آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » ما أسباب تأخر إقلاع الاستثمارات المحلية والخارجية وما طرق علاجها ؟

ما أسباب تأخر إقلاع الاستثمارات المحلية والخارجية وما طرق علاجها ؟

ميس حمزة بركات :

 

خلافاً لسنوات مضت انتهج فيها الاقتصاد المحلي سياسة “المراوحة في المكان” والقالب الاقتصادي الثابت غير القابل للتحرك إلّا فيما ندر بقرارات ليلية لرفع أسعار المشتقات النفطية، نجد اليوم نهج الاقتصاد الحر وخصخصة بعض مؤسسات القطاع العام هو السيناريو المرسوم والمتّبع لإعادة بناء اقتصاد جديد ومؤسسات اقتصادية قوية تخضع في أدائها للحوكمة والشفافية.

 

ففي الوقت الذي كانت أخبار الاقتصاد المحلي بعيدة كل البعد عن اهتمامات وأولويات المواطن السوري، نجد اليوم الغالبية العظمى من السوريين يراقبون عن كثب السياسات الاقتصادية التي تُبنى شيئاً فشيئاً على أمل إعادة دوران عجلة الاقتصاد من جديد، بالتالي إنعاش الواقع المعيشي المتردي لسنوات طويلة.

 

 

 

استثمارات ضخمة

يدأب الاقتصاديون على التأكيد عبر منصات الأخبار على أن ما شهدته العاصمة في الأشهر الماضية من اتفاقيات ومنتديات استثمارية يعكس مدى استعداد الدولة لاحتضان الاستثمارات وانتشال الاقتصاد المحلي من ركام السنوات التي أودت به إلى الهاوية، إضافة إلى سعيها الجاد في توفير ظروف مواتية لإحراز تقدم ملموس على هذا الصعيد، منوّهين إلى أهمية الخطط التي تتبناها الحكومة لخصخصة الشركات الوطنية وإدراجها في الأسواق المالية، ناهيك عن محاولة إعادة بناء الاقتصاد بأسلوب أكثر استدامة عبر استثمارات ضخمة وإصلاحات في الحكم والإدارة الاقتصادية فاقتصادنا الوطني بأمس الحاجة اليوم لتدفق مشاريع استثمارية حقيقية تأخذ بيده وتوقظه من غيبوبة طويلة الأمد.

 

ويلفت الاقتصاديون في أحاديثهم إلى أنه بات من الضروري تقديم رؤية واقعية ومتزنة لمستقبل الاقتصاد السوري ترتكز على فهم عميق للمتغيرات الداخلية والخارجية التي تؤثر في اقتصادنا، وذلك وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها الاقتصاد السوري، وعقبات الإقلاع الجوهري بعمليات الإنتاج، والانكماش والتضخم بارتفاعات متتالية بالأسعار لمعظم السلع (مقارنة برفع جوهري لأسعار الكهرباء وتخفيض بأسعار البنزين والمازوت والغاز).

 

نظرة داخلية وخارجية

الدكتور سعد بساطة “مستشار غرفة صناعة حلب”، استعرض في تصريح لـ “الثورة” العديد من النواحي الرئيسية لإيجاد رؤية واقعية لمستقبل الاقتصاد السوري، إذ يجب أن نأخذ بعين الاعتبار النظرة الداخلية وما تتضمنه من القطاعات الاقتصادية الرئيسية “صناعة وزراعة وسياحة وخدمات”، إضافة إلى تأثير العقوبات الاقتصادية وكيفية التكيف معها والتفاؤل بزوالها تدريجياً، كذلك الموارد البشرية وضرورة تحسين مهارات القوى العاملة وتأهيلها من خلال المساعدات الفنية من المنظمات الدولية، في المقابل تتضمن النظرة الخارجية التطورات الإقليمية والدولية وتأثيرات الصراعات والتحالفات الاقتصادية الكبرى، والتأرجح بأسعار البترول، إضافة إلى أهمية البحث عن طرق تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول المجاورة والصديقة بمؤازرة العمل على إعادة الإعمار.

