آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » بصمات مبدعة.. دريد لحام.. رحلة 60 عاماً من النجومية

بصمات مبدعة.. دريد لحام.. رحلة 60 عاماً من النجومية

سامر الشغري

تدين الفنون الدرامية في سورية في جماهيريتها ومكانتها إلى فنانين رواد أخذوا على عاتقهم نشر هذه الفنون والارتقاء بها ويأتي في طليعة هؤلاء الفنان الكبير دريد لحام.

سر تفرد هذا الفنان الذي ولد في التاسع من شباط عام 1934 أنه استمر على عرش النجومية طوال ستين عاما فلم يتخل عنه وظل فنان سورية الأول تلفزيونياً ومسرحياً وسينمائياً.

وعبر حوار مطول نشر في كتاب دريد ونهاد الصادر عن المؤسسة العامة للسينما للكاتب الراحل بشار إبراهيم يستعيد فناننا الكبير محطات من رحلته مع الحياة مبيناً أنه من مواليد حي الأمين زقاق الشرفا في دمشق القديمة نشأ في أسرة كبيرة الحجم تضم والده الذي كان فقير الحال وتنقل بين عدة وظائف ووالدته وهي من مشغرة في جنوب لبنان وعشرة أشقاء كان ترتيب دريد بينهم التاسع.

دريد الذي أحب الكوميديا منذ كان طفلاً فكانوا يسمونه مهرج العائلة انخرط في عدة مهن خلال أيام الدراسة ليساعد في مصروف البيت ولكنه عندما نال الشهادة الثانوية ودرس في كلية العلوم بجامعة دمشق بدأت أحواله بالتحسن لأنه انتسب إلى دار المعلمين وصار يتقاضى راتباً شهرياً وهو ما جعله يذهب باتجاه الفنون ولم يعد لديه هاجس مادي.

وفي الجامعة انخرط ضمن فرقة للموسيقا والتمثيل وقدم معها عروضاً حضرها جمهور كبير من بينهم الأديب والإعلامي الراحل الدكتور صباح قباني فاختاره ليكون أحد الفنانين الهواة الذي افتتحوا برامج التلفزيون العربي السوري عام 1961 وهنالك تعرف على الراحل نهاد قلعي.

وكان أول عمل قدمه دريد مسلسل الإجازة السعيدة بالاشتراك مع الراحلين نهاد ومحمود جبر وتاج باتوك وغازي الخالدي ونبيلة النابلسي ومحمود المصري وإخراج خلدون المالح ولكن شخصية الشاب الإسباني (كارلوس ميراندا) التي أداها خلال هذا العمل لم تحقق له النجاح المطلوب فصار يفكر في شخصيات من البيئة الدمشقية تحبها الناس وتتعاطف معها.

وظهرت شخصية غوار الطوشة للجمهور لأول مرة سنة 1961 عبر مسلسل سهرة دمشق الذي قدمه مع نهاد وأخرجه خلدون المالح ويورد دريد أنه اقتبس اسم هذه الشخصية من مستخدم كان يعمل في التلفزيون اسمه غوار الجدعان ولكنه وضع لها لقب الطوشة للدلالة على طابعها المشاكس.

نجاح الثنائي نهاد ودريد حدا بتلفزيون لبنان والمشرق لأن يخرج لهما مسلسلاً كاملاً من 15 حلقة سنة 1963 حمل عنوان (فقاقيع) وشارك فيه نخبة من نجوم الفن في سورية ولبنان أمثال رفيق سبيعي وطلحت حمدي وملك سكر ورينيه فرح وألبير سابا وكان يتناول في كل حلقة ظاهرة اجتماعية سلبية.

ولع دريد برقصات الدبكة جعله يدير فرقة التلفزيون السوري الناشئة للرقص والفن الشعبي فقدم سنة 1961 مع شريكه نهاد أوبريت عقد اللولو ليتحول بعد عامين إلى أول فيلم سينمائي لهذا الثنائي من إخراج يوسف معلوف.

