آخر الأخبار
الرئيسية » عربي و دولي » أميركا تستعجل المكاسب الإقليمية: لتطبيع سعودي – إسرائيلي الآن

أميركا تستعجل المكاسب الإقليمية: لتطبيع سعودي – إسرائيلي الآن

 

حسين إبراهيم

 

 

 

بعد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، تزايد الكلام الأميركي عن اقتراب تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل. ورغم الغياب الكامل للتصريحات السعودية في هذا الخصوص، إلا أن سلوك الإعلام السعودي يؤكد أن ذلك المسار قائم، وأن المسألة لا تعدو كونها مسألة توقيت مناسب للإعلان عن الخطوة. خطوةٌ تأمل واشنطن وتل أبيب بأن تشكّل قاطرة لسلسلة من عمليات التطبيع العربية والإسلامية، التي ستكرّس الهيمنة الأميركية والإسرائيلية على الشرق الأوسط باعتراف رسمي عربي وإسلامي، بعد المكاسب العسكرية التي حققتها أميركا وإسرائيل في العامين الماضيين.

 

والواقع أن ثمة مؤشرات كثيرة إلى ذلك، من بينها التصريحات الأميركية التي جاءت على لسان ترامب نفسه، حين قال قبل يومين في مقابلة مع «فوكس نيوز»، إن الرياض أكدت له قبل يوم واحد من المقابلة استعدادها للدخول في «اتفاقات آبراهام»؛ وتصريح المبعوث الأميركي إلى سوريا، توم براك، الذي أكد بدوره أن السعودية تقترب من مسار التطبيع الكامل، وهو ما سيجعل دول المشرق العربي تتبعها، مشيراً بكلامه إلى لبنان وسوريا وربما العراق.

 

كما إن عودة مهندس «اتفاقات آبراهام»، صهر ترامب، جاريد كوشنر، إلى صدارة المشهد من بوابة اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، كانت من بين الدلالات البارزة على تنشيط مسار التطبيع عبر السعودية، ولا سيما أن وقف المذبحة بدا شرطاً ضرورياً لانضمام المملكة إلى هذا المسار، مع مراعاة شكلية لمسألة الدولة الفلسطينية التي وردت بشكل ملتبس في أحد بنود الاتفاق.

 

على أن من الشروط الواجبة التوافر للتطبيع السعودي، هو ما يُزيّنه الأميركيون للمملكة لناحية تراجع قوة إيران وحلفائها الذين تعتبرهم الرياض جميعاً تهديداً لها؛ لكن في هذه الجزئية، ما تزال للسعودية أسباب للحذر، بالنظر إلى أن ما تعرضت له طهران وحلفاؤها من ضربات، لم يكن حاسماً، ولا سيما في اليمن الذي يبدو أقوى مما كان عليه قبل 7 أكتوبر.

 

على أيّ حال، ثمة سباق بين توافر الشروط اللازمة والمسهّلة للتطبيع، وبين التغيرات المتسارعة في المنطقة التي ترى المملكة أنها تحتّم عليها ترتيب أوضاعها. وهذا ما يفسّر ما أوردته صحيفة «فايننشال تايمز» قبل أسبوع، عن مفاوضات سعودية – أميركية للتوصل إلى اتفاقية دفاعية ثنائية تعتبرها الرياض بوليصة تأمين للنظام، وتأمل أن يجري توقيعها عندما يزور ولي العهد، محمد بن سلمان، واشنطن الشهر المقبل.

 

ورغم أحاديث مسؤولين أميركيين عن أن التفاصيل لم يتمّ إنجازها بعد، فإن الاتفاقية إذا ما وُقّعت، قد تتضمن ضمانات أميركية بالدفاع عن المملكة، من نوع تلك التي وقّعها ترامب لقطر بعد العدوان الإسرائيلي على الدوحة. وفي حين بُرّرت هذه الضمانات بالمخاطر التي تتعرّض لها قطر بسبب أدوارها الديبلوماسية في عدد من النزاعات الحساسة، فإن المملكة تعتبر أيضاً أن التطبيع يرتّب مخاطر عليها، وهو ما يستوجب إجراءات مماثلة.

 

ويوحي تزامن التصريحات والتسريبات الأميركية حول التطبيع والاتفاقية الدفاعية بترابط بين الأمرين، باعتبار أن الولايات المتحدة سبق أن رهنت تلك الاتفاقية بتطبيع سعودي مع إسرائيل، ما يضفي جدية أكبر على التحركات الحالية. لكن المؤشر الأبرز يأتي من قطاع غزة، حيث تبدو الحماية الأميركية لوقف النار، والتي ظهرت بوضوح بعد الغارات الإسرائيلية الأخيرة، إن كان في إعلان جيش العدو عودته إلى الالتزام به، أو التراجع السريع عن قرار إغلاق المعابر ووقف دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، مرتبطة بالمفهوم الأوسع الذي وضع ترامب الاتفاق في سياقه، ولا سيما أن حرب غزة هي التي أوقفت تطبيعاً سعودياً – إسرائيلياً بدا وشيكاً عشية عملية أكتوبر.

 

على أن التطبيع السعودي بالنسبة إلى الأميركيين ليس سعودياً فقط؛ فالهدف الأميركي هو أن يكون ذلك فاتحة لتطبيع دول منخرطة أو كانت منخرطة بشكل مباشر أو غير مباشر في صراعات عسكرية مع إسرائيل ولديها أراض محتلة، ستكون في أحسن أحوالها، إذا تمّ هذا السيناريو، مدى حيوياً للأمن الإسرائيلي، وبالتأكيد منزوعة من السلاح، وربما من سكانها أيضاً، علماً أن المسار المشار إليه يلقى في سوريا ولبنان، دعماً سعودياً واضحاً، ويُراد له أن ينهي لمرة أخيرة الكفاح المسلّح كوسيلة لتحرير الأرض.

 

بالنتيجة، السعودية وغيرها من دول الخليج ترى أن المخاطر المحيطة بها، أو التهديدات الآتية من داخلها، لا تحتمل التأجيل، وتحتّم الحصول على ضمانات أمنية أميركية أقوى من تلك القائمة حالياً. لكن المفارقة الدالة هنا، أن مَن هو غير مستعجل على التطبيع هو إسرائيل، التي ترى أن مجموعة كاملة من الخيارات فُتحت أمامها نتيجة تطورات العامين الماضيين، وعلى رأسها تمزيق كل دول المنطقة وإعادتها إلى زمن التناحر القبلي والطائفي، وإفراغ الأراضي التي تريد السيطرة عليها من سكانها الأصليين تماماً.

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

برّاك يرسم خارطة «الشام»: نزع السلاح وتأمين حدود إسرائيل

    رأى المبعوث الأميركي توم برّاك أن نزع سلاح حزب الله ليس ضرورة أمنية لإسرائيل فحسب، بل هو فرصة لبنان للتجديد، مشيراً إلى أن ...