غالباً ما يُفهم القلق الاجتماعي على أنه خوف من التفاعلات الاجتماعية، لكنّه في الحقيقة يرتبط أكثر بنظرة الشخص إلى ذاته وبخوفه من أن تكشف المواقف الاجتماعية عيوبه المتخيَّلة. وكما تشرح مجلة Psychology Today، فإن هذه الأصوات الداخلية الناقدة قد تجعلنا نشعر بأننا غير كافين أو بأنّ هناك دائماً خطباً فينا، ما يعيق قدرتنا على التصرّف بعفوية والتمتّع بحضورنا بين الآخرين.
بعض الأشخاص يجدون في الكحول وسيلةً لإسكات هذا الصوت الداخلي. فبعد كأس أو اثنتين، تتراجع الأفكار السلبية ويبدو التواصل أسهل. إلا أنّ هذا «الحل السريع» يتحوّل مع الوقت إلى حلقة مفرغة تزيد القلق بدلاً من تخفيفه، لأن السبيل الحقيقي لتجاوزه هو مواجهة هذه الأصوات لا الهروب منها.
في ما يلي، تقدّم Psychology Today ثلاث خطوات عملية تساعد على كسر هذه الحلقة والتعامل مع القلق الاجتماعي بوعي وهدوء.
1. تعرّف/ي إلى ناقدك الداخلي
خلف القلق الاجتماعي غالباً ما يختبئ صوت داخلي صارم يُعلّق على كل حركة وكلمة، محاولاً «حمايتك» من الإحراج أو الفشل. يُسكتك كي لا تقولي شيئاً «غبيّاً»، أو يهمس في أذنك أن «تتوقفي عن المشي بهذه الطريقة المضحكة».
هذا الصوت يشبه الوالدين المفرطين في الحماية: نياته طيبة، لكنه يسرق منك القدرة على الاستمتاع والراحة.
الخطوة الأولى هي الإصغاء لهذا الصوت وفهم طبيعته، لا لمحاربته بل للتعرّف إليه. إدراك مصدر هذه الأفكار يخفّف من سلطتها عليك.
2. حدّد/ي بدقّة أسوأ مخاوفه
أمرٌ يجب معرفته عن الناقد الداخلي: رغم أن مخاوفه تبدو قوية ومقنعة، فهي غالباً ما تكون غامضة وعامة. إنه مثل وحش بالون هائل: مُرهب بضخامته، لكنه في الواقع مملوء بالهواء.
أفضل طريقة لتفريغ وحش بالون القلق الاجتماعي هي «التحديد».
اسأل نفسك: ما أسوأ ما يمكن أن يحدث؟
«ما أسوأ ما قد يحدث إن قلتُ شيئاً لا يبدو ذكياً؟»
«ما أسوأ ما قد يحدث إن كانت طريقتي في المشي فريدة قليلاً؟»
توقّع أن يقاوم ناقدك الداخلي. قد يصرخ:
«الجميع سيظن أنني غبية وغريبة الأطوار!»
لكن لا تدع نبرة «أنا أعلم ما أقول» تُقنعك. واصل الحفر في التفاصيل:
*مَن هم «الجميع»؟
*مَن تقصد بـ«الناس»؟
*ما الشيء الرهيب تحديداً الذي سيحدث؟
وتأكّد من التقاط عبارات التعميم لديه مثل «دائماً»، «أبداً»، «الجميع»، و«لا أحد».
إن كنت محظوظاً، قد تكفي الدقّة وحدها لتُقلّص «بالون» قلقك الاجتماعي إلى حجم قابل للإدارة. لكن غالباً سنحتاج إلى خطوة إضافية لتفريغ مزيد من الهواء. وهذا يقود إلى «التفكير بثلاثة أسئلة».
3. ناقش/ي ناقدك الداخلي بثلاثة أسئلة واضحة
ما ينزع سلاح الناقد الداخلي ليس «التفكير الإيجابي»، بل «التفكير الواضح».
ما ينزع سلاح الناقد الداخلي ليس «التفكير الإيجابي»، بل «التفكير الواضح».
بعد أن صغّرتَ الناقد الداخلي بتسمية أسوأ سيناريو لديه، حان وقت محاكمته—كأنك محامٍ.
كثيرون يحاولون محاربة الخوف بتوكيداتٍ إيجابية. لكن ما ينزع سلاح الناقد الداخلي ليس «التفكير الإيجابي»، بل «التفكير الواضح».
إليك 3 أسئلة تعيد صفاء التفكير:
*ما مدى سوء ذلك حقاً؟
*ما هي الاحتمالات؟
*كيف يمكنني التكيّف؟
لنفترض أنك كشفت في الخطوة 2 أن خوف الناقد هو: ستقول شيئاً غبياً في حفلة المكتب، نصف القاعة سيسمع، وقد يقرّر البعض، ومنهم مديرك، أنك «غير ذكي».
السؤال #1: ما مدى سوء ذلك حقاً؟
قد يقول ناقدك: «ستُفصل غداً». نعم، هذا ممكنٌ تقنياً. ونعم، سيكون ذلك مُجهِداً. لكن…
السؤال #2: ما هي الاحتمالات؟
كم مرة يُفصل الناس فعلاً لأنهم قالوا شيئاً غير لامع في حفلة؟ احتمال ضعيف جداً. هذا ما يُسمى «إزالة التهويل» (decatastrophizing).
عقولنا تُهوِّل. تقفز إلى أسوأ نتيجة ممكنة وتقنعنا بأنها حتمية. هذا سلوكٌ تطوري من نمط «السلامة أولاً». لكن في القلق الاجتماعي، تكون الاحتمالات عادةً أقل بكثير مما يدّعيه الناقد.
السؤال #3: كيف يمكنني التكيّف؟
حتى لو حدث شيء مُحرِج، في إمكانك التعامل معه. الحقيقة أنك نجوت من كل المصاعب والتحديات حتى الآن. وعلى الأرجح ستتمكن من إدارة هذا أيضاً.
يدور هذا السؤال الأخير حول تذكير نفسك بقدرتك ومرونتك.
الخلاصة
التغلّب على القلق الاجتماعي ليس بالأمر الفوري، بل عملية تحتاج إلى وعيٍ وممارسةٍ متكرّرة. لكنّها ممكنة. فحين نتعلّم تسمية صوتنا الداخلي، تحديد مخاوفه، ومناقشته بوضوح، نصبح أقدر على الوجود في المواقف الاجتماعية بسلام وثقة، من دون الحاجة إلى أي كأس لنسكت ذلك الصوت.
أخبار سوريا الوطن١- الأخبار
syriahomenews أخبار سورية الوطن
