القاضي حسين حمادة
منذ تولّي السيد أحمد الشرع منصبه رئيسًا انتقاليًا، شدّد على ضرورة الانتقال من عقلية الثورة إلى عقلية بناء الدولة.
ولما كان هذا التوجّه ليس صائبًا فحسب، بل شرطٌ لا غنى عنه لأي عملية انتقالية تسعى إلى إعادة تأسيس دولة حديثة تقوم على القانون والمؤسسات.
واليوم، وبعد مرور ما يقارب عامًا على ذلك التوجّه، بات من الضروري التذكير بأن الدولة لا تُبنى بذهنية فصائلية، ولا بمنطق الغلبة، ولا بثقافة المغامر السياسي، بل عبر كفاءات وطنية مهنية تمتلك الخبرة والنزاهة والقدرة على صياغة المستقبل ، فالدولة تُشيَّد اساساً عبر مؤسسات قوية، وقوانين واضحة، وسياسات وطنية متوازنة تقوم على قاعدة المواطنة والمصلحة العامة ، وهذا يقتضي بالضرورة القيام بخطوات جوهرية ذات طابع دستوري وقانوني للانطلاق، وفي مقدمتها مايلي:
أولاً: اختيار نموذج حكم مختلط يجمع بين:
• رئيس منتخب بصلاحيات محدودة، لضمان التوازن وصون الديمقراطية.
• برلمان يمثل الشعب قادر على ممارسة صلاحياته السياسية والتشريعية بحرية واستقلالية.
• حكومة وحدة وطنية مؤلفة من تكنوقراط، مسؤولة أمام البرلمان
ثانياً: صياغة دستور جديد يقوم على:
• مبدأ الفصل بين السلطات لضمان عدم تركز السلطة.
• ترسيخ قيم الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والمواطنة المتساوية لكل السوريين دون تمييز.
ثالثاً: إعادة بناء المؤسسات السيادية للدولة والمجتمع على أسس وطنية وقانونية متكاملة، من خلال إصدار منظومة تشريعية شاملة ، ومنها مايلي :
• قانون مجلس النواب
• قانون السلطة القضائية
• قانون الجيش والقوات المسلحة
• قانون قوى الأمن الداخلي
• قانون الأحزاب السياسية
• قانون الانتخابات العامة
• قانون الإدارة المحلية
• قانون العدالة الانتقالية
• قانون العزل السياسي
• قانون التشريع الضريبي
• قانون الاستثمار
• قانون التربية والتعليم
رابعا : إلغاء أو تعديل القوانين والمواد القانونية التي تمنع او تعرقل التطور السياسي والاجتماعي والاقتصادي ، ومنها مايلي :
● المرسوم التشريعي رقم (40) المؤرخ 2/5/1966 الذي قضى بمنح حصانة من الملاحقة القضائية لبعض الموظفين الحكوميين.
● المرسوم التشريعي رقم (69) المؤرخ 30/9/2008 المتضمن حصانة للشرطة، والجمارك، والأمن السياسي من الملاحقة، وتعديلاته، وخاصة المرسوم رقم (55) المؤرخ 21/4/2011.
● المرسوم التشريعي رقم (64) تاريخ 30/9/ 2008، الذي أكد على محاكمة عناصر قوى الأمن الداخلي، وشعبة الأمن السياسي، والضابطة الجمركية على الجرائم، التي يرتكبونها في أثناء تأدية مهماتهم أمام القضاء العسكري، بأمر من وزير الدفاع.
● المرسوم التشريعي رقم (63) الذي قضى بمنح أجهزة الأمن والشرطة في معرض التحقيقات، التي تجريها بشأن الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي، والخارجي، والجرائم الواردة في قانون الإرهاب الطلب خطياً إلى وزير المالية اتخاذ الاجراءات التحفظية على الأموال المنقولة، وغير المنقولة للمتهم.
● القانون رقم (49) المؤرخ 7/7/1980 المتعلق بالإخوان المسلمين.
● قانون مناهضة أهداف الثورة رقم (6) لعام 1964، والذي يعاقب بالإعدام كل من يخالف أهداف حزب البعث.
● قانون أمن حزب البعث رقم (53) لعام 1979، صدر هذا القانون لحماية عناصر حزب البعث وممتلكاته، ونص على عقوبات مشددة تصل إلى حد الإعدام.
● قانون الإرهاب رقم (19) لعام 2012، صدر هذا القانون بتاريخ 2/7/2012، تحت مسمى مكافحة الإرهاب، والمجموعات الإرهابية، واحتوى على (15) مادة تضمنت في معظمها عقوبات شديدة تراوحت بين عشر سنوات، والمؤبد، وصولاً إلى الإعدام، وهذا القانون يستهدف بالدرجة الأولى ناشطي حقوق الإنسان، والمعارضين السياسيين لنظام الأسد.
● محكمة الإرهاب التي أحدثت بالقانون رقم (22) الصادر بتاريخ 26/7/2012، لتحل مكان محكمة أمن الدولة العليا السيئة السمعة، وقد أعفاها القانون من التقيد بالأصول القانونية، فلا يسمح مثلاً للمحامي تصوير ملف القضية، ويجري استجواب المتهمين فيها بطريقة مُهينة، وكذلك طريقة تعامل القضاة مع المحامين، وكأنها فرع أمني وليست محكمة.
