باسل علي الخطيب…
نحن عندما تكلمنا ونتكلم في الشأن العام، نتكلم من مبدأ المحبة والحرص والغيرية، و يسوق كلامنا النية الطيبة و نقاء السريرة…
لا نتكلم عن هوى أو مصلحة أو أجندة ما…
وليس خلف كلامنا دوافع ما، وليس بعده تأويل غير نصه….
و لكن لاتكفي النية الحسنة والحب والحرص حتى يكون الكلام ناجعاً ومفيدا وقليل الأخطاء…
يجب ان تمتلك المعرفة والدراية و مهارات التحليل والاستقراء…..
كنت اول من طرح فكرة (الفيدرالية) كحل دائم لسوريا….
كان ذلك في كلمة القيتها عند دوار السعدي في مدينة طرطوس في 22 شباط الفائت….
سبق ذلك وتلاه بضعة مقالات عن الموضوع…بعيد ذلك بثلاثة ايام تم ايقافي….
مصطلح (الفيدرالية) صار يشكل بالنسبة للبعض شكلاُ من أشكال الفوبيا، و يستعمله البعض الآخر كشكل من أشكال المناكفة أو (الجكارة) السياسية…
و بين هذا وذاك تضيع البلاد حاضرها ومستقبلها، بعد أن ضيعت بعض ماضيها واختلفت عليه….
من حيث المبدأ من يريد أن يتكلم في العلوم السياسية – لاحظوا قلت علم السياسة، لم أقل السياسة، وشتان مابينهما- من يريد أن يتكلم في العلوم السياسية عليه أن يكون ضليعاً و متمكناً في الجغرافيا والتاريخ، عدا ذلك فليصمت، لأن كلامه سيكون خبط عشواء ولغو….
هذا الكلام ينطبق على من يمارس التحليل السياسي أو يقدم نفسه قائدا أو زعيماُ سياسيا، وعليه على اولئك الصبيان أصحاب المنصات و اولئك (المحللين) الذين ينطون من شاشة إلى اخرى، عليهم أن يصمتوا، فهم لايملكون حتى الف باء هذه العلوم…
عدا عن ذلك، القائد السياسي يجب أن لايكون رجل دين، هذه خطيئة كبيرة، هذان أمران لايجتمعان و لايجب، فإما أن تلبس كما تتكلم، أو أن تتكلم كما تلبس، ومن يدعي بالعلمانية عليه أن يفصل هذا عن تلك، فالدين إن دخل الملعب السياسي احاله ملعب الفريق الواحد تكفيراً او اقصاءً، كأن يحوله من ملعب تنس إلى ملعب اسكواش أو غولف، حيث تذهب الكرة في اتجاه واحد فقط، وليس هناك لاعب في المقابل، و الأصح انه أقرب إلى لعبة الاسكواش، حيث ترتد الكرة وقد تصيب اللاعب و تؤذيه بشدة….
أما السياسة فإن دخلت الدين، انزله من عليائه ولوثته و مزقته وحولته أدياناُ شتى…..
دعونا نستعمل بدل تعبير (الفيدرالية) تعبير (اللامركزية الموسعة)….
وسأبدأ حديثي بالخطف خلفاُ…
الوسط هو خير الأمور…
وكل فضيلة هي وسط بين رزيلتين…
فضيلة الشجاعة وسط بين رزيلتي الجبن والتهور…
فضيلة الكرم وسط بين رزيلتي الإسراف والبخل…
فضيلة الإسلام وسط بين رزيلتي الكفر و التكفير….
اللامركزية الموسعة هي ذاك الوسط، هي تلك الفضيلة بين رزيلتي الحروب والنزاعات اللانهائية وبين التقسيم….
حديثنا سنبدأه عن الموضوع انطلاقاُ من الجغرافيا والتاريخ….
ولكن هذا نتركه للجزء القادم من هذه السلسلة….
يتبع….
(أخبار سوريا الوطن-1)
syriahomenews أخبار سورية الوطن
