الرئيسية » كلمة حرة » سأخون وطني..!

سأخون وطني..!

 

 

مالك صقور

 

هذا عنوان كتاب مهم جداً للراحل الكبير محمد الماغوط . يضم هذا الكتاب مئة وثلاث وثلاثين مقالة أو زاوية نُشرت في أكثر من مجلة في ثمانينات القرن الماضي ، صدر هذا الكتاب في بيروت عن دار رياض نجيب الريّس ، عام 1987. وعلى الرغم من مُضي أربعة عقود إلاّ قليلاً ، مازالت مقالاته طازجة ، وكأنه يعيش بيننا الآن رحمه الله . وهذا دليل وبرهان على أن العرب تراجعوا عما كانوا في ثمانينات القرن الماضي ، لا سيما ، سياسياً ووحدة وتضامناً .

في هذا الكتاب ما يُبكي وما يُحزن وما يُؤلم وما يُضحك حتى الموت – يقول رياض نجيب الريّس – في كلمته على الغلاف ، ويًعدً الريّس أن ” سأخون وطني ” ليس كتاباً في السياسة ،إنه ديوان شعر ومواضيعه ليست مواضيع صحفية ، أنها قصائد . ومضمونه ليس تعليقات سيّارة ، أنها مسرح شعري ، ويقول الريّس : في هذا الكتاب ، يخون محمد الماغوط وطنه ، وطن الذل والقهر والعبودية . فالوطن الذي يستحق الخيانة عند محمد الماغوط هو وطن الظلم والإرهاب والاضطهاد . فلأكثر من ربع قرن ومحمد الماغوط يعيش في هذيان الرعب والحرية . وقد تمكن خلال هذه السنوات أن يستل دائماً قلمه الساخر وشاعريته الشفافة ويمتشق حسام الكلمة ويضرب عوج الأمة “.

أما زكريا تامر فقد كتب في مقدمته لهذا الكتاب :” محمد الماغوط أديب طريف ، مثير للعجب ، فهو قبل أن يخون ، يؤلف كتاباً يكرسه للإنذار بأنه يعتزم أن يخون وطنه وفي زمن تتم فيه أفعال الخيانة سراً . ” ويتابع زكريا قوله :

الأوطان نوعان : أوطان مزورة وأوطان حقيقية .

الأوطان المزورة أوطان الطغاة ، والأوطان الحقيقية أوطان الناس الأحرار . ويستطرد زكريا قائلاً: ” في هذا الكتاب الأسود ، الجميل ، الممتع ، المؤلم ، الساخر ، المرح ، ينجح محمد الماغوط في الجمع على أرض واحدة بين الليل والنهار ، بين الأمل واليأس ، بين مرارة الهزائم وغضب العاجز ، ليقدم صورة لما يعانيه الإنسان العربي من بلاء من سياسييه ومثقفية وجنده وشرطته وأجهزة إعلامه ، مكثفاً ذلك البلاء الكثير الوجوه في بلاء واحد هو فقدان الحرية .” ومن بين مئة وثلاث وثلاثين زاوية سأختار مقطعاً من زاوية بعنوان : ( في قطار يجري أو طائرة تحوم ) :

” والمختبرات الفضائية تصل إلى الزهرة والمريخ والمشتري وعطارد ونحن غارقون في :

فلان سني ، فلان شيعي ، فلان درزي ، فلان علوي ، فلان قبطي ، فلان اسماعيلي ، فلان شافعي ، فلان حنبلي ، فلان سرياني ، فلان تركماني ، فلان من هذه العشيرة ، وفلان من تلك القبيلة ، وهذا من تلك الفخذ ، وذاك من ذلك البطن . حتى لأشعر بأنني انتمي إلى القوارض الخشبية والتجمعات الحشرية أكثر مما انتمي لهذه الأمة .

فنحن ، الوطنيين الوحدويين ، الوحيدين الأبرياء الذين لا فخذ لنا ولا بطن ولا رقبة ولا كاحل في هذه القبيلة أو تلك العشيرة ، ولا طائفة لنا إلاّ هذا الوطن من محيطه إلى خليجه ..ماذا نفعل ؟ ”

فهل يعتبر أولي الألباب وهل يرى أولي الأبصار ؟!

(أخبار سوريا الوطن-1)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكهرباء بين التَّوفُّر المديد والتَّحسُّر العنيد..!

    عبد اللطيف شعبان     من المعهود في العقود الماضية أيام توفر الطافة بشكل كبير، وجود هدر كبير في استهلاك الطاقة الكهربائية أسريا ...