لم يعد العالم ينتظر نشرات الأخبار ليعرف الحقيقة، فكل هاتف اليوم محطة إعلامية، وكل منشور قادر على إحداث أثر لا يقل عن أثر خبر عاجل.
وفي هذا الفضاء المزدحم بالغضب، والانفعال، والتضليل… يصبح الإعلام الإيجابي أكثر من ضرورة: إنه صمام أمان يحمي المجتمع من الانقسام.
الكلمة اليوم قادرة على أن تُشعل ناراً… أو تُطفئ خوفاً. قادرة على بناء جسر بين الناس… أو هدم آخر ما تبقى من ثقتهم ببعضهم.
ولهذا، يصبح السؤال الملحّ: هل نستخدم المنصات لبناء وطن… أم لتهديد وحدته؟
“اضبط نفسك… قبل أن تضبط كلماتك”
الإعلامي عبد الباسط وسوف يذهب إلى قلب المشكلة مباشرة قائلاً: الخطر ليس في المنصة… بل في الشخص الذي يقف خلف الشاشة، فإدارة الذات هي أساس كل خطاب مسؤول. إن لم نضبط انفعالنا، ستفلت منا كلمات تصنع شرخاً لا يمكن إصلاحه.
يرى وسوف أن الإعلامي الحقيقي يبدأ من الداخل، من قدرته على تهدئة صوته، تجنب الشخصنة، والتحرر من ردود الفعل السريعة التي تحوّل الحوار إلى معركة.
ويضيف: الكلمة ليست قوة إلا إذا استخدمناها بوعي. وبلا وعي… تصبح السلاح الأخطر في زمن الفتن.
لذلك، يعتبر وسوف أن كل حساب شخصي هو منصة إعلامية، وأن كل مستخدم حتى دون قصد يمتلك تأثيراً قد يقود نحو التهدئة.. أو نحو أزمة جديدة.
الإعلام مشروع وعي
الإعلامية سهى درويش تتفق مع وسوف، لكنها تذهب أبعد من ذلك لتؤكد أن الإعلام اليوم يشبه خط الدفاع الأول عن المجتمع، قائلة:الإعلام الذي يكتفي بسرد الحدث هو إعلام عاجز، والمطلوب صناعة وعي يحمي الناس من الانجراف خلف خطاب الكراهية، مشددة على أن مواجهة الطائفية تتطلب خطاباً مبنياً على:
معلومات دقيقة.
لغة لا تحرّض ولا تستفز و تحترم جميع مكوّنات المجتمع.
مسؤولية أخلاقية قبل المهنية.
الحفاظ على هوية واحدة، لا هويات متصارعة.
وتختم برؤية واضحة: نحن لا نكتب لنملأ الفراغ… نحن نكتب لنحمي الناس.
القارئ… صانع الخطاب
لم يعد القارئ الحلقة الأخيرة في سلسلة الإعلام؛ هو اليوم شريك مباشر في تشكيل الوعي العام، فمنشور واحد قد يوقف انتشار معلومة كاذبة، وتعليق واحد قد يمنع شرارة تحريض، ومشاركة قصة إيجابية قد تزرع أملاً في وقت يحتاج الناس فيه إلى كلمة تَرفع لا كلمة تُقسّم.
كل قارئ اليوم هو جزء من المسؤولية، وكل كلمة يكتبها تقود المجتمع خطوة نحو التسامح… أو نحو الانقسام.
نحو حضور إعلامي يصنع المحبة… لا الخصام
الإعلام الإيجابي ليس شعاراً ولا رفاهية. إنه ضرورة في زمن تتسارع فيه الأخبار وتتكاثر فيه الأصوات، وعندما يختار الإعلامي الاعتدال، ويقرر القارئ نشر الكلمة الجيدة، يتحول الفضاء الرقمي إلى مساحة تبني مجتمعاً لا تهزه الطائفية ولا يهدمه التحريض.
إنها معركة وعي… تنتصر فيها الكلمة المسؤولة دائماً.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية
syriahomenews أخبار سورية الوطن
