الدراما الاجتماعية السوريّة تستعيد ألقها

 

لين أبو زينة

 

تستعد الدراما السورية لعودة قوية في رمضان 2026 عبر أعمال اجتماعية تعكس التحولات السياسية والاجتماعية الأخيرة. تتضمن العروض مسلسلات مثل «القيصر» الذي يوثّق حقبة النظام السابق، و«مطبخ المدينة» الذي يمزج الكوميديا السوداء بالتراجيديا، وأعمالاً أخرى تتناول قضايا الفساد والتحولات الطبقية، بمشاركة نجوم كبار

 

 

دائماً ما تفرّدت الدراما التلفزيونية السورية عبر تقديم المسلسل الاجتماعي الذي تخطّى دائرة التسلية الرمضانية، خالقاً مساحةً مصقولةً بالرسائل النقدية الاجتماعية والسياسية.

 

بعد غياب لافت، تعود الدراما الاجتماعية السورية بقوة هذا العام، في انعكاس للواقع الجديد على أثر المرحلة السياسية التي تعيشها البلاد، وهو ما سيتجلّى على مائدة الإفطار الرمضاني في موسم 2026.

 

أعمال ذاع صيتها

منذ لحظة الإعلان الأولى عنه تحت اسم «قيصر» (إخراج صفوان نعمو)، وُضع مسلسل «القيصر ـ لا مكان لا زمان» في دائرة الجدل، إلى درجة أنّ بعضهم خرج في تظاهرات في شوارع سوريا، مطالباً بإيقافه (إحالة إلى المصور العسكري السوري فريد المذهان، الذي خدم في نظام الأسد بداية من عام 2000 قبل أن ينشقّ عام 2013) واعتراضاً على قائمة النجوم المشاركين كإسناد دور البطولة إلى النجم غسان مسعود، وهو ما رفضه بعضهم نظراً إلى مواقفه السابقة الداعمة للنظام السوري السابق.

 

يعتمد العمل على قصص حقيقية جرت معالجتها بطريقة درامية توثق حقبة النظام السوري السابق، خصوصاً ما يتعلق بالحرب والاعتقالات في السجون. يتكوّن العمل من عشر ثلاثيات منفصلة، تتناول كل ثلاثية قصة مختلفة بأبطال مختلفين، ما يمنح تنوعاً في السرد ويغني المحتوى الدرامي.

 

وتؤدي بطولة الثلاثيات مجموعة من النجوم منهم: سلوم حداد، وغسان مسعود، وصباح الجزائري، وسامر إسماعيل، وأنس طيارة، ومهيار خضور، ودانا مارديني، وعبد الحكيم قطيفان، وجفرا يونس، وآخرون.

 

وتوزعت كتابة الثلاثيات على عدد من الكتّاب السوريين، أبرزهم: نجيب نصير، وعدنان العودة، وزهير الملا، ولؤي النوري، ومؤيد النابلسي.

أيضاً، انشغل الإعلام بمسلسل «مطبخ المدينة» للمخرجة رشا شربتجي الذي أعلن عنه في العام الماضي. وكانت أزمات عدة طالته منها ما يتعلق بشركة الإنتاج باسميها «سورية الدولية» أو «سما الفن» التي يملكها محمد حمشو، ومنها ما يتعلق بقائمة الأبطال التي شهدت بعض الانسحابات على أثر التأجيلات المتكررة.

 

إلا أنّ الشراكة الفنية الجديدة للكاتبين علي وجيه وسيف رضا حامد، ما تزال تضع العمل في ترويسة السباق الرمضاني. كما إنّ شربتجي كشفت في تصريحات صحافية أنها لم تتأثر بانسحاب سلافة معمار وعبد المنعم عمايري، مشيرة إلى أنّ البطولة آلت إلى أمل عرفة ومكسيم خليل، إلى جانب ولاء عزام، ويامن حجلي، ومحمد حداقي، وخالد القيش.

 

ويدمج العمل بين الكوميديا السوداء والتراجيديا، وتدور أحداثه حول عائلة سورية تدير مطعماً شعبياً، لتنعكس عبره التحولات الاجتماعية والمعيشية التي يعيشها السوريون.

 

ويعود الكاتب سامر رضوان بملف شائك كعادته، تدور حكايته في سجن «صيدنايا»، مستحضراً ما يعرف بقضية «الاستعصاء الشهيرة» في عام 2007، ولن يتطرق إلى الأحداث الأخيرة التي رافقت فتح السجون بعد سقوط النظام السابق لأنّ النص كُتب وانتهى العمل عليه قبل أشهر من سقوط نظام الأسد.

 

وسيشهد طاقم العمل عودة الممثلين المهاجرين منهم جمال سليمان عقب مشاركته الأخيرة في مسلسل «طالع الفضة» الذي عرض في رمضان 2011، كما سيدشن عبد الحكيم قطيفان ظهوره بعد غياب 12 عاماً منذ مشاركته في الجزء الثالث لـ «الولادة من الخاصرة».

