لميس علي:
من أجمل الأشياء التي ترقبها كمتابع لعمل “خريف العشاق”، نص ديانا جبور إخراج جود سعيد، تلك الحوارات التي تدور ما بين الدكتور (جاسم، غسان عزب) وهو من مدينة حماة، والضابط في القوات الخاصة (هلال، حسين عباس) القادم من دير الزور.
صحيح أنها قليلة لم تتجاوز الثلاثة لقاءات بينهما بحدود الحلقة الثالثة عشرة، لكنها تكثّف وجهتي نظر لخلفيات صاحبيها، مرجعيات كل منهما وثقافته التي تتقاطع في منحى العلاقة الإنسانية وقدرة كل منهما على فهم واستيعاب اختلاف الآخر..
لكن إلى متى..؟
فنحن لم نزل أمام أحداثٍ كثيرة.. ولا ندري لأي عام ستمتد حكاية العمل.. وما تعكسه من أحداث عامة مرّت بها البلاد..
وكأننا أمام حكاية أفراد يختصر كل منهم توجهاً ما أو تياراً فكرياً أو سياسياً.
وينهض بكل ذلك الحوار، البطل الأول في “خريف العشاق”.. وقدرته على ممارسة لعبة الإيحاء بدون تصريحات مباشرة في كثير من ثنايا حكايته التي تمزج في خلطة اجتماعية لافتة، وتوازن ما بين تفاصيل حيوات أفراد جمعتهم قصص حب، سرعان ما تتحوّل إلى انعكاس لكل ما تنضح به الحياة بمختلف مفرزاتها. فكأننا قبالة مصائرهم التي تتقاطع ومصير مجتمع بأكمله.
ثمة الكثير مما يُحكى عن “خريف العشاق” الذي يشي عنوانه بخريف ربما ستحياه بلادٍ بحالها وليس عشاقها فحسب.. كأن يحاكي أو يقارب الذهنية التي تصنع السياسات والطريقة التي يتم عبرها تربية وتنشئة “المسؤول” في أهم قطاعات الدولة.
أسلوبية سرد حكايا الشخصيات، بما فيها من تفاصيل حياة كل منهم، تبدأ بالفردي لتنتهي بالجمعي.
وثنائية الإفصاح/الإيماء، تترك المجال لعقل المتلقي بملء تلك الفراغات التي كانت بفضل الإيحاء.. وبالتالي أصبحت لعبة التلقي أكثر إغراء وفي حالة شبه مناورة مع ما يُلقى أمامنا من إيماءات/ترميزات.
وأكبر تلك الرموز التي يلقيها العمل أمام أعيننا يتمثل بالزمن.. العودة إلى خمسين سنة ماضية.. هل تفيد تلك العودة وتساعد بفهم الحاصل حالياً..؟!
أن نتأمل الماضي، هل يساهم باستقراء اللحظة الراهنة..؟
وبالطبع، إتقان العودة بصرياً إلى زمن سبعينيات القرن الماضي، والقدرة على التقاط أجواء تلك الفترة، شكّل قيمة مضافة لمجمل الحكاية المعروضة علينا.
دون نسيان الحضور الأكثر من لافت للنجم محمد الأحمد في دور الضابط.. والذي كان خياراً أكثر من موفق للمخرج جود سعيد.
(سيرياهوم نيوز-الثورة٢٧-٤-٢٠٢١)