بحادث سيارة …
تقول (م.س) أن ابن جيرانها كان يلاحقها، وكان معروفا بأخلاقه السيئة وتضيف: أنها وضعت هاتفها المحمول في محل لتصليح الهواتف المحمولة وتركته ليوم واحد بعد أن قال لها صاحب المحل إن الهاتف بحاجة ليوم كامل وفعلاً تركته ولم يكن على هذا الجهاز صور خاصة بها لكنها لم تكن تتوقع أن الشاب صاحب المحل صديق لجارها السيء السمعة واتفقا على أن يسرقا محادثاتها مع خطيبها المتوفى والتي احتفظت بها وتهديدها بها إذا لم تتجاوب معهم ..
لم تعرف ماذا ستفعل لأنها من بيئة محافظة ومن غير الممكن أن يتقبل والدها أن تصل محادثات فيها نوع من الخصوصية حتى لو بين ابنته وخطيبها لأيدي شباب من منطقته .. لذلك تقول (م. س) أنها عاشت أصعب مراحل حياتها في تلك الفترة على الرغم من أنها فقدت خطيبها لكن حجم الخوف الذي كان يتملكها من محادثاتها جعلها ترضخ لممارسات ربما دفعتها للرضوخ لرغبات جارها المبتز وصديقه وهي الآن فقدت سمعتها لتحافظ على سمعتها لعلها “مفارقه غريبة” لكن الخوف من المجتمع أحياناً يجعل المرأة غير المثقفة والفاقدة للوعي الاجتماعي تمارس كل شيء في الخفاء خوفاً على صورتها أن تهتز أمام أهلها ومحيطها … أما أن تشوه صورتها من الداخل هذا لا يهم و المهم المجتمع.
(م.س) ليست حالة فردية فهناك الكثيرات ممن تعرضن لمثل هذا الابتزاز ولكن مع اختلاف المحيط والبيئة تختلف كما المعايير التي يتم من خلالها الحل.
لم ترضخ للابتزاز
حالة أخرى نسلط الضوء عليها حول موضوع الجرائم الالكترونية حيث تم توقيف شخص يمتهن ابتزاز الفتيات عبر مواقع التواصل الاجتماعي في اللاذقية فيما نشرت صفحة وزارة الداخلية الرسمية على موقع فيسبوك أنه في إطار متابعة الجرائم الإلكترونية، وبعد ورود شكوى من إحدى الفتيات إلى فرع الأمن الجنائي في اللاذقية حول تعرضها للابتزاز من قبل شخص هددها بنشر صورها ومقاطع فيديو لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي في حال رفضها تلبية رغباته.
ومن خلال التحري وجمع المعلومات تمكن فرع الأمن الجنائي في اللاذقية من إلقاء القبض على المشتبه به على متن سيارة خاصة نوع (بيجو)، تبين أنه يدعى (كاظم.ا)، وبتحري جواله عُثر فيه على محادثات تثبت قيامه بابتزاز المدعية وتهديده بنشر صور لها ولأشقائها، كما عُثر على مقطعي فيديو وهو يقوم بتصويرها بواسطة برنامج تسجيل مخفي بالجوال، وبالتحقيق معه اعترف بإقدامه على استدراج الفتاة إلى منزله بحجة زيارة أهله وقيامه بتصويرها خفية بواسطة برنامج مخفي في جواله وتهديدها بنشر الصور والمقاطع في حال عدم تلبية رغباته, حيث تم اتخاذ الإجراء اللازم بحقه، وسيتم تقديمه إلى القضاء أصولاً.
أسباب ونتائج
الجرائم الالكترونية من هذا النوع لها عدة أسباب الأول سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن أصبح كل شيء متاحا والوصول لأي شخص سهلا جداً وأساليب الاحتيال باتت فنا لدى العديد من الهواة لتلك الوسائل …والسبب الثاني هو فقر المعلومات التي من الممكن أن تردع العديد من ارتكاب مثل هذه الجرائم التي قد تؤدي لعواقب وخيمة أي مجتمع بغنى عنها.
الحفاظ على سرية معلوماتك لأمانك
الجريمة الالكترونية كتعريف هي كل سلوك غير قانوني هذا ما صرحت به منار قسام مهندسة المعلوماتية للثورة وتابعت: يتم ذلك باستخدام الأجهزة الالكترونية عبر شبكة الانترنت او بدونها مثل اقتحام شبكات الحاسب وقرصنة البرامج وسرقة المعلومات أو حتى الاطلاع عليها و انتهاك الأعراض وتشويه السمعة وتسريب معلومات وبيانات أو حتى بث معلومات غير صحيحة بهدف خلق حالة من الفوضى.
وتستحضر قسام المرسوم التشريعي رقم (17) الذي أصدره السيد الرئيس بشار الأسد المتعلق بتنظيم العمل والتواصل على الشبكة ومكافحة الجريمة الالكترونية وخص الهيئة الوطنية لخدمات الشبكة في وزارة الاتصالات والتقانة بمتابعة تنظيم هذا المرسوم وتطبيقه.
وتابعت : الانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي في سورية جعل من السهل على المتحرش الوصول إلى ضحاياه الكترونياً وابتزازهم سواء جنسياً أو مالياً ومما ساهم في ازدياد حالات الابتزاز سنوات الحرب التي عانت منها سورية التي ألزمت الناس استخدام مواقع التواصل بكثرة وخصوصاً في زمن جائحة كورونا.
وأكدت قسام: من الضروري توعية الناس إلى عدم الإفصاح عن معلوماتهم السرية أو كلمات السر الخاصة بهم لأي شخص أو أي جهة وضرورة التأكد من العناوين الالكترونية التي ترسل وتطلب معلومات خاصة بنا …وقالت: لا تحاول أن ترسل صورك لأي جهة حيث إن الثقة في الآخرين لا يعني أن ترسل صورا أو مقاطع فيديو محرجة هذا بدوره سوف يسبب لك المتاعب والأذى الحتمي لاحقا..ً لذلك عند حصول أي من هذه الاختراقات أو تعرض احد إلى الابتزاز الالكتروني عليه اللجوء مباشرة إلى تقديم شكوى الكترونية بحسب قانون مكافحة الجريمة الالكترونية في سورية لمعاقبة المجرم.
اللجوء إلى القانون
المحامي سامر أحمد سليمان أكد للثورة: إن الابتزاز جريمة يعاقب عليها القانون السوري بالسجن لمدة تصل إلى سنتين بالإضافة إلى غرامة مالية وتضاعف العقوبة إذا ما وقعت الجرائم إلكترونياً بحسب قوانين تنظيم التواصل الإلكتروني ومحاربة الجرائم الإلكترونية فإن المواد الإلكترونية التي تخرق الخصوصية يعاقب على نشرها بالسجن مابين شهر وستة أشهر بالإضافة إلى غرامة مالية تتراوح بين 100 ألف و500 ألف ليرة سورية أما الإجراء القانوني المتخذ بالنسبة لهذه الجرائم يقدم معروضاً إلى المحامي العام الذي بدوره يحيله إلى فرع الأمن الجنائي قسم جرائم المعلوماتية وخلال أسبوع كحد أقصى يتم إحضار المبتز وتحويله للقضاء لإصدار الحكم بحقه.
وفي النهاية الابتزاز الالكتروني او الجريمة الالكترونية بمعناها الحقيقي هي التي يتم من خلالها تشويه صورة الأشخاص وانتهاك خصوصيتهم وممارسة بحقهم الاستغلال المادي أو الجسدي أو غيرها من الوسائل التي من الممكن أن تمارس ضد الضحايا ..لذلك يجب أن يتم ضخ المعلومات عن الجريمة الالكترونية عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وتوضيحها بشكل أكبر وتفسير القانون الذي يحدد خطوطها ويرسم هويتها ويبعد الشبهات عنها كي يعرف المتلقي ماله وما عليه وأن يعرف كيف يتعامل مع الابتزاز الالكتروني إذا تعرض له وأن يعرف الخط الذي يجب أن يحدد طريقة تعاطيه الكترونيا ضمن القانون حتى لا يكون متعديا ولا متعدى عليه.