آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » رجالات .. تكتب تاريخ النصر

رجالات .. تكتب تاريخ النصر

فاتن أحمد دعبول :
أن تكتب مذكراتك وسيرتك الذاتية هو ربما ضرب من الرفاهية، ولكن أن تقترن حياتك بمرحلة هامة من تاريخ بلادك ودورك في الوقوف إلى جانب الوطنيين المجاهدين في سبيل دحر العدو، فهي سيرة تستحق أن تروى للأجيال وتكون صفحات مشرقة في سفر الزمن.
وفي كتاب” مذكراتي عن الثورة والقتال” يقف محققه ومحرره ومقدمه د. فاروق اسليم، عند السيرة الذاتية للشيخ المجاهد يوسف السعدون، قائد المنطقة الأولى في ثورة الشمال، والذي ولد سنة 1892 في قرية تليل الشرقي التابعة لمحافظة أنطاكية في لواء اسكندرونة العربي السوري، وتربى في كنف عائلة عربية تراعى فيها التقاليد والشيم العربية والقيم الإسلامية، فكان مولعا بالعلوم الدينية ومطالعة كتب التراث العربي الأدبية والتاريخية، وكان مع ذلك فارسا يجيد ركوب الخيل والرماية وفنون الصيد.
يقول الكاتب: عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى عام 1914 تطوع السعدون من تلقاء نفسه لمحاربة الإنكليز وحلفائهم في العراق، وامتدت مشاركته أربع سنوات متتالية، ولما بدأت الحملات الفرنسية الاستعمارية على الساحل السوري عام 1918 كان من أوائل المبادرين إلى التصدي للفرنسيين، ثم انضم إلى ثورة القائد إبراهيم هنانو، ولكن بعد توقف الثورة بسبب نقص الإمدادات والذخيرة لجأ الشيخ السعدون إلى تركيا مع نخبة من الثوار المجاهدين، وأجبر على العيش في عينتاب عندما حكم عليه الانتداب الفرنسي بالإعدام.
وكان في الآن نفسه يرفض كل المغريات التركية” أموال طائلة، أملاك كثيرة، رئاسة مجلس الحكم الذاتي في لواء اسكندونة مع كرسي نيابي دائم في مجلس الأمة التركي يورث إلى أبنائه وأحفاده من بعده”، وآثر متابعة العمل العربي بثبات وشجاعة، فما كان من الأتراك إلا مصادرة أملاكه جميعها والحكم علية بالإعدام، مادفعه للهرب إلى شمال حلب ليتوارى عن الأنظار، فحرقت السلطات التركية منزله وكل موجوداته.
ورغم ذلك شارك الشيخ السعدون بقيادة الثورة على الفرنسيين في كفر تخاريم وإدلب وجسر الشغور عام 1945 قبل الجلاء، واختار بعدها الإقامة في سلقين قريبا من مسقط رأسه إلى أن وافته المنية في العام 1980.
ويوضح الكتاب الصادر عن اتحاد الكتاب العرب، أهمية نشر مذكرات الشيخ يوسف السعدون وفاء لبطولاته وأصحابه في ثوراتهم ضد الانتداب الفرنسي، لأن هذه المذكرات تتضمن إضافات تاريخية مهمة تجعلها مصدرا موثوقا علميا ومتفردا برواية أحداث شهدها السعدون وقاد أكثرها بنفسه، إضافة إلى مرويات أخذها الشيخ مشافهة عن مشاركين بأحداث الثورة، ومافيها من نقل عن مذكرات المجاهد الثائر نجيب عويّد، الذي كان قائد القطاع المركزي في ثورة الشمال.
ويبين د. اسليم أن نشر هذه المذكرات يشكل منجزا ثقافيا وتاريخيا موثوقا، لقراءة أحداث ثورة الشمال بقيادة الزعيم إبراهيم هنانو، ولرسم صورة أكثر فهما وعمقا لذاتنا ولعلاقتنا مع الآخر التركي والفرنسي بخاصة.
وهي في الآن نفسه مذكرات تجمع بين ذكر الوقائع والأحداث ووعيه المؤسس على ثقافة هي في مجملها وليدة بيئة شعبية ريفية أصيلة وواسعة الانتشار، وأن تلك المذكرات تعبر عن السلوك الثوري للسعدون، وهي وثيقة أصيلة في التعبير عن وعي قائد وطني وشعبي عرف بجرأته وشجاعته ونزاهته وتضحياته في سبيل نيل وطنه سورية الاستقلال.
والكتاب الذي يقع في 345 صفحة من القطع الكبير، يضم بين دفتيه الكثير من الوقائع والمعارك التي وقعت إبان الاحتلال الفرنسي بتفاصيل توثيقية هي الأقرب للمدونة التاريخية لعلها تكون مرجعا حيا وذكرى للأجيال القادمة في سرد هو الأقرب للتعبير الأدبي المؤثر في المتلقي.

سيرياهوم نيوز 6 – الثورة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وزارة الثقافة تعلن أسماء الفائزين بجوائزها الأدبية لعام ٢٠٢٤

    أعلنت وزارة الثقافة -الهيئة العامة السورية للكتاب أسماء الفائزين في جوائزها الأدبية لعام 2024.   وحاز جائزة عمر أبو ريشة للشعر الشاعر علّام ...