آخر الأخبار
الرئيسية » العلوم و التكنولوجيا » حين يخرج الذكاء الاصطناعي عن السيطرة ويقود أول هجوم سيبرانيّ

حين يخرج الذكاء الاصطناعي عن السيطرة ويقود أول هجوم سيبرانيّ

 

سُكينة السمرة

 

في سابقة تُنذر بمنعطف جذري في مشهد الأمن السيبراني العالمي، كشف تقرير تقني حديث عن أول هجوم تجسسي إلكتروني نفّذه الذكاء الاصطناعي بشكل شبه مستقل، مستهدفاً عشرات المؤسسات الكبرى من التكنولوجيا إلى التمويل، من دون تدخل بشري يُذكر.

 

 

 

 

في منتصف سبتمبر/ أيلول 2025، رصدت شركة أنثروبيك نشاطاً مشبوهاً ليتضح لاحقاً أنه حملة قرصنة متطورة للغاية، نفذها مساعد الذكاء الاصطناعي كلاود. استهدفت الحملة حوالى 30 مؤسسة، وعلى رغم أن عدداً قليلاً فقط من عمليات الاختراق نجح، إلّا أن الجزء المثير للاهتمام هو كيفية تنفيذ الهجمات.

 

 

فالخطورة تجلّت في أنه لم يستخدم الذكاء الاصطناعي كمساعد أو أداة تحليل، بل كـ”وكيل” ينفّذ سلسلة عمليات معقّدة ككتابة شيفرات الاختراق، وسرقة كلمات المرور، واستخراج البيانات الحساسة، وغيرها، وكل ذلك بسرعة تفوق قدرة أي فريق بشري. وفي حين أن المُشغّلين البشريين قدّموا إشرافاً استراتيجياً، لكن مُعظم الأنشطة العملية كانت موكولة للذكاء الاصطناعي.

 

 

 

هجمات لا تشبه البشر

 

بحسب التقرير، اعتمد المهاجمون على أداة “Claude Code” التي جرى “تطويعها” عبر ما يُعرف بكسر الضوابط، من خلال تقسيم المهمات إلى خطوات صغيرة ومضلّلة كي لا يدرك النموذج أنه يقوم بعمل ضار. كما أُوهم النظام بأنه ينفّذ اختبارات أمنية دفاعية لصالح شركة حماية سيبرانية. وما إن خضع النموذج للخداع، حتى بدأ بالعمل ذاتياً:

 

– فحص الأنظمة المستهدفة

 

– تحديد أهم قواعد البيانات

 

– كتابة الشيفرات الهجومية اللازمة

 

– جمع البيانات وفقاً لقيمتها الاستخباراتية

 

– إعداد توثيق شامل للهجوم

 

 

 

– إنشاء ملفات للبيانات المسروقة والأنظمة التي تم تحليلها.

 

 

 

وتالياً، نفّذ الذكاء الاصطناعي 80 إلى 90 في المئة من العملية، مع تدخل بشري متقطع ومحدود. وفي ذروة الهجوم، كان الذكاء الاصطناعي في مستوى من السرعة “مستحيل على أي فريق هاكرز بشري مجاراته”، كما وصف تقرير الشركة.

 

 

 

 

 

 

نقطة تحوّل في تاريخ الأمن السيبراني

 

 

يعتبر هذا الهجوم أول دليل عملي على أن الذكاء الاصطناعي أصبح قادراً، ليس على دعم الهجمات السيبرانية فحسب، بل على تنفيذها بالكامل تقريباً، بما يشكل نقلة خطيرة في ميزان القوى الرقمية. فالحواجز التي كانت تتطلب خبرات بشرية كبيرة لتنفيذ عمليات اختراق معقدة، بات يمكن تجاوزها عبر أنظمة تعمل ذاتياً، تتعلم بسرعة، وتكتب الشيفرات اللازمة للهجوم والدفاع.

 

هذا التطور يعني عملياً أن مجموعات صغيرة أو حتى أفراداً محدودي الخبرة قد يصبحون قادرين قريباً على تنفيذ هجمات كانت تحتاج سابقاً إلى فرق ضخمة ووقت طويل.

 

 

 

سلاح هجومي ودفاعي في آن واحد

 

 

رغم أن الحادثة تسلّط الضوء على خطورة استخدام الذكاء الاصطناعي في الهجمات، إلا أنها تؤكد أيضاً أن الأدوات نفسها ضرورية للدفاع. فقد استخدمت فرق أنثروبيك الذكاء الاصطناعي أيضاً لتحليل البيانات الهائلة الناتجة من الهجوم بسرعة غير ممكنة بشرياً، مؤكدة أن المعركة اليوم أصبحت “ذكاءً اصطناعياً ضد ذكاء اصطناعي”.

 

فما حدث ليس حادثة معزولة بل بداية نمط جديد من الهجمات، وأن قدرات “الوكلاء” ستستمر في النمو بسرعة قد تفاجئ حتى الخبراء. وفي وقت تتسابق فيه الدول والشركات على تطوير نماذج أكثر قوة، يبدو أن الأمن السيبراني يدخل مرحلة مختلفة بالكامل.

 

 

 

هل خرجنا عن السيطرة؟

 

 

 

يحذّر الخبير في التحوّل الرقمي والذكاء الاصطناعي، رولان أبي نجم، في حديثٍ الى “النهار”، من الخطورة المتنامية لاستخدامات الذكاء الاصطناعي في مجالات الاختراق والهجمات الإلكترونية.

 

 

ويوضح أنّ “المسألة تتعلق أولاً بما يُعرف بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وهي مجموعة من القواعد والمبادئ التي يفترض أن تمنع الأنظمة الذكية من تنفيذ أعمال غير قانونية أو المساعدة فيها، مثل تعليم كيفية صناعة قنبلة نووية أو اختراق الأنظمة المصرفية”. لكنّ الخطير في الأمر، كما يقول، هو أنّ هذه الأخلاقيات في نهاية المطاف ليست سوى برمجيات، ويمكن تجاوزها إمّا عبر اختراقها تقنياً وإما بالتحايل عليها.

 

 

ويشير إلى أنّ ما حدث أخيراً يدخل في إطار التحايل، ويرى أنّ هذه الظاهرة تمثل خطراً بالغاً، لأنها تُظهر هشاشة الأنظمة الحالية، حتى تلك التي تخضع للحوكمة والرقابة الصارمة. فإذا كان بالإمكان التحايل على هذه الأنظمة المنظمة، فكيف ستكون الحال مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي المنتشرة في الإنترنت المظلم (Dark Web)، حيث لا وجود لأي رقابة أو ضوابط؟ هذه التطبيقات، بحسب أبي نجم، يمكن أن تُستخدم وتُستغل في أعمال إجرامية خطيرة.

 

كذلك بلفت إلى أنّ ما يجري اليوم يبيّن مدى سهولة استخدام الذكاء الاصطناعي من القراصنة لتنفيذ عمليات اختراق متطورة من دون الحاجة إلى جهد تقني كبير. ويضيف أنّ هذا التطور يكشف أيضاً مدى ضعف الشركات التي لا تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، إذ أصبحت أكثر عرضة للهجمات السيبرانية مقارنة بالشركات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي في رصد الثغرات وإصلاحها وحماية بياناتها.

 

 

ويختم أبي نجم مستشهداً بما قاله رجل الأعمال الأميركي مارك كوبان: “إذا كنت لا تعرف الذكاء الاصطناعي، فسوف تفشل”.

 

 

إنها حقبة جديدة، تطرح سؤالاً مركزياً: هل العالم مستعد للدفاع عن هجمات يقودها ذكاء اصطناعيّ؟

 

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الحكومة الأميركية تطلب أمرا قضائيا بتفكيك أنشطة غوغل في الإعلانات الإلكترونية

طلبت الحكومة الأميركية من قاض فدرالي الجمعة إصدار أمر بتفكيك أنشطة غوغل في مجال الإعلانات عبر الإنترنت بحجة أن التغييرات التي وعدت بها مجموعة التكنولوجيا ...