د.عبد الكريم بكار
كثيرًا ما كنت أتأمل في حياة بعض الناس الذين ينجزون في عامٍ واحد ما لا ينجزه غيرهم في أعوامٍ طويلة.
تجد الواحد منهم يسافر من بلدٍ إلى بلد، ويشارك في مبادرات، ويؤسس مشاريع، ويكتب، ويعمل، ويبدو وكأن يومه أطول من أيام الآخرين.
كنت أتعجب: كيف يستطيع أن يفعل كل ذلك في الوقت نفسه؟
وبعد تأملٍ طويل ومتابعةٍ دقيقة وجدت أن هناك ثلاثة أمور هي التي تصنع هذا الفرق بين الناس:
أولًا: قلّة الملهيات
المنجزون لا يعيشون أيامهم مملوءة بأشياء لا فائدة منها.
لا يقضون الساعات في تصفّحٍ بلا هدف، أو مكالماتٍ لا ضرورة لها، أو نقاشاتٍ عقيمة، أو تفكيرٍ سلبيّ يُرهق النفس.
كل دقيقة عندهم محسوبة.
يفهمون أن الإنجاز لا يحتاج إلى وقتٍ أطول، بل إلى وقتٍ أنقى.
وكلّ ما استطعتَ إزالة هذه الملهيات من يومك، زاد تركيزك، وارتفع إنتاجك، وتحسّن صفاء عقلك وروحك.
ثانيًا: الانضباط والاستمرارية
ليسوا أسرى المزاج ولا ينتظرون “الوقت المناسب”.
لديهم عادة يومية للإنجاز، حتى لو كانت صغيرة.
هم يعرفون أن القليل الدائم هو الذي يبني الحياة الكبيرة.
ولذلك فهم ينظّمون يومهم بين العمل والعبادة والراحة، ويحرصون على ثبات العادات التي تُنمّيهم.
الاستمرارية عندهم ليست خيارًا، بل أسلوب حياة.
ثالثًا: وضوح الهدف والرؤية
المنجز يعرف لماذا يعمل وإلى أين يسير.
كثير من الناس يعيشون بأهداف كثيرة وضبابية، فيتعبون دون أن يصلوا.
لكن من وضحت له غايته، قلّ تردده، وسهُل قراره، وصار وقته أكثر فاعلية.
الوضوح يصنع السرعة، ويمنح صاحبه طمأنينة الاتجاه.
من التزم بهذه الثلاث: صفّى يومه من الملهيات، واستقام على الانضباط، ووضّح هدفه —
سيجد نفسه مع الوقت ينجز أكثر، ويتعب أقل،
ويعيش عمرًا مليئًا بالبركة والمعنى.
(اخبار سوريا الوطن 1-صفحة الكاتب)
syriahomenews أخبار سورية الوطن
