أكدّ حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، خلال القمة المصرفية الأردنية السّورية التي عقدتها جمعية البنوك الأردنية في عمّان، اليوم، أنّ سوريا تدخل مرحلة جديدة من إعادة تأهيل المنشآت وتوسيع القاعدة الإنتاجية، مشيراً إلى فرص استثمارية واسعة في قطاعات الصناعات الغذائية والتحويلية والزراعة الحديثة والطاقة والبناء والنقل والتكنولوجيا.
ونقلت وكالة “بترا” الأردنية عن الحصرية قوله في كلمته: إنّ القمة المصرفية الأردنية السّورية تأتي في مرحلة دقيقة يشهد فيها الاقتصاد العالمي تحولات كبيرة تتعلق بالتقلبات السياسية ودورات التضخم وسلاسل الإمداد والتطورات المتسارعة في التكنولوجيا المالية، مبيناً أن المصارف في سوريا والأردن أدت دوراً مهماً في الحفاظ على الاستقرار المالي وتأمين التمويل للقطاعات الإنتاجية ودعم التجارة البينية وتطوير البنية الرقمية.
تعاون سوري أردني فعّال
وأوضح الحصرية أهمية التعاون العملي بين المصارف الأردنية والسورية، عبر تطوير قنوات التسوية والتحويل المالي، وإطلاق برامج تمويل مشتركة لقطاعات الصناعة والزراعة والطاقة والنقل، وتبادل الخبرات في إدارة المخاطر، وتعزيز الشمول المالي والتحول الرقمي، وتنظيم لقاءات مشتركة لتحديد الاحتياجات التمويلية، واصفاً القمة المصرفية الحالية بأنها تؤسس لمرحلة جديدة من التكامل بين الأردن وسوريا.
خلق بيئة استثمارية
وأشار الحصرية الى أن استقرار سعر الصرف والسياسة النقدية الفاعلة في سوريا يمثّلان أساساً لأي بيئة استثمارية، وأن المصرف المركزي السوري يعمل على تعزيز أدواته النقدية، وتحسين إدارة الاحتياطيات، وتطوير أنظمة مراقبة التدفقات النقدية بالتعاون مع مؤسسات دولية، إضافة إلى تحديث التشريعات المصرفية لتتوافق مع المعايير العالمية في الحوكمة وتنظيم الائتمان، وتطوير البنية التحتية المالية عبر تحديث نظام التسويات اللحظية، وإطلاق مركز وطني للشبكات المصرفية وتطبيق نظام وطني للتصنيف الائتماني وتعزيز الأمن السيبراني.
قدرات لآليات التمويل
وحول آليات التمويل المشترك لتحويل فرص الاستثمار في سوريا إلى مشاريع فعلية، قال الحصرية: إن المصارف في سوريا والأردن تمتلك القدرة على تأسيس آليات تمويلية فعالة، مثل: برامج تمويل ثنائية للمشاريع الإنتاجية، وصندوق استثماري مشترك للقطاعات الزراعية والصناعية والطاقة، وخطوط ائتمان للتجارة البينية وتسهيل الاعتمادات المستندية، وضمانات ائتمانية مشتركة بالشراكة مع مؤسسات عربية.
وبين الحصرية أن هذه الشراكات ستمكّن الأردن وسوريا من زيادة الإنتاج، وتوسعة الأسواق، وخلق فرص عمل، وتعزيز القدرة التنافسية للقطاعات الحيوية، لافتاً إلى أن الفرص المتاحة أمام البلدين كبيرة وواعدة، وأنّ التعاون المصرفي السوري الأردني يمكن أن يشكل رافعة حقيقية لتحقيق الاستقرار والنمو.
دعم جهود إعادة الإعمار
بدوره، أكدّ محافظ المصرف المركزي الأردني عادل شركس، أن البنوك الأردنية في موقع يؤهلها لدعم جهود إعادة الإعمار والتنمية في الاقتصاد السوري، ولا سيما في ظل وجود ثلاثة بنوك أردنية تعمل حالياً في السوق السورية.
وأشار شركس إلى أن مسار التعافي الاقتصادي الجاري في سوريا، إلى جانب الخطوات المتخذة لإعادة دمجها في الأسواق الإقليمية والعالمية وفي النظام المالي الدولي، مع إزالة القيود، وعودة المؤسسات السورية وفي مقدمتها مصرف سورية المركزي، للعمل في إطار المنظومة المالية الإقليمية والدولية، يخلق فرصاً لفتح آفاق جديدة للتجارة والاستثمار، وتعزيز مسارات التنمية الاقتصادية، ودعم مستويات أعلى من الاستقرار والازدهار.
آفاق واسعة للتعاون
ولفت شركس إلى وجود آفاق واسعة وفرص واعدة لا محدودة للتعاون لنقل تجربة الأردن في القطاع المصرفي والخدمات المالية الرقمية والتكنولوجيا المالية