آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » مفاعل ديمونة كيف حققت فرنسا الحلم النووي الإسرائيلي وهل نتمكن من تقويض هذا الحلم؟

مفاعل ديمونة كيف حققت فرنسا الحلم النووي الإسرائيلي وهل نتمكن من تقويض هذا الحلم؟

بقلم:بسام الخالد
للإجابة على هذا السؤال سأعرض مقتطفات من قصة بناء مفاعل “ديمونة الإسرائيلي” ودور الدول الاستعمارية، وخاصة فرنسا، التي يبرز اسمها في الواجهة كإحدى الدول الاستعمارية التي ابتلينا بها طويلاً، تلك الدولة هي التي أكملت المشروع الاستعماري الاستيطاني للدولة العبرية بعد بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، فقد حققت بريطانيا وعدها المشؤوم المسمى “وعد بلفور” والمتمثل بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وأمّنت الولايات المتحدة الدعم القانوني والمساعدات العسكرية والحماية الدولية لإسرائيل، بينما عملت فرنسا على مدِّ الكيان الصهيوني بأسباب البقاء الدائم وقوة الردع من خلال بناء المفاعل النووي لإسرائيل في ديمونة بصحراء النقب وهو أخطر فعل تقوم به ضد العرب.
 وإذا ما عدنا إلى القصة التي رواها شمعون بيريز في كتابه: “كطائر الرمل”، وهو مصطلح بالعبرية يرمز إلى الشخص الذي لا ييأس أبداً، تتضح لدينا الوقائع!
 هذا الكتاب يمثل السيرة الذاتية لشمعون بيريز، وهو من تأليف البروفيسور” ميخائيل بار زوهر” ومن إصدار دار نشر “يديعوت أحرونوت”، والذي يروي قصة إقامة المفاعل النووي في ديمونة، والذي لعب شمعون بيريز دوراً مركزياً في بنائه، يقول مؤلف الكتاب:
 “مساء الرابع والعشرين من تشرين الأول- أكتوبر 1956، وقف كل من رئيس الوزراء ووزير الدفاع الإسرائيلي ديفيد بن غوريون، ومدير عام وزارة الدفاع شمعون بيريز، في غرفة الضيوف، في فيلا مرفهة، في مدينة “سيفر” الفرنسية، وفي الطرف الآخر من الغرفة، جلس وزير خارجية فرنسا كريستيان بينو، ووزير دفاعها موريس بورجوس مونوري، وفي الغرفة المجاورة اجتمع عدد من الفرنسيين مع رئيس الأركان موشيه دايان، وعملوا على وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاقية التي سيتم توقيعها بعد وقت قصير بين إسرائيل وفرنسا  وبريطانيا، وستحدد التفاهم فيما بينهم حول “عملية سيناء” (التسمية الإسرائيلية للعدوان الثلاثي على مصر عام 1956م)، لكن قبل قليل من مراسم التوقيع على الاتفاقية، قال بيريز لـ بن غوريون:  (أعتقد أنني أستطيع القيام بذلك الآن).. وعلى الفور أعطى بن غوريون موافقته.. فقطع بيريز الغرفة إلى الطرف الآخر، متجهاً إلى بينو وبورجوس مونوري قائلاً: إن إسرائيل تخاطر بوجودها بانضمامها إلى فرنسا وبريطانيا، وهي بذلك تجذب نحوها عداء العالم العربي كله، الأمر الذي سيهدد وجودها.. إنها بحاجة إلى قوة رادعة، وفرنسا قادرة على إعطائها هذه القوة الرادعة”، القصد كان واضحاً للجميع.. فبقوله “قوة رادعة”، قصَد بيريز بناء قوة نووية!
 لقد كان طرح الموضوع قبل التوقيع على المعاهدة بدقائق معدودة، بمثابة إشارة واضحة للفرنسيين، بأن هذا المطلب هو شرط أساسي لكي توقع إسرائيل على الاتفاقية وتشارك في العدوان الثلاثي، وإذا لم يوافق الفرنسيون على هذا المطلب، يمكن أن تعيد إسرائيل النظر في موافقتها على المشاركة في العملية.
 طلبُ بيريز لم يكن مسبوقاً، فلم يحصل أن بَنَت دولة ما مفاعلاً نووياً لدولة أخرى، ولم تزودها باليورانيوم وتقنيات التشغيل، فخاف الفرنسيون من التزام كهذا، لكن، وفي ساعات المساء من يوم 24  تشرين الأول – أكتوبر، تغير الوضع، فقد كان بيريز يعرف جيداً كيف يستغل الوضع مقابل الخدمات التي تقدمها إسرائيل، وكان يعرف أن سرّ النجاح يكمن في التوقيت السليم.
 بعد عدة دقائق عاد الفرنسيان، وقال له بينو: “أنت تعرف أن مشكلتنا الأساسية هي اليورانيوم”.. فأجابه بيريز: “لا تبيعونا اليورانيوم، بل أعيرونا إياه، وسنعيده لكم بعد استخدامه”.. عندها قال له بينو: “إذا كان الأمر كذلك فأنا مستعد لتوقيع الاتفاقية حالاً”!
 لكن الحكومة الفرنسية سقطت في مساء اليوم نفسه، ومع ذلك وُقّعَت الاتفاقية بعد سقوط الحكومة ولكنها أُرّخت في اليوم السابق لسقوطها!
 عند انتهاء العملية العسكرية، وقبل خروج (جيش الدفاع الإسرائيلي) من سيناء، عاد بيريز إلى باريس لإتمام المهمة.
 وفي 12 كانون الأول تم التوقيع على الاتفاقية الأولى، حيث تعهدت فرنسا بموجبها أن تزود إسرائيل بمفاعل ذري بطاقة 40 ميغاواط، وتساهم في بنائه، وكذلك تعهدت بأن تعيرها 385 طناً من اليورانيوم الطبيعي، اعتباراً من العام 1960، ثم تلت هذه الاتفاقية اتفاقية سرية ثانية نصت بشكل واضح على تعاون بين الدولتين لإنتاج سلاح نووي.
 الدعم الفرنسي لبناء المفاعل استمر، بكامل طاقته، مدة ثلاث سنوات وخطط مهندسون فرنسيون المفاعل وبنوا مصنعاً لفصل البلوتونيوم، كما أسهم علماء وأخصائيون فرنسيون آخرون في عملية البناء.
بعدها.. كان من الطبيعي أن تقوم إسرائيل بإكمال مشروعها بمفردها بعد أن أكملت فرنسا كل مكوناته الأساسية الهامة وقدمتها هدية قيّمة لإسرائيل لتحفظ بقاءها بقوة ردع دائمة تهدد بها العرب.
ما تحقق لإسرائيل بمباركة الولايات المتحدة ومساعدة فرنسا.. لماذا يُحظر على كوريا وإيران.. أم أن الدولتين لا تحققان توازناً (اقتتالياً) للمشروع الأمريكي كما تحققه الهند والباكستان؟!
وهنا نتساءل: لماذا لانحوّل قوة ردع إسرائيل النووية إلى قوة رعب تقضُّ مضاجعها؟!
(سيرياهوم نيوز-صفحة الكاتب ٢٦-٤-٢٠٢١)
x

‎قد يُعجبك أيضاً

الديناصور الإسرائيلي الثقيل وحزب الله الرشيق ٠ مالم يتوقعه الديناصور ٠

نارام سرجون         صار من الواضح ان قبعة الساحر نتنياهو لم يعد فيها أي قدرة على ادهاش الحضور والجمهور .. فاذا نظرنا ...