آخر الأخبار
الرئيسية » حول العالم » كيف قُتل إدريس ديبي… وإلى أين تذهب تشاد؟

كيف قُتل إدريس ديبي… وإلى أين تذهب تشاد؟

«رئيس الجمهورية إدريس ديبي إيتنو لفظ أنفاسه الأخيرة مدافعاً عن وحدة وسلامة الأراضي في ساحة المعركة»؛ بتلك الكلمات عبر الجنرال عزم لاغونا، على شاشة التلفزيون التشادي، عن حزنه وتعازيه للشعب التشادي، في مقتل إدريس ديبي صباح امس الثلاثاء.
على حسب بيان الجيش التشادي، قتل إدريس ديبي (68 عاماً) متأثراً بجروحه أثناء تواجده فى الصفوف الأمامية الهجومية، ضد المتمردين من «جبهة الوفاق من أجل التغيير فى تشاد». بعد دقائق من إعلان الجيش التشادي الحداد في البلاد، خرج بيان يعلن تشكيل مجلس عسكري انتقالي، بقيادة نجل الرئيس الراحل، محمد، ليقوم بإدارة شؤون البلاد.

نجل ديبي أيضاً جنرال في الجيش التشادي، ويترأس المديرية العامة لجهاز الأمن لمؤسسات الدولة، المعروفة لدى التشاديين بالحرس الرئاسي. كذلك أعلن المجلس العسكري، وقف العمل بالدستور وحلّ الحكومة والبرلمان، إلى جانب إغلاق الحدود البرية بعد مقتل الرئيس، والاستعداد لإجراء انتخابات رئاسية خلال 18 شهراً، وصفها بأنها ستكون «شفافة».

كيف كتبت نهاية واحد من أقوى حكام القارة الافريقية؟ هل قتل بالفعل صاحب 68 عام وهو على الجبهة يحارب المتمردين بنفسه؟ ما موقف فرنسا من مقتل حليفها إدريس؟

تمرّد من الشمال
بعد ليلة واحدة على انتهاء الانتخابات الأخيرة والتي أعلن فوز ديبي فيها أمس، دخلت قوات «جبهة التغيير والوفاق في تشاد» من مدينة الجفرة جنوبي ليبيا، التي كانت مقرّها، إلى شمالي تشاد (الاثنين 12 نيسان).

هاجمت «الوفاق» ولاية تبستي، ثم دخلت ولاية كانم، لتنشر تصريحاً عبر صفحتها على «فايسبوك» يقول إن «انتخابات الأحد الماضي كانت مهزلة… وعلى الشعب الحفاظ على زخم الضغط على الديكتاتورية ومساندة مقاتلي جبهة الوفاق الشجاعة لتحرير وطنهم تشاد». كما أعلنت الجبهة استيلاءها على حاميات بالقرب من الحدود الشمالية لتشاد مع النيجر وليبيا «دون مقاومة».

الجبهة التي يقودها محمد مهدي علي، الرجل النافذ سابقاً في وزارة النفط التشادية، دخل شمال تشاد بقوات يقدر عددعناصرها بنحو 1500، على متن مئات السيارات رباعية الدفع. وتسللّت تلك القوات في مجموعات صغيرة من زوركيه، شمال شرقي فايا لارجو ، لتجنب رصدها بالرادارات؛ وهاجمت نقطة حدودية تشادية في شمال البلاد حيث بدأت مراكز الاقتراع فرز الأصوات من الانتخابات الرئاسية.

سريعاً بعد دخول قوات «الوفاق»، حذرت كل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا رعاياها، ونصحتهم بمغادرة تشاد، تحسباً لحرب دامية قد تستعر بين متمردين والقوّات التشادية، كتلك التي وقعت في إقليم كانم. وكانت الأقمار الصناعية قد رصدت قافلتين مسلحتين لـ«جبهة الوفاق» تتجّه نحو العاصمة انجامينا؛ إحداهما قرب بلدة ماو الواقعة على بعد نحو 220 كيلومتراً شمال انجامينا، والأخرى شوهدت وهي تمرّ ببلدة فايا الواقعة على بعد 770 كيلومترا شمال شرق انجامينا.

أين فرنسا؟
في العام 2019، لم تتأخر الطائرات الحربية الفرنسية عن مساندة ديبي، بقصف قافلة للمتمردين في شمال تشاد، حيث استمر القصف لثلاثة أيام، لضمان تدمير كامل القوة التي توغّلت من الأراضي الليبية.

لم تكن تلك المرة الأولى التي تنقذ فيها فرنسا، رأس إدريس، ففي شباط 2008، استعان الرئيس بالجيش الفرنسي المتواجد فى الأراضي التشادية، لصد المتمردين الذين وصلوا إلى أبواب القصر الرئاسي.

الهجوم الأخير لقوات «الوفاق» لم يلق رداً فرنسياً مماثلاً. بل غابت التصريحات الفرنسية التي تتحدث عن الوضع الميداني، وركّز بيان قصر الاليزيه على مجريات أروقة العاصمة انجامينا، ومساندة «الانتقال السلمي» للسلطة هناك.

(أ ف ب)

قوات «جبهة الوفاق» بقيت لسنوات في الجنوب الليبي، في ظلّ قوات اللواء خليفة حفتر بعد اتفاق «عدم اعتداء» بينهما، قبل أن تنتقل إلى دور مساند له خلال عملياته باتجاه طرابلس العاصمة.

حينها، كانت فرنسا المتحالفة مع ديبي، تساند صديق «الوفاق» في ليبيا. وبعد خلاف بين القوات التشادية في الجنوب و«مشير بنغازي»، بدأ حراك «الوفاق» عبر الحدود الجنوبية، وبدأت فرنسا في حماية حليفها القوي ديبي.

التساؤلات التي خرجت عن أوساط تشادية حول الموقف الفرنسي، بنيت على التاريخ الطويل الذي جمع ديبي والفرنسيين في مكافحة «الإرهاب». إذ أوفد الرئيس التشادي جيشه حيثما احتاجت فرنسا قوات على الأرض، من مالي إلى النيجر.

انتقال (سلمي) ناعم!
لم تشجب أي من البيانات التي خرجت من حلفاء ديبي السابقين وعلى رأسهم واشنطن وباريس، انقلاب المجلس العسكري برئاسة نجل ديبي، على الدستور، الذي ينص على انتقال السلطة إلى البرلمان في حال وفاة الرئيس أو فقدانه القدرة على الحكم.

ويشير الهامش الذي تركته تلك البيانات إلى وجود «رضا» مبدأي عمّا جرى في العاصمة انجامينا؛ وهو رضا له بعده المحلي أيضاً.

فعلى عكس هجمات المتمردين السابقة على قصر الرئاسة، والتي حظيت بترحيب شعبي (قالت تقارير محلية حينها أن سكان العاصمة أرشدوا المتمردين على منازل أنصار النظام)، لم يتفاعل الشارع التشادي مع الهجوم ولا مع انقلاب المجلس العسكري بشكل كبير، برغم التململ الكبير من حكم ديبي الطويل، وخاصة بعد تراجع غلّة النفط وانعكاس ذلك على واقع الاقتصاد.

وتردّ أوساط إعلامية محلّية هذا، إلى وجود «توافق» على إبقاء السلطة في يد أبناء الشمال وتحديداً جماعة الزغاوة التي ينتمي إليها ديبي ونجله.

ديبي… حاكم لثلاثة عقود
عاشت جمهورية تشاد منذ عقدين، استياءً شعبياً من إدريس ديبي الذي حكم البلاد منذ 30 عاماً؛ وفاز قبل مقتله بيوم واحد بولاية جديدة تتضمن 6 سنوات إضافية، في الوقت الذي تتهمه المعارضة بالقمع والاضطهاد لكل صوت معارض، مما جعلها تقاطع الانتخابات بشكل كلي.

اعتمد ديبي على إحكام قبضته على مؤسسات الدولة، والاستثمار المتصاعد لإنتاج أحد أقوى الجيوش في المنطقة يكون دعماً له للاحتفاظ بالسلطة. بالإضافة إلى تذمّر الشعب من تعامله مع الثروة النفطية في البلاد. نمت اتّجاهات مضادة للسياسات الاقتصادية لحكومة ديبي بعد أن خفض الإنفاق العام في السنوات الأخيرة بسبب انخفاض سعر النفط، وأثار الانخفاض احتجاجات وإضرابات عمالية، كان نتاج ذلك تأييد بعض القوى الشعبية في تشاد لتمرّد «جبهة الوفاق».

(أ ف ب)

كان وصول إدريس ديبي، وهو ابن لراعي، للحكم من عشيرة البديات من جماعة الزغاوة الموجودة على جانبي الحدود التشادية السودانية. بعد اجتياز البكالوريا، التحق بمدرسة الضباط في العاصمة «انجامينا» وفي عام 1976 حصل على رخصة طيار محترف في فرنسا. بعد عودته إلى تشاد عام 1979، شارك في تمرد عام 1980 ضد الحكومة الاتحاد الوطني. فى 7 حزيران 1982 نجح التمرد، مما دفع الرئيس كوكوني إلى الرحيل للمنفى في الجزائر. رُقّي بعد ذلك إلى رتبة عقيد، وأصبح ديبي نائباً لقائد القوات المسلحة عام 1983. ثم ذهب إلى فرنسا عام 1985 حيث التحق بمدرسة الحرب العسكرية المشتركة. بعد عودته إلى تشاد عام 1986، عين مستشاراً لشؤون الدفاع والأمن لرئيس تشاد السابق، حسين حبري.

في نهاية الثمانينيات، وبعد الإطاحة بإدريس من منصبة، قام بعمل انقلاب في 1 نيسان 1989، لكنه هزم ليهرب بعد ذلك إلى السودان ثم ليبيا، حيث حصل على مساعدة الرئيس الليبي معمر القذافي، عاد ديبي إلى السودان حيث أنشأ في مارس 1990، حركة التمرد التابعة لحركة الإنقاذ الوطني. ثم في 1 كانون الأول 1990، بمساعدة المخابرات الفرنسية وبدعم من ليبيا والسودان، استولت قواته على انجامينا، ثم تم تعيينه رئيساً للجمهورية من قبل حركته، ثم تحول إلى حزب سياسي. منذ تلك اللحظة مكث إدريس أكثر من 30 عام فى رئاسة الجمهورية.

(سيرياهوم نيوز-الاخبار)
x

‎قد يُعجبك أيضاً

هرتسوغ يحذر من تفكيك إسرائيل بسبب الصراعات السياسية الداخلية: هناك من يدمر بلادنا ويجب أن يتوقف هذا الجنون الآن

حذر الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، الخميس، من “تفكيك” البلاد جراء حملات الاتهام المتبادلة في الساحة السياسية المحلية، داعيا إلى أن “يتوقف هذا الجنون الآن”. وفي ...