في عالم يتجه نحو المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة تبرز ظاهرة نفسية اجتماعية تستحق التأمل وهي غيرة الرجل من نجاح زوجته هذه الظاهرة التي قد تبدو للبعض من مخلفات الماضي، لا تزال موجودة في أشكال مختلفة، وإن تلوّنت بمساحيق الحداثة والتحضر.
جذور الظاهرة
تقول الاختصاصية الاجتماعية سوسن السهلي: إن جذور هذه الغيرة تعود إلى عوامل متشابكة تاريخية واجتماعية ونفسية. فمن الناحية التاريخية، تربى الأجيال على نموذج الرجل المعيل الذي يحمل مسؤولية إعالة الأسرة، بينما تمثل دور المرأة في رعاية البيت والأطفال. عندما تنجح الزوجة في مسارها المهني وتتفوق مادياً أو اجتماعياً، قد يشعر الزوج بأن دوره التقليدي مهدد، ما يثير لديه مشاعر القلق وانعدام الأمن.
ولفت السهلي إلى أن غيرة الرجل تتخذ من نجاح زوجته أشكالاً متعددة، منها على سبيل المثال النقد الدائم: قد يلجأ الرجل إلى انتقاد تصرفات زوجته الناجحة باستمرار، والبحث عن نقاط ضعفها لمحاولة تقويض ثقتها بنفسها أو التقليل من الإنجازات التي تحققها الزوجة على الصعيد المهني ووصفها بأنها “صغيرة” أو “عابرة”.
ومقارنة نفسه بها بشكل سلبي، ما يزيد من شعوره بالنقص.
أو اللجوء إلى ما يعرف بالانسحاب العاطفي أي الابتعاد عاطفياً وجسدياً كوسيلة للتعامل مع مشاعر عدم الأمان وغالباً ما يقوم الزوج بعرقلة تقدمها بمختلف الطرق غير المباشرة، كالتذمر الدائم من انشغالها بالعمل.
وعن الآثار السلبية لهذه الغيرة آثار مدمرة على العلاقة الزوجية بينت السهلي أنه قد تؤدي إلى تدمير الثقة بين الزوجين وتخلق بيئة مشحونة بالتوتر والمنافسة غير الصحية إضافة إلى حرمان الأسرة من الاستفادة من الإنجاز المادي والمعنوي للزوجة و قد تصل في بعض الحالات إلى انهيار الحياة الزوجية
نحو علاقة صحية
ولفتت السهلي إلى أنه يمكن تحويل هذه التحديات إلى فرص لتعزيز العلاقة الزوجية من خلال إعادة تعريف النجاح و فهم أن نجاح أحد الطرفين ليس على حساب الآخر، بل هو إثراء للحياة المشتركة واعتماد أسلوب التواصل المفتوح لمناقشة المشاعر والمخاوف بصراحة ومن دون اتهامات وتقبل فكرة تبادل الأدوار والتكامل في المسؤوليات والمشاركة في الاحتفال بالإنجازات و اعتبار إنجازات الزوجة مصدر فخر للأسرة بأكملها والعمل على تعزيز الثقة بالنفس لدى الطرفين.
ليست حتمية
ونبهت السهلي بأن غيرة الرجل من نجاح زوجته ليست حتمية، لكنها نتاج تراكمات اجتماعية ونفسية يمكن التغلب عليها والعلاقة الناجحة تقوم على الشراكة الحقيقية، حيث يكون نجاح أي من الطرفين مصدر دعم وسعادة للآخر.
في عالم يتغير بسرعة يحتاج الأزواج إلى إعادة تعريف مفاهيم النجاح والقيمة والأدوار، لبناء شراكات زوجية قائمة على الاحترام.
قد يرتبط هذا الشعور لدى الزوج تجاه زوجته بعوامل تتعلق بصفات شخصيته ومنها عدم الثقة بالنفس وبالقدرات والشعور بالدونية لأسباب قد تعود إلى طفولته. وقد تتفاقم هذه المشاعر في حال لفتت زوجته الأنظار بحضورها وإنجازاتها. كما إنها قد تصبح أكثر سوءاً إذا كان الزوج لا يقوم بأي عمل يجعل الجميع يتحدثون عنه.
syriahomenews أخبار سورية الوطن