بعد ذلك تتالت الأفلام المشتركة للثنائي وبلغت 26 فيلماً باتت علامة مميزة طبعت السينما السورية عقدي الستينيات والسبعينيات وجذبت نجوم الفن وحققت جماهيرية كبيرة وإن كان غلب عليها الطابع التجاري.

النجاح الثاني الذي حققه دريد ونهاد كان مع مسلسلات لشخصيتي غوار وحسني من (مقالب غوار وحمام الهنا وصح النوم بجزأيه وملح وسكر) التي كانت جميعها من تأليف نهاد وإخراج خلدون المالح عدا حمام الهنا الذي أخرجه العراقي فيصل الياسري وكانت هذه الأعمال عندما تعرض تجعل شوارع المدن العربية تفرغ من المارة على حد تعبير المخرج المالح.

أما في المسرح فبعد سلسلة أعمال قدمها دريد مع نهاد من عقد اللولو ومساعد المختار وقضية وحرامية اتجه إلى المسرح الملتزم وتجلى ذلك بدءاً من مسرح الشوك الذي أسسه الراحل عمر حجو سنة 1968 وكان عبارة عن اللوحات الناقدة.

وحول تعاونه مع الأديب الراحل محمد الماغوط يذكر دريد أنه تعرف عليه بعد حرب تشرين التحريرية حيث اتفقا على العمل معاً لتقديم عروض تحاكي آلام الناس وآراءهم في الأحداث الكبرى بمنطقتنا فظهرت مسرحيات كتباها وتولى دريد إخراجها بدءاً من (ضيعة تشرين) و(غربة) التي تزامن عرضها مع مرض نهاد و(كاسك يا وطن) و(شقائق النعمان) وظهر فيها السعي إلى تقديم مسرح غنائي هادف وتجلى نجاحها بعروضها التي طافت العالم.

نجاح هذه المسرحيات شكل دافعاً لدريد لإخراج أفلام سينمائية مختلفة عن أعماله السابقة بالتعاون مع الماغوط فظهر فيلما (التقرير) و(الحدود) الذي نال جوائز في مصر وإسبانيا كما قدما معاً مسلسلين تلفزيونيين هما وادي المسك ووين الغلط وشارك في إخراجهما خلدون المالح.

وعقب مرض نهاد وتوقف التعاون مع الماغوط صار على دريد أن يقدم أعماله بالتعاون مع شركاء آخرين ففي المسرح قدم العصفورة السعيدة وصانع المطر والسقوط وفي السينما الكفرون والآباء الصغار وسيلينا ودمشق وحلب وفي التلفزيون الدغري وأحلام أبو الهنا وعودة غوار وعائلتي وأنا وممكن لحظة وأيام الولدنة وسنعود بعد قليل وبواب الريح والخربة فضلاً عن أعمال أخرى شارك فيها دون أن يؤدي دور البطولة.

وبعيداً عن الفن كان لدريد حضور لافت فيما شغله من مناصب فكان أول نقيب للفنانين في سورية وسفيراً للنوايا الحسنة في منظمة اليونيسيف وأول مدير لمهرجاني دمشق للفنون المسرحية والأغنية السورية.

ويعد فناننا الكبير من أكثر الشخصيات السورية التي نالت جوائز وتكريمات من وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة إلى أوسمة من أقطار الأردن وليبيا ولبنان وتونس وجائزة التمثيل الكبرى من مهرجان الإسكندرية السينمائي ودرع مهرجان القاهرة للإعلام العربي وغيرها الكثير.

وبعد أكثر من 100 عمل قدمها دريد تمثيلا وإخراجاً وتأليفاً والتي كان فيها الوطن والإنسان همه الأول فإنه بحق أيقونة سورية خالدة في سماء الفن العربي.

سيرياهوم نيوز 6 – سانا

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وإنّما أولادُنا بيننا.. أكبادُنا تمشي على الأرضِ … في يوم الطفل العالمي.. شعراء تغنوا بالطفولة

  قد تجف أقلام الأدباء وتنضب أبيات الشعراء ولا ينتهي الحديث عن جمال الأطفال وذكريات الطفولة في عمر الإنسان؛ فالطفولة عالم مملوء بالحب والضحك والسعادة، ...