تُوّج مصمّم الأزياء اللبناني العالمي فؤاد سركيس بلقب أفضل مصمّم أزياء لعام 2025 ضمن حفل جوائز (The Best) الذي أقيم بنسخته الثانية عند سفح أهرام الجيزة. ويأتي هذا التقدير ليُعزّز مكانة سركيس كواحد من أكثر المصمّمين تأثيراً وانتشاراً على الساحة العربية، ولا سيما بعد مشاركته المميّزة في تصميم أزياء افتتاح المتحف المصري الكبير في بداية شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2025، حيث نفّذ 12 إطلالة موزّعة بين نجمات، نجوم رجال، وأبطال رياضيين عالميين.
موهبة استثنائيّة
مسيرة سركيس لم تكن يوماً عادية؛ فمنذ طفولته كشف عن شغفه بالتصميم عبر أول قطعة أنجزها وهو في الثانية عشرة من عمره، قبل أن يطلق مجموعته الأولى في سن السادسة عشرة، لتتزيّن بها أشهر نجمات لبنان والعالم العربي. وقد رسّخ سركيس حضوره لاحقاً بمشاركته في لجنة تحكيم ملكة جمال لبنان، وبانتشار تصاميمه عالمياً عبر مجلات مرموقة مثل (Book Moda) الإيطالية، ما أكسبه لقب “مصمّم النجوم”. ولا يزال الجمهور العربي يتذكر توقيعه البارز على أزياء النجمة شيريهان في “فوازير رمضان”، والتي شكّلت علامة فارقة في تاريخ الأزياء التلفزيونيّة.
افتتاح المتحف المصري الكبير
يعرف فؤاد سركيس كيف يقرأ شخصية المرأة، ويترجمها إلى تصاميم تحمل هويّة واضحة وأناقة لا تخطئها العين. في كل تصميم، يقدّم مزيجاً من الأنوثة والقوّة، ما قاده إلى هذا المشروع الطموح في افتتاح المتحف المصري الكبير الذي يربط بين الماضي والحاضر.
تجربة فريدة من نوعها، خصوصاً وان المصمّم استلهم الأزياء التي نفّذها من الحضارة الفرعونية، كاشفاً جانباً آخر من قدرته على ابتكار تصاميم تتجاوز حدود الزمن وتعيد سرد التاريخ بلغة القماش والخطوط الراقية.
رحلة بحث داخل المتاحف والتراث
لابتكار أزياء من وحي حضارة الفراعنة، لم يكتفِ سركيس بالمراجع النظرية؛ بل خاض رحلة بحث عميقة في كتب التاريخ والمخطوطات، قبل أن ينتقل إلى المتاحف حيث وقف ساعات أمام التماثيل الفرعونية يتأمل النقوش وتجاويف الحجر.
يقول في حديث لـ”النهار”: “أردت أن أفهم كيف فكّر الفنان القديم وكيف ترجم رؤيته إلى تمثال خالد. كل تفصيل كان بالنسبة لي مصدر إلهام”.
هذا التعمّق منح التصاميم روحاً أصيلة تعكس عبق الحضارة، من دون أن تفقد عصرية القصّات التي تشتهر بها أعمال سركيس.
سباق مع الوقت…
ورغم أنّ المشروع تطلّب بحثاً غنياً، واجه المصمّم تحديّاً كبيراً: الوقت. ويسرد تفاصيل تلك التجربة: “كان أمامي شهر واحد فقط لإنجاز العمل كاملًا”. ويضيف: “لكن الالتزام بالجودة جعلني أعمل بوتيرة مكثفة لأحافظ على الجمالية والدقّة في كل تفصيل”.
ومع ذلك، جاءت النتيجة متقنة، تحمل مزيجاً من الحرفية، التراث، والخيال.
لوحة الألوان… بين الأزرق والفيروزي والذهب
اعتمد سركيس لوحة ألوان ترتكز على الدرجات التي ارتبطت بالحضارة الفرعونية: الأزرق العميق، الفيروزي، الأبيض، والذهبي.
هذه الألوان، التي تشكل جزءاً من رمزية ذلك العصر، تحضر في التصاميم بمقاربة حديثة تجعل الفستان قطعة يمكن ارتداؤها في مناسبات متعدّدة، متناغمة مع اتجاهات موضة 2025.
دمج البحر بالتراث… رؤية مبتكرة
التحدّي الأكبر كان الجمع بين الهوية الفرعونية وروح البحر. يقول سركيس: ” كان المطلوب ابتكار تأثير بصريّ يجمع الماء والأسطورة… عملت على هذا الدمج بوعي حتى لا أفقد هويّة أيٍّ منهما”. والنتيجة: خطوط انسيابيّة تحاكي حركة الأمواج، مع تفاصيل ذهبيّة تستحضر ملوك الفراعنة.
امرأة فؤاد سركيس… عصرية، حرّة، ومفعمة بالأنوثة
بالنسبة لسركيس، المرأة هي مركز الرؤية. هي امرأة تبحث عن فستان له إطلالة ملكيّة ولكنه مريح وعمليّ ويمكن ارتداءه في أكثر من مناسبة: “المرأة العصريّة هي ملهمتي بالدرجة الأولى، تلك التي تمشي بثقة أينما ذهبت”.
بين العالميّة والهويّة الشرقيّة
يتبع سركيس اتجاهات الموضة العالميّة لكن مع مراعاة خصوصيّة المحيط والطابع الشرقي الذي يعمل له. ويقول: “هناك عادات وتقاليد وحدود لا يمكن تجاوزها، ولكن تبقى المرأة أساس كل تصميم، لأنها النجمة في النهاية”.
التناقض في الألوان
رغم انتشار الألوان الترابية هذا الموسم، آثر المصمّم خلق تباينات لافتة بينها وبين الذهبي والأحجار الملوّنة، معتمداً على مبدأ التناقض الذي يبرز حركة الفستان ويمنحه حيويّة على المسرح أو السجّادة الحمراء، وهو ما يعكس توقيعه الخاص.
نهضة الموضة العربية
يرى سركيس أن العالم العربي يعيش اليوم موجة تطور غير مسبوقة في مجال الموضة، ولبنان برغم كل الظروف لا يزال في الطليعة: “نحن نعيش نهضة كبيرة في الموضة العربيّة، خصوصاً في الشرق الأوسط. ولبنان كان دائماً في طليعة هذا المشهد وقدّم أسماء تفوّقت عالمياً… واليوم نحن أمام جيل جديد يعيد تشكيل هوية الأزياء العربية بجمال غير مسبوق مع بروز مواهب جديدة في الخليج وعدّة دول عربيّة، وأتمنى أن تنطلق الموضة العالميّة مستقبلاً من الشرق وتحديداً لبنان”.
من تصاميم فؤاد سركيس لافتتاح المتحف المصري الكبير
أخبار سوريا الوطن١-النهار
syriahomenews أخبار سورية الوطن
