بينما تتواصل المساعي الدبلوماسية في القاهرة والدوحة وأنقرة لتفادي انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، تصبّ إسرائيل اهتمامها على استعادة جثث أسراها من داخل القطاع، معتبرة ذلك أولوية مطلقة تتقدّم على ما عداها. ويهدّد التركيز الإسرائيلي على هذا البند حصراً، بتقويض استمرارية الاتفاق، الذي يقوم أساساً على تنفيذ المراحل بالتتابع والانتقال في ما بينها بسلاسة، وهو ما بات صعب المنال في ظل التعقيدات المتزايدة الحالية.
وفي محاولة لتجاوز ذلك التعقيد، تستضيف تركيا اليوم اجتماعاً على مستوى وزراء خارجية الدول التي التقى ممثّلوها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في نيويورك الشهر الماضي. ومن المُنتظر أن يبحث الوفد التركي مع المشاركين أهمية «اتخاذ ترتيبات في أقرب وقت ممكن لضمان أمن الفلسطينيين وإدارتهم لقطاع غزة»، بحسب ما نقلته وكالة «رويترز».
وكانت قالت وزارة الخارجية التركية، إن الوزير حاقان فيدان سيؤكد، خلال الاجتماع، أن إسرائيل «تختلق ذرائع» لإنهاء وقف إطلاق النار، داعياً المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم تجاه ما وصفه بـ«الممارسات الاستفزازية» الإسرائيلية. كما سيسلّط فيدان الضوء على ضرورة تحرك الدول الإسلامية «بتنسيق مشترك» لتحويل وقف إطلاق النار إلى «سلام دائم»، مشدّداً على عدم كفاية المساعدات الإنسانية الواصلة إلى القطاع، وعدم وفاء إسرائيل بالتزاماتها في هذا المجال.
وسيشدّد فيدان كذلك على «أهمية تمكين الفلسطينيين من تولّي مسؤولية الأمن والإدارة في غزة في أسرع وقت ممكن، والحفاظ على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ودعم رؤية حل الدولتين، واستمرار التشاور والتنسيق ضمن مؤسسات الأمم المتحدة». والجدير ذكره، هنا، أن وزير الخارجية التركي التقى، قبل يومين، أعضاء من المكتب السياسي لحركة «حماس» في إسطنبول.
أمّا في مصر، فتوالت التحذيرات، في أثناء الاتصالات المستمرة مع الولايات المتحدة، من أن استمرار إسرائيل في الحصول على ما تريده من دون تنفيذ التزاماتها «أمر لا يمكن القبول به»، وفق ما أكّده مسؤول مصري لـ«الأخبار». وكشف المصدر أن مصر اضطرت إلى تأجيل الإعلان عن موعد مؤتمر إعادة إعمار القطاع بسبب عدم وضوح الموقفين الإسرائيلي والأميركي من هذا الملف، لافتاً إلى أن «ما قدّمته تل أبيب حتى الآن أقل بكثير مما تمّ التفاهم عليه مُسبقاً».
تستضيف تركيا اليوم اجتماعاً على مستوى وزراء الخارجية لبحث مسار «اتفاق غزة»
وعلى المقلب الإسرائيلي، أشارت قناة «كان» إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى التقدّم في مسار تشكيل «قوة دولية» في قطاع غزة، ما ولّد «توتراً» بينها وبين حكومة الاحتلال. ولفتت القناة إلى أن «إسرائيل تعارض أي وجود تركي عسكري في غزة» – باعتبار ذلك محاولة لتثبيت موطئ قدم لتركيا في القطاع -، وترفض أيضاً تشكيل قوة متعدّدة الجنسيات بقرار من «مجلس الأمن»، على غرار «اليونيفل» و«الأندوف» العاملتين في لبنان وسوريا. لكن في المقابل، تلمس تل أبيب إصراراً لدى ترامب على منح أنقرة دوراً في غزة؛ ولذا، تُطرح حالياً عدة خيارات، من بينها نشر قوات تركية غير مسلّحة، أو إشراكها في جهود إعادة الإعمار.
من جهتها، تؤيّد مصر بوضوح إصدار قرار عن «مجلس الأمن» لتحديد طبيعة «القوة الدولية» المنشود نشرها في غزة، رافضة في الوقت ذاته «الاتفاقات المؤقّتة التي تحاول تل أبيب تمريرها من خلال ضمانات أميركية». وأكّد مسؤول مصري رفيع أن «القاهرة لن تنخرط في أي قوة لا تحظى باعتراف دولي من مجلس الأمن، ولا تعمل ضمن مسار مهام واضحة وجدول زمني محدّد، حتى لو خضع ذلك لاحقاً للتعديل»، منبّهاً إلى «مخاطر متعدّدة قد تترتّب على إدخال قوات دولية من دون تفويض دولي، من بينها إمكانية اندلاع مواجهة مباشرة مع قوات الاحتلال، إضافة إلى الجدل المرتبط بتسليح هذه القوات وطبيعة دورها الميداني».
إلى ذلك، أعلنت سلطات الاحتلال، أمس، أن قواتها تسلّمت من «الصليب الأحمر» جثث ثلاثة أسرى أعادتها حركة «حماس». وقال مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان، إن «إسرائيل تلقّت، عبر الصليب الأحمر، نعوش ثلاثة رهائن». ويأتي هذا في وقت نبّهت فيه القاهرة، خلال اتصالات مع الأميركيين، إلى أن عمليات تسليم جثث الأسرى بهذه الطريقة «لا تهدف إلى كسب الوقت وفق ما تحاول تل أبيب تصويرها به»، بل يجب فهمها في سياق «الصعوبات الميدانية على الأرض»، بحسب ما أفاد به مسؤول مصري مطّلع.
وأكّد المسؤول أن القاهرة «طالبت بالسماح بإدخال آليات ومعدّات ثقيلة لتسهيل عملية إخراج الجثث». وفي المقابل، لفتت «كان» إلى أن إسرائيل لا تعتبر قيام حركة «حماس» بتسليم رفات لا تعود إلى أسرى قتلى «انتهاكاً للاتفاق»، لكنها نقلت عن مسؤولين أمنيين اعتقادهم بأن الحركة تملك القدرة على إعادة مزيد من الجثث، إلا أنها «لا تبذل الجهد الكافي» في ذلك.
أخبار سوريا الوطن١-الأخبار
syriahomenews أخبار سورية الوطن
