حسن حردان
هل يشكّل الموقف الإيراني الروسي الصيني الموحد في التأكيد على انتهاء العمل بالقرار الأممي 2231، تحدياً للجهود الغربية الرامية لإحياء “آلية الزناد”، ومؤشراً على تحوّل في العلاقات الدولية، وبوادر ولادة نظام دولي متعدد الأقطاب.
ذلك أنّ هذا القرار الموحد يشكل تطوراً لافتاً، ويعدّ بالغ الدلالة، حيث لأول مرة توجه كلّ من طهران وموسكو وبكين رسالتين منفصلتين، الأولى إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومجلس الأمن الدولي، والثانية إلى رافائيل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، برفض الاعتراف بشرعية أيّ عقوبات غربية على إيران وإبقاء ملفها النووي على جدول أعمال الوكالة.
ما دلالات أن يحظى هذا الموقف بدعم 120 دولة في حركة عدم الانحياز، وهل هو مجرد خلاف دبلوماسي عابر، أم يؤشر الى تحوّل ونقلة نوعية في المواجهة من قبل الدول الرافضة للهيمنة الأحادية الأميركية الغربية، وما يعنيه ذلك من قوة ضغط ذات تأثير كبير، قرّرت الدول المذكورة ان تتحدّى هيمنة نظام القطب الدولي الواحد وتشكك في مصداقيته.
أولاً، دلالات القرار الروسي الصيني الإيراني الموحد…
هذا التطور يعدّ بالغ الأهمية ويتجاوز كونه مجرد خلاف دبلوماسي عابر، حيث يشير إلى عدة دلالات:
الدلالة الأولى، تحدّي الهيمنة الأحادية الغربية: يعكس الموقف الثلاثي نقلة نوعية في المواجهة من قبل الدول التي ترفض الهيمنة الأحادية الأميركية الغربية. إنه يشير إلى قوة ضغط ذات تأثير كبير قرّرت أن تتحدّى هيمنة نظام القطب الدولي الواحد وتشكك في مصداقيته.
الدلالة الثانية، مؤشر على تعزيز الاتجاه نحو ولادة نظام دولي متعدد الأقطاب: التنسيق الاستراتيجي والرسائل المشتركة التي تُرسل لأول مرة بوضوح إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية، مع التأكيد على التفسير القانوني المشترك للقرار، هو مؤشر قوي على تكتل استراتيجي يعزز ولادة نظام دولي متعدد الأقطاب. هذا التكتل يستخدم الأدوات القانونية والدبلوماسية في المؤسسات الدولية لتقويض الإرادة الغربية الأحادية.
الدلالة الثالثة، إنشاء واقع قانوني مزدوج: يرى مراقبون أنّ هذا الانقسام بين القوى الشرقية والغربية حول القرار 2231 يخلق واقعاً قانونياً مزدوجاً، مما يقوّض سلطة مجلس الأمن وقواعد النظام الدولي القائم.
الدلالة الرابعة، الدعم الدولي الواسع: دعم أكثر من 120 دولة في حركة عدم الانحياز لهذا الموقف يمنحه شرعية دولية واسعة تتجاوز الأطراف الثلاثة، ويعكس رفضاً دولياً متزايداً لاستخدام العقوبات الأحادية أو غير القانونية لتسوية الخلافات. هذا الدعم يزيد من قوة الموقف المشترك ويعزز فكرة التعددية القطبية.
ثانياً، تحدي قوي لـ “آلية الزناد”…
انّ الآلية المعروفة بـ “آلية الزناد” (Snapback) تتيح للدول المشاركة في الاتفاق النووي خطة العمل الشاملة المشتركة – JCPOA إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران في حال انتهاكها للاتفاق.
لكن الموقف الموحد الروسي الصيني الإيراني بإبطال تفعيل الآلية أحدث خلافاً قانونياً مع الدول الغربية (الترويكا الأوروبية: فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) التي تسعى لتفعيل هذه الآلية بحجة انتهاك إيران للاتفاق، في حين ترى إيران وروسيا والصين أنّ محاولات تفعيل الآلية باطلة قانوناً وإجرائياً لعدة أسباب، أهمّها أنّ أحكام القرار 2231 المتعلقة بالقيود قد انتهت بموجب الفقرة 8 من القرار نفسه، وأنّ الدول التي أخلّت بالتزاماتها (كأميركا بانسحابها والأوروبيين بعدم تطبيق تعهّداتهم) لا يحق لها استخدام الآلية.
على انّ الموقف الموحد المشترك يضع عقبة سياسية وقانونية ضخمة أمام الدول الغربية، حيث أنّ روسيا والصين، كعضوين دائمين في مجلس الأمن، لن يلتزما بأيّ عقوبات تتمّ إعادتها بهذه الطريقة، مما يعني أنّ الآلية ستفقد فعاليتها وتصبح قراراتها غير ملزمة على المستوى الدولي، باستثناء الدول الغربية وحلفائها.
باختصار، هذا التحرك ليس مجرد نزاع دبلوماسي، بل هو تعبير واضح عن تشكيل محور قوى يسعى إلى إعادة تعريف القواعد الدولية وتوازنات القوى، ويستخدم الخلاف القانوني حول القرار 2231 كساحة معركة لإثبات محدودية الهيمنة الغربية وبداية مرحلة جديدة من التعددية القطبية.. تضع حداً للهيمنة الأميركية الغربية على القرار الدولي، والاستنسابية في تطبيق القرارات الدولية.
(أخبار سوريا الوطن1-الكاتب)
syriahomenews أخبار سورية الوطن