 

هوية اقتصادنا

ولفت بساطة في حديثه إلى أهمية اتباع نهج الاقتصاد المختلط من خلال الدمج بين القطاعين العام والخاص “مع استثمار أجنبي”، ومع تقديم الدعم للصناعات الثقيلة والزراعة كونها دعائم أساسية، لافتاً إلى أهمية اتباع استراتيجيات التعافي والنمو التي تبدأ بإصلاح السياسات الاقتصادية وجذب حقيقي للاستثمارات مع استعادة البنية التحتية وتأهيل المدن، إضافة إلى دعم وتطوير قطاعات جديدة مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة.

 

ولم ينف وجود جملة من التحديات التي تواجه النهوض بالاقتصاد المحلي، أهمها تمويل إعادة الإعمار وضرورة البحث عن مصادر تمويل عـربية ودولية ومحلية، كذلك أهمية مكافحة الفساد من خلال تعــزيز محاربته ودعـم الشفافية وتحسين بيئة الأعمال.

 

تحديات داخلية وخارجية

كما عرّج بساطة في حديثه إلى الرؤية المستقبلية القصيرة الأمد، والمتوسطة والطويلة، وما تحمله كل رؤية من معنى، فمن الضروري التركيز على الاستقرار الاقتصادي بغـية تأمين الحاجات الأساسية، إضافة إلى تنفيذ إصلاحات هيكلية وتشجيع الاستثمار.

 

أما الرؤية الطويلة الأمد فتهدف إلى تأميــن نمو دائم ومستمر مع تنوّع اقتصادي، وبناءً على هذه النقاط، يمكن صياغة رؤية شاملة تركز على التعافي التدريجي والتنمية المستدامة، مع الأخذ بعين الاعتبار التحديات الداخلية والخارجية، لافتاً إلى أن المرحلة قصيرة الأمد تركـّز أساساً على الاستقرار الاقتصادي وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطن، إذ تهدف إلى ضمان توفر الغذاء والدواء والوقود للمواطنين، مع كبح التضخم وتثبيت الأسعار من خلال السياسات النقدية والمالية المناسبة، إضافة إلى إعادة تفعـيل القطاعات الجوهرية من خلال إعادة ترميم وتشغيل المصانع المتوقفة، وتوفير المواد الخام، ودعم المزارع وتوفير البذور ووسائل الري مع الأسمدة، وإعادة تشغيل المدارس والمستشفيات والخدمات العامة، ناهيك عن أهمية تفعيل برامج ومشاريع طارئة لتوفير فرص عمل للعاطلين بعـد إعـادة تأهيلهم، مع تقديم القروض والتسهيلات للشركات الحرفية والصغيرة والمتوسطة.

 

مشكلات المرحلة

وفي خضم حديثه عن المرحلة قصيرة الأمد، أشار بساطة إلى أهم الإجراءات التي يجب اعتمادها في هذه المرحلة من تقديم مساعدات مالية مباشرة للأسر المتضررة مع توفير المواد الغذائية والوقود والطاقة والخدمات (طبابة ؛ تعليم)بأسعار مدعومة، إضافة إلى تبسيط الإجراءات الإدارية وتقليل البيروقراطية، واستصدار قوانين مرنـة لدعم الاستقرار الاقتصادي، مع ضرورة طلب المساعدات الإنسانية من المنظمات الدولية، وإعادة جدولة الديون بغـية تخفيف العبء المالي.

 

الخبير الاقتصادي استعرض أبرز المشكلات التي تواجه المرحلة الراهنة كون الدولــة تواجه صعــوبة بتوفير التمويل اللازم، إضافة لوجود تحديات في تأمين المساعدات الدولية، كذلك الأمر فإن الدولة اليوم بحاجة هائلة لإصلاحات كبيرة في البنية التحتية الأساسية قبل أن تتمكن القطاعات الاقتصادية من العمل بكامل طاقتها.

 

قانون استثمار

الدكتور زياد عربش لم يبتعد في حديثه معنا عن رؤية الدكتور بساطة بالتأكيد على الحاجة اليوم إلى تصور اقتصادي واقعي، يعيد البلد إلى سكة التعافي والنمو”، فهذا التصور يجب أن يُبنى على قراءة دقيقة لهوية الاقتصاد السوري وخصائصه، مع الإلمام بديناميكية التحديات، فتطوير منظومة تشريعية بنهج اقتصادي جديد يفترض تبني قوانين استثمار حديثة تشجع المستثمر المحلي وقبل دخول رؤوس الأموال المغتربة وتوفر بيئة قانونية مستقرّة وشفافة، مشيراً إلى أن “قانون الاستثمار في سوريا 2025” يُعد خطوة مهمة في هذا الاتجاه، حيث يقدم تسهيلات وإعفاءات ضريبية وضمانات للمستثمرين المحليين والأجانب، مثل حرية تحويل الأرباح وتملّك المشاريع بالكامل، ولكنه يواجه تحديات تطبيقية تتعلق ببطء الإجراءات، وتداخل التشريعات، وبممارسات عفى عنها الزمن ولا تتوافق مع عصر التحول الرقمي.

 

بطء التنفيذ

وفي حديثه عن المشاريع الاستثمارية المحلية أشار عربش إلى أن أهم مسألة تجب معالجتها بتروٍّ هي تأخر الاستثمارات المحلية والخارجية عن الإقلاع، وذلك بفعل عدة عوامل متشابكة منها استمرار حالة عدم الاستقرار الكلي، وضعف البنية التحتية، والعقوبات الاقتصادية التي تعيق حركة رأس المال والتجارة، وأيضاً نقص الثقة بالبيئة الاستثمارية نتيجة غموض التشريعات وكثرة المعوقات الإدارية.

 

كما أن غياب مشاريع جادة على أرض الواقع، رغم توقيع العديد من الاتفاقيات يعود إلى بطء عمليات التنفيذ، تحديات التمويل، والتنسيق بين الجهات الحكومية والمستثمرين، بالتالي إن أهم تعديل لقانون الاستثمار يجب أن ينصبّ على تعزيز الحوكمة، وضمان نزاهة تطبيق القوانين، وتفعيل القضاء التجاري، بالإضافة إلى تبسيط الإجراءات وتوفير حماية قانونية حقيقية للمستثمرين لضمان بيئة استثمارية جاذبة ومستقرة.

 

تذليل العقبات

عربش نوّه إلى أنه ومن خلال إنعاش الاقتصاد عبر الاستثمارات الخارجية يجب استعجال تنفيذ الاتفاقيات الموقعة إلى مشاريع ملموسة على أرض الواقع تسهم في إعادة الإعمار وتوفير فرص العمل وتحريك عجلة الاقتصاد، فبعض المشاريع بقيت حبراً على ورق، وبعضها تغيرت ظروف وجدوى المشروع، وما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لتذليل العقبات التنفيذية والإدارية، سيظل هذا الهدف بعيد المنال رغم الإمكانيات المتاحة، بالتالي، فالخطوة الأساسية تبدأ بإنشاء منظومة تشريعية واقتصادية جديدة تراعي عوامل الاستقرار والشفافية، مع تعزيز الثقة بين المستثمرين والدولة، وكذلك وضع خطة تنفيذية واضحة تضمن تحويل المشاريع الاستثمارية إلى واقع ملموس ينعش الاقتصاد السوري.

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الثورة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

دمشق تستعيد دورها الإقليمي وتستضيف لجنة النقل في “الإسكوا” بعد غياب أكثر من 15 عاماً، والوزير “يعرب بدر” يفتتح الاجتماع الثلاثاء القادم

  تستضيف العاصمة السورية دمشق يومي 25 و26 تشرين الثاني/نوفمبر 2025 أعمال الدورة السادسة والعشرين للجنة النقل واللوجستيات التابعة للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي ...