آخر الأخبار
الرئيسية » إدارة وأبحاث ومبادرات » الكهرباء …. من التقنين الجائر إلى التعتيم القسري

الكهرباء …. من التقنين الجائر إلى التعتيم القسري

 

طلال ماضي

في الأمس، تم تداول مشروع استيراد عدادات كهربائية ذكية، واليوم رُفعت أسعار استهلاك الكهرباء إلى مستويات قياسية، ما ينذر بمرحلة جديدة ينتقل فيها المواطن من التقنين الجائر — أربع ساعات وصل كهرباء يوميًا للحي بأكمله — إلى واقع تصبح فيه الكهرباء متاحة فقط لمن يملك المال، بينما يُحرم من لا يستطيع شحن العداد الذكي من حقه في الخدمة الأساسية.

صحيح أن استخدام العدادات الذكية هو إجراء متبع عالميًا، ومن شأنه تحسين كفاءة التوزيع وترشيد الاستهلاك، خاصة في مجتمع يفتقر إلى ثقافة التوفير. لكن في المقابل، راتب الموظف السوري لا يقارن بمستويات الرواتب في دول الجوار أو العالم، ما يجعل تطبيق هذه السياسات دون مراعاة للعدالة الاجتماعية أمرًا مثيرًا للقلق.

من التقنين الجائر إلى التعتيم القسري
يبدو أن هناك من يسعى إلى نقل التجربة العالمية إلى سوريا، دون أن يأخذ بعين الاعتبار الفجوة الكبيرة في الدخل، ما يجعل الخدمات متاحة فقط لمن يملك المال. وقد حذرنا سابقًا من أن العقود المبرمة مع شركات استثمار الكهرباء ستُسترد من جيوب المواطنين، ليس فقط عبر الأرباح، بل أيضًا عبر تحميلهم تكلفة الفاقد الكهربائي، الذي يُقدّر بنحو 40% من الاستهلاك، وهو أمر لا يدركه إلا الفنيون في القطاع.

وزارة الكهرباء، عبر منصة “إكس”، أعلنت أن تعديل تعرفة الكهرباء هو خطوة أولى وأساسية في مسار إصلاح المنظومة، معتبرة أن رفع التعرفة مدخل لتحسين كفاءة القطاع وتعزيز استدامته.

لكن الغريب أن الشريحة الأولى من الاستهلاك — حتى 300 كيلو واط خلال دورة شهرين — تُسعّر بـ600 ليرة سورية للكيلو واط، وتقول الوزارة إنها مدعومة بنسبة 60%. في الواقع، المواطن كان يدفع أكثر من ذلك سابقًا رغم التقنين، واليوم يدفع ما يعادل 20% من راتبه لهذه الشريحة، التي تُمنح للجميع دون تمييز، ما يعني أن الدعم لا يزال غير موجه بشكل عادل.

رفع الرواتب لتتناسب مع تكاليف المعيشة
أما الشريحة الثانية — أكثر من 300 كيلو واط، وهو الاستهلاك الوسطي لعائلة من خمسة أفراد — فتصل تكلفتها إلى نحو 700 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 70% من الراتب، بينما تشتري الوزارة الطاقة من المنتجين بأقل من نصف هذا السعر.
الحل المقترح:

إذا كانت الحكومة تتجه نحو التخلي عن الدعم، فإن الخطوة الأولى يجب أن تكون رفع الرواتب لتتناسب مع تكاليف المعيشة، وتوفير الكهرباء لمدة 8 ساعات يوميًا على الأقل. كما يجب التمييز بين الاستخدام المنزلي والتجاري والصناعي، لأن المواطن الفقير يدفع نفس القيمة التي يدفعها صاحب متجر كبير يستخدم أجهزة كهربائية متعددة.

من الواضح أن الشارع السوري يشعر بالخوف والسخط من هذه القرارات، وقد سارعت بعض الجهات الحكومية لتقديم المبررات. لكن الحقيقة أن المواطن لا يبحث عن تبريرات تقنية أو اقتصادية، بل عن مبرر واحد بسيط: أن لا يكون قادرًا على إشعال الضوء في منزله.

(اخبار سوريا الوطن ٢-
(A2Zsyria

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الجزائر.. السجن لوزيرين سابقين بتهم فساد

أصدرت محكمة بالجزائر العاصمة اليوم الثلاثاء أحكامها في ما يعرف بـ”قضية الفساد في الوكالة الوطنية للنشر والإشهار 2″. وقد حكم على الوزير الأسبق للاتصال، جمال ...