 

يذكر أنّ أعمال رضوان تتّسم بإثارة الجدل وبالمواضيع الإشكالية منذ طرحه مسلسل «لعنة الطين» (رمضان 2010). كما دخل ساحة بداية الصراع في سوريا عام 2011 بثلاثية «الولادة من الخاصرة» (رمضان 2011 ــ 2013) منهياً إياها بالتمسك بالتآخي بين السوريين. إلا أنّ مسلسله الأخير «ابتسم أيها الجنرال» (رمضان 2023) وضع تحت مجهر النقاد بسبب وجود بعض العوامل الفنية التي أثرت في جودة العمل، واصفين إياه بأنه «موجّه سياسياً».

 

وكشفت مواقع صحافية فنية عن تحويل رواية «السوريون الأعداء» (تأليف فواز حداد) إلى مسلسل تلفزيوني، على أن يتولّى إخراجه الليث حجو، وتتناول الرواية حقبة بداية الثمانينيات وما تبعها، وما يُعرف بأحداث حماة إلا أن حجو أكّد لنا أنّ لا شيء مؤكد حتى الآن في ما يخصه وكل ما يتسرّب من معلومات حول الممثلين غير صحيح.

 

طرح مواضيع الفساد

تشكل العشوائيات نقطة استقطاب درامية مغرية للكتاب السوريين، وهو ما سيطرحه «عيلة الملك» للمخرج محمد عبد العزيز، في ظل الصراع على السلطة والمال، وقضايا الفساد، وظاهرة «الخوات» الأمنية لتتسع الأحداث وتكشف عن تحولات اجتماعية واقتصادية في بيئة أحد الأحياء الشعبية.

 

ويضم العمل نخبة من نجوم الدراما السورية، أبرزهم سلوم حداد، وشكران مرتجى، وعبد الهادي الصباغ، وديما بياعة، ولجين إسماعيل، وصفاء سلطان، ورنا ريشة، ولينا دياب.

 

كذلك، يقارب مسلسل «سعادة المجنون» (تأليف علاء مهنا، وإخراج سيف السبيعي) ملفات الفساد عبر جريمة غامضة وتتشابك الأحداث بسلسلة من الجرائم داخل بيئة شعبية. ومع تقدم الحلقات، تنكشف علاقات وصراعات عائلية متداخلة تفتح ملفات حساسة مثل التهريب، والفساد القضائي، وتجارة الممنوعات، بمنحى تشويقي وخطّ سردي يغطّي المدة ما بين عامَي 2022 و2024.

 

كذلك، يقدّم مسلسل «نبلاء دمشق» للكاتب يزن الداهوك والمخرج فادي وفائي (بطولة أيمن زيدان، وسامر إسماعيل، ومرام علي) دراما اجتماعية ترصد جانباً تاريخياً وثقافياً من دمشق، ويسلط الضوء على صراعات النخب وتحولات البنية الطبقية.

 

ثنائيات 2026

 

نشاط ملحوظ تشهده الساحة تحضيراً للموسم الرمضاني المقبل، إذ أُعلن أخيراً عن بدء التحضير لمسلسل جديد بعنوان «بـ5 أرواح» من كتابة بلال شحادات وإخراج السوري رامي حنا وإنتاج شركة «صبّاح إخوان»، وبطولة قصي خولي وكاريس بشار. وتدور الأحداث حول شخصية غامضة يجسدها النجم قصي خولي، الذي يظهر بخمسة وجوه مختلفة، يتكشف واحد تلو الأخرى مع مرور الحلقات، لتصل إلى ماضٍ ثقيل فيه الكثير من الغموض والتوتر والعلاقات الإنسانية المعقدة، ضمن إطار الدراما الاجتماعية.

 

ويبقى نجم «الهيبة» تيم حسن محط أنظار الجمهور، إذ سيكون حاضراً في مسلسل «مولانا» (إنتاج «الصباح إخوان») عبر ثنائية جديدة مع نور علي، وقالب تشويقي غير تقليدي مع تأدية شخصيات معقدة، خصوصاً أنّ العمل من تأليف لبنى حداد المعروفة بأعمالها الاجتماعية المركّبة.

 

وسيضم العمل نخبة من النجوم من بينهم منى واصف وعبد المنعم عماير. كما كشف حسن على حسابه الخاص على إنستغرام عن انضمام فارس الحلو إلى فريق العمل بعد غياب طويل عن الدراما السورية.

 

وستدور كاميرا المخرج سامر البرقاوي في المدة المقبلة في لبنان لإنجاز العمل الذي تنتجه «الصباح إخوان» معيدةً شراكة أثمرث مجموعة من النجاحات، منها مسلسل «الهيبة» بأجزائه المتعددة (2017-2020)، ومسلسل «الزند» (2023)، و«تاج» (2024) وأخيراً «تحت سابع أرض» (2025).

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار