آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » إعلام ثقافي بلا خوف.. كيف يكتب السوريون مستقبلهم؟

إعلام ثقافي بلا خوف.. كيف يكتب السوريون مستقبلهم؟

سعاد زاهر:

 

هل نستطيع، في زمن السرعة والرقميات الطاغية، أن نعيد للثقافة حضورها بوصفها مساحة للحوار؟ وهل الإعلام الثقافي قادر على النهوض فعلاً بدوره في مرحلة بناء الوعي بعد التحرير؟ والخطّ الفاصل بين الموضوعية والانحياز هو النظر إلى جوهر الثقافة لا إلى أيديولوجياتها، بحسب الفنان التشكيلي عمار سفلو لـ”الثورة السورية”. ويتابع سفلو: “في إعلام ما بعد التحرير، يتحدد الخط الفاصل بين التغطية الثقافية الموضوعية والانحياز الأيديولوجي بقدرتنا على النظر إلى المبدعين الحقيقيين، فالثقافة، لا تُقاس بما يقال عنها، بل بما تقدمه من أصوات حية، مستقلة، ومؤثر”.

 

يؤكد سفلو أن “السنوات الماضية أثّرت بعمق على ذائقة الجمهور، فأصبحت أكثر حساسية تجاه الزيف، وأكثر قدرة على التقاط التفاصيل الصغيرة التي تحمل الألم والأمل في آن واحد، ويمكننا الخروج من ثقافة التضحية إلى ثقافة الإبداع، عبر الانتقال إلى مرحلة البناء والنظر إلى المستقبل”.

 

 

الهوية بين التراث والحداثة

يرى سفلو أن تعزيز الهوية السورية اليوم، يبدأ من إحياء التراث ومسرحته وتقديمه بما يليق، دون أن نسمح للحداثة بتشويهه أو للقديم بشلّ تطورنا، فالهوية، كما يصفها، “مسيرة يجب أن نحملها نحو الغد، لا متحفاً نزوره ثم نغادره “.غير أن هذا التحول لا يكتمل، دون مراجعة نقدية حقيقية للماضي: “لا يمكن للإعلام الثقافي أن يرتقي إلى مستوى تضحيات السوريين من دون مواجهة أخطائه السابقة.”

 

لنسمع حتى الأصوات التي تؤلمنا…!

بعد التحرير، أصبح الإعلام كائنًا متعدّد الأصوات، يحاول بعضه إعادة بناء ما انكسر، وبعضه يغني على أنقاض لم تُسوَّ بعد، أغلب المثقفين وقفوا على الشاطئ، ينتظرون اللحظة المناسبة للنزول، بينما القليل فقط حمل ريشته وانطلق في قلب العاصف، بحسب الشاعر مؤيد حاج يوسف في حديثه لـ “الثورة السورية”. ويؤكد حاج يوسف:” هناك نبض جديد وإرادة متجددة، لكن الطريق لا يزال طويلاً أمام استعادة الدور”.

 

من ينتظر ومن يغامر؟

اللحظة كانت أكبر من بعض المثقفين، كما تقول الفنانة غروب الحموي “المثقف الحقيقي هو من يملك الجرأة ليخلق اللحظة، لا أن يكتفي بمواكبتها”، وترى خلال حديثها لصحيفة “الثورة السورية” بأنّ: هنا يظهر الفرق بين المثقف الواقف على الحافة، وبين مثقف العاصفة، القادر على مواجهة الواقع بلا خوف، وإعادة رسم حدود الثقافة على أنقاض الماضي.

 

ذائقة خرجت من النار

يصف حاج يوسف بأنه اكتسب “ذائقة مركبة، قادرة على الفرح والبكاء في الوقت نفسه، وتحليل نشرة الأخبار كما تستمع لأغنية قصيرة.” الجمهور اليوم ليس كما قبل، إنه جمهور مرن، قادر على حمّل التناقضات، ويبحث في الفن عن مرآة تعكس ليس ما كان، بل ما يمكن أن يكون، و تعزيز الهوية السورية هو إعادة بناء جذور ممتدة في الأرض، وأجنحة تحلق نحو آفاق أرحب كما يقول حاج يوسف: “علينا أن نختار من تراثنا ما يبني مستقبلنا، لا ما يحبسنا في الماضي، الهوية ليست متحفاً للزيارة، بل مسيرة يجب أن نحملها نحو الغد.”

 

الخط الفاصل بين الموضوعية والانحياز ليس نقطة، بل مسار متدرّج. يقول حاج يوسف “ما نحتاجه هو أخلاقيات فضيلة إعلامياً، تركز على كيفية الرؤية لا على شكل النظارة.” وحماية الإعلام الثقافي تبدأ عندما نجعل الثقافة مساحة لا مسكناً، والمساحة تترك فراغاً لحركة الأفكار بتصادمها أو توافقها، والحرية هنا هي محور العمل الثقافي، والإعلام الحر هو الذي يصرّ على أن يكون شاهداً حيّاً ومتحركاً مع المجتمع، بحسب الحاج يوسف.

 

 

من يملك الجرأة ليقول ما لا يُقال؟

ترى الفنانة التشكيلية غروب الحموي أن الإعلام الثقافي السوري اليوم ككائن حيٍّ متعدد الأصوات، بدأ يعرف نفسه، ويعيد بناء وعيه، والورق يمنحه الفرصة لإعادة هيكلة الثقافة، وتحويل الجرح إلى معرفة، والندبة إلى بصيرة، والكلمة إلى فعل مقاومة وجودية، وذلك في حديثها لـ “الثورة السورية”.

يبدو أن الثقافة في سوريا اليوم تخطّ مسارها الجديد بأقلام تبحث عن الحقيقة، وبأصوات ترفض الصمت، وبين ورقٍ يعود إلى الحياة ورؤية تتجه نحو الغد، يكتب السوريون فصلهم الثقافي التالي.. بوعيٍ أشد، وجرأةٍ أكبر، وإيمانٍ بأن الكلمة قادرة دائماً على صنع بداية جديدة.

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الثورة

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

سيد الفاتيكان حاضر بقوة في الفن السابع: البابا… علاقة معقدة بين السلطة والإيمان

  شفيق طبارة     كان هناك بابا شغوف بالفنّ والمسرح، هو يوحنا بولس الثاني (1920 – 2005)، الذي كان في شبابه عضواً في مسرح ...