● المرسوم التشريعي رقم (109) تاريخ 17/8/1968 المتضمن إحداث محاكم الميدان، وتجري فيها المحاكمات فيها بصورة سرية، ولا يسمح لأحد بمراجعتها، أو الترافع أمامها، وتصدر أحكامها بصورة مبرمة غير قابلة لأي طريق من طرق الطعن.
● قانون التظاهر الذي صدر بالمرسوم التشريعي رقم (54) تاريخ 21/4/2011، حيث فرض دفع غرامة 50 ألف ليرة سورية على من يحض على المشاركة في اجتماع خاص، ومئة ألف ليرة سورية على المشاركة في التظاهرات، وقد أطلق عليه السوريون تهكماً “بقانون منع التظاهر”.
● المرسوم التشريعي رقم (20) وتاريخ 2/7/2012، ويعاقب هذا المرسوم بتسريح الموظف في الدولة، وحرمانه من المعاش التقاعدي، إذا ثبتت إدانته بحكم قضائي بالقيام بأي عمل إرهابي.
● النصوص القانونية التي تحجب حق التقاضي، كما هو الحال في المادة (107) من قانون تنظيم مهنة المحاماة لعام 2010، التي سمحت لمجلس الوزراء بحل المؤتمر العام، ومجلس النقابة، ومجالس الفروع في حالة انحراف أي من هذه المجالس، أو الهيئات عن مهماتها، وأهدافها، ويكون هذا القرار غير قابل لأي طريقة من طرائق المراجعة، أو الطعن، ونجد مثل هذا الحجب أيضاً في كافة القوانين المنظمة للنقابات.
● المادة (7) من مرسوم الاستملاك رقم (20) لعام 1983، التي نصت على عدم جواز الطعن بمرسوم الاستملاك، وهناك كثير من النصوص المشابهة التي لم يتسنّ لنا ذكرها.
● قانون الجنسية / المرسوم التشريعي رقم (276) لعام 1969 وتعديلاته، الذي جعل من وزارة الداخلية، والأجهزة الأمنية صاحبة القرار دون السلطة القضائية.
● قانون ضريبة الدخل رقم (24) لعام 2003، والمراسيم المتعلقة به، الذي ساهم بالإعفاء النسبي لأصحاب الرساميل الكبيرة، وتحميل إيرادات الدولة للموظفين، وصغار الكسبة.
● قوانين التربية، والتعليم التي ساهمت في انفلات الحالة التعليمية، وجعلها بيد بعض التجار، وفقدت الشهادات قيمتها العلمية.
● القانون رقم (3) لعام 1976، الخاص بمنع الاتجار بالأراضي، الذي حرم المالك من التصرف بملكه.
● القانون رقم (1) لعام 2003، الخاص بمنع البناء في المناطق غير المنظمة، ودون وجود مخططات تنظيمية، وتسليط موظفي قطاعات مجالس المدن على المواطنين لابتزازهم.
● المرسوم رقم (60) الخاص بتنظيم العقارات الواقعة خارج المخططات التنظيمية، وعمل هذا القانون على سلب ملكية أصحاب العقارات، ومنحها لأصحاب النفوذ تحت عنوان الجمعيات السكنية.
● القانون رقم (20) الخاص باستملاك العقارات للنفع العام، لكنه طبق خلاف أسبابه الموجبة.
● القانون رقم (8) لعام 2007، الخاص بالاستثمار، والذي لم يهتم سوى بسيارات الاستثمار التي استفاد منها التجار المقربون من السلطة.
● المرسوم (66) لعام 2012، والقانون رقم (10) لعام 2018، المتعلقين بالتنظيم العقاري، والهدف المعلن منهما هو إنشاء مناطق تنظيمية ضمن المخطط التنظيمي، إلا أن صدوره في هذا الوقت قد أثار مخاوف كبيرة لدى ملايين السوريين، وبخاصة النازحين، والمهجرين الذين يخشون من ضياع ممتلكاتهم، بسبب عدم تمكنهم من إثبات ملكياتهم في المناطق التي سيجري تنظيمها، وخصوصاً أن كثيرين منهم ملاحقون بسبب مواقفهم المعارضة للنظام، ولا يجرؤون على العودة إلى سوري
خامسا : إصدار انظمة داخلية لكافة وزارات الدولة وهيئاتها العامة، لضمان تنظيم العمل المؤسسي وتحقيق الكفاءة والمساءلة.
#ياسادة
ان بناء الخطط وتنفيذ البرامج يفترض ابتداءً وجود مؤسّساتٍ وطنيةٍ راسخة، ذات طابع علمي ومهني، قادرةٍ على الاضطلاع بهذه المهام
لذا فإن انشغال السوريين اليوم بطرح برامج عمل للمؤسسات القائمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لا ينطلق فقط من الحاجة إلى هذه البرامج والخطط ، بل يحمل في طيّاته رسائل واضحة تعبّر عن عدم القناعة بهذه المؤسسات القائمة, ولا بأدائها، ولا بالقائمين عليها ولا بالشيخ المشرفة عليها
(اخبار سورية الوطن 2_صفحة الكاتب)
syriahomenews أخبار سورية الوطن
