آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » اغبياء الإعلام!!

اغبياء الإعلام!!

 

 

علي عبود

 

أمضيت خلال الأشهر الماضية وقتا طويلا في متابعة البرامج الإخبارية والسياسية على شاشات التلفزة العربية المتخصصة باستغباء وتضليل المشاهدين.

لم افاجأ كثيرا بما شاهدته، لكنني لم أتوقع هذا الكم الكبير من الغباء الذي يكتسح معظم المذيعين والمذيعات وإصرارهم على تسويق الأكاذيب والقذارات التي تعجز على تنظيفها أشهر ماركات غسيل الملابس في العالم.

لاباس أن يتبنى المذيع سياسات الشبكة التي يعمل بها مادام يتقاضى منها أجرا عاليا، ولكنه ليس مضطرا أن يستغبي المشاهد بتسويق الأكاذيب والقذارات!

الإعلامي المحترف يجيد تسويق سياسات رب عمله بحرفية عالية، لامن خلال حركات بهلوانية أو بتسخيف من يحاوره أن لم يسايره بتوجيه الإنتقادات لمعارضي سياسات المحطة!

نعم، المذيع أو المذيعة لايختار الأسئلة مباشرة إلا في حالات نادرة جدا، فالمعد هو من يضع له الأسئلة، أو يُلقنها له من خلال سماعات الأذن، وهنا الطامة الكبرى، فمن يُفترض أنه مهني ومحترف لايقل سطحية أو غباءا عن المذيع، فهو بفترض مسبقا ان المتابعين للبرنامج إما في منتهى السذاجة، أو من المؤيدين لسياسات المحطة التلفويونية!

يكفي أن نتابع المقالات النقدية لهذه البرامج في الصحف التي تحترم عقول الناس لنكتشف الكم الهائل من الأكاذيب والأضاليل التي تفضحها الوقائع والمعلومات!

وتصل الأكاذيب والقذارات إلى ذروتها في مقدمات معدّي البرامج ونشرات الأخبار، التي تحولت إلى شهادات اعتماد لمالكي المحطات التلفزيونية وكأنّ المذيع ومعد البرنامج يقولون له: ألا نستحق أجورنا العالية؟

نعم، بعد متابعة القليل من الحلقات تكتشف الكم الكبير من الضحالة والغباء في المعلومات والتحاليل السطحية، وتتساءل: ماذا تُقدم التلفزة العربية سوى التفاهة؟

يسخرون من الأقنية التي تنطق باسم حزب أو نظام سياسي ، في حين أن الأقنية التي يعملون فيها أما ممولة أو مملوكة لأنظمة عربية أو أجنبية، ونتحدى من يدلنا على وسيلة إعلامية حرة في العالم!

وباستثناء قلة من المقدمين والمحللين المتمرسين فإن الغالبية الساحقة من المذيعين والمذيعات ومقدمي البرامج احتلوا الشاشات اما بالوساطة أو من خلال علاقات عامة، وكان لدى البعض الجرأة أو الغرور لكشف أسم من أتاح له فرصة العمل في جريدة أو إذاعة أو محطة تلفزيونية!

حتى الأسماء اللامعة جدا بتقديم البرامج تكتشف المستوى المتدني لتفاهتهم وضحالتهم عندما يستضيفهم زميل لهم في برنامجه الخاص، ويبدو أن الغرور نخر دماغهم إلى حد صدقوا فيه أنهم عباقرة أو من فلتات زمانهم!

وليس مصادفة أن البرامج السياسية والثقافية المميزة هي دائما من إعداد وتقديم صحفيين أتوا من عالم الصحافة، وهم يعتمدون على مهنيتهم وليس على (السماعات) أو البهلونيات!!

وآخر إبداعات محطات التلفزة التي تحترف تسويق التفاهات والأكاذيب والقذارات، إحداث وظائف بتسميات (خبير، محلل، باحث، استراتيجي..الخ) وهي تراهن على أن المشاهد سيصدق أنه فعلا أمام أناس عملوا أو لايزالون يعملون في مراكز عالمية!

المثير في الأمر أن من لم يكتب يوما حرفا واحد تستعين به هذه المحطات كمحلل أو متخصص أو خبير استراتيجي، والمثير أكثر إن هذا الشخص يقبل المنصب أو الوظيفة مراهنا إن أحدا من معارفه لن يشاهده ولن يفضحه!

كدت أنفجر من الضحك عندما قالت مذيعة في محطة عربية لأحد هؤلاء الخبراء المشهور بالسطحية والضحالة: شكرا لتحليلك العميق!!

الخلاصة: أمام هذا الكم من الترويج للتفاهة والأكاذيب بل والقذارات أتذكر استاذنا في كلية الإعلام باسم الجسر الذي كان يلقي علينا مادة (أخلاقيات الإعلام)، لكنني لاأتذكر اسم الاستاذ الذي كان يخاطب طلاب كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية في أول محاضرة له: الصحافة تحولت إلى مهنة من لامهنة له!!

نعم، تحول الإعلام اليوم في مختلف دول العالم إلى مصنع للأكاذيب، والإستثناءات نادرة جدا!

(أخبار سوريا الوطن-1)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

العلمانية وجدلية التفريط بالثوابت وتبرير الاختلاف

    سمير حماد   تحتلّ العَلمانيّة بعنوانها الكبير , فصل الدين عن الدولة , حيّزاً كبيراً من نقاشنا , ونقدنا الذاتي , وحوارنا مع ...