آخر الأخبار
الرئيسية » السياحة و التاريخ » التكية السليمانية تحفة العمارة الأثرية ومساعي للحفاظ عليها وإعادة الروح لها

التكية السليمانية تحفة العمارة الأثرية ومساعي للحفاظ عليها وإعادة الروح لها

تعد التكية السليمانية في دمشق واحدة من أهم المعالم التاريخية والأثرية في سوريا، حيث تعود بتاريخها إلى العصر العثماني.
ومع ذلك، فإن هذه التحفة المعمارية أصبحت اليوم في قلب جدل واسع بين دعاوى الترميم والحفاظ على التراث من جهة، واتهامات بالتشويه والاستيلاء لصالح المتنفذين من جهة أخرى.

التكية السليمانية.. نبذة تاريخية

تعود التكية السليمانية إلى العهد العثماني، حيث أمر ببنائها السلطان سليمان القانوني عام 1554 في الموضع الذي كان يقوم عليه قصر الظاهر بيبرس المعروف باسم “قصر الأبلق”.
صمم البناء المعماري العثماني الشهير سنان، وأشرف على تنفيذه المهندس ملا آغا في عهد الوالي خضر باشا، فيما بُنيت المدرسة الملحقة بالتكية سنة 1566 في عهد الوالي لالا مصطفى باشا.
تبلغ مساحة التكية 11 ألف متر مربع، وتقسم إلى قسمين: التكية الكبرى وتضم مسجداً ومدرسة، والتكية الصغرى وفيها حرم للصلاة وباحة واسعة تحيط بها أروقة وغرف تغطيها القباب، وكانت مأوى للغرباء وطلبة العلم والفقراء.


وفي عام 1970، خُصصت التكية الصغرى لإقامة سوق للمهن اليدوية والأنتيكا، ومُنح الحرفيون محالها بأجور رمزية، فضمت معمل الزجاج اليدوي، وورشاً لصناعة الموزاييك والفضة والذهب والحلي، وحياكة حرير البروكار.

عمليات الإخلاء وتهجير الحرفيين

في عام 2019، أعلنت المديرية العامة للآثار والمتاحف عن نيتها إعادة تأهيل التكية السليمانية، ما أدى إلى إغلاق 40 متجراً من جهة بابها المطل على المتحف الحربي. وتصاعدت الحملة مع توجيه إنذارات لإخلاء المحال في أكتوبر 2022 وتم تنفيذ قرار الإخلاء بشكل نهائي مطلع 2023، حيث شوهد الحرفيون وهم يحزمون بضائعهم وسط حالة من الحزن والقهر.

التهجير إلى ضواحي بعيدة

وبين الحرفي محمود العطري أنه تم نُقل حوالي 40-70 حرفياً من التكية الصغرى إلى “الحاضنة الثقافية” في منطقة دمر البعيدة عن المركز السياحي، ما عزلهم عن حاضنتهم التاريخية وعن المقاصد السياحية الأثرية.
وأضاف: كما تم إلغاء عقود الإيجار الرمزية، حيث ألغت وزارة السياحة التابعة للنظام البائد عقود الاستثمار مع الشاغلين نهاية عام 2022، وهي عقود كانت تمنح المحال بأجور رمزية لدعم الحرف التراثية، وتم تحويل الحرفيين إلى موظفين.
وأشار إلى أنه سمع من بعض الحرفيين أن الأمانة السورية للتنمية أجرت المحال التاريخية لمقربين من السلطة، مثل زوجات وبنات ضباط في جيش النظام، وتحول الحرفيون الأصليون من مستأجرين إلى مجرد موظفين بالبيع في محالهم القديمة.

الاستيلاء على التكية وتغيير هويتها

ولفت العطري إلى أنه بعد إخلاء الحرفيين، دخل متجر “أبهة” الفاخر -وهو أحد برامج ومؤسسات الأمانة السورية للتنمية- ليكون بديلاً عن أعمال الحرفيين التقليدية. وتمثل “أبهة” أحد العلامات التجارية التي أطلقتها الأمانة، مثل “أزرق” و”ورق من دمشق”، بهدف جمع أكبر عدد من الحرفيين وتحويلهم إلى موظفين يعملون لصالح شركة الحرف التابعة لها.

تغيير طابع المكان وخصوصيته

من جانبه الدكتور عمار عبد الرحيم باحث في التاريخ أشار إلى أن أعمال ترميم التكية التي بدأت فيها وزارة السياحة قبل سقوط النظام البائد تنفذها شركة “دياري” الذراع العقاري التابع للأمانة السورية للتنمية، وكان من المقرر أن تشمل تغييرات جذرية في طابع التكية وخصوصيتها.

حيث يتضمن المشروع

• إنشاء مرأب لسيارات من جهة حي الحلبوني.
• تخصيص مساحات لألعاب الأطفال وتصاميم لشلالات مياه بداخلها إضافة إلى إعادة تأهيل الخدمات من صرف صحي وكهرباء ورصف أرضية.
وبعدة فترة من عمليات الترميم أطلق نشطاء وسوريون على مواقع التواصل الاجتماعي حملات واحتجاجات واسعة، مثل وسم “التكية السليمانية في خطر.. دمشق لن تغفر لكم”، ومجموعة “معاً لحماية التكية السليمانية” التي انضم إليها آلاف الأشخاص خلال أيام.
اليوم بعد مرور قرابة عام على سقوط نظام الأسد وبعد انتصار الثورة السورية فقد سحبت القيادة الجديدة المشروع الاستثماري الكارثي المنفّذ في التكية السليمانية من (الأمانة السورية للتنمية) التي حلّتها في 25 كانون الأوّل/ ديسمبر الماضي، وكلّفت “المديريّة العامّة للآثار والمتاحف” لجنة مختصّة بتقديم تقييم للأعمال التي أنجزت وتقديم المقترحات التي تراها مناسبة لجهة الإشراف ألا وهي وزارة الأوقاف لتأخذ الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على هذا المعلم الأثري العائد إلى منتصف القرن الخامس عشر الميلادي.
وفي الشهر الأوّل من العام الحالي نظّمت فرق من الدفاع المدني أو ما يعرف بـ “الخوذ البيضاء” بالتعاون مع أهالي المنطقة حملة تحت عنوان “رجعنا يا شام” تهدف إلى إعادة الروح إلى نهر بردى والتكية السليمانية وكلّ الأماكن الأثرية والتاريخية الحضارية المحيطة بهما وتحسين المظهر العامّ للعاصمة السورية دمشق.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية
x

‎قد يُعجبك أيضاً

سرقة اللوفر… أدلّة دامغة و150 عينة تركها اللصوص خلفهم تؤشر لقرب اعتقالهم

تم العثور على أكثر من 150 عينة من الحامض النووي “دي إن إيه” وبصمات الأصابع وغيرها في مكان الحادث، وكذلك على خوذة ومعدات قص وقفازات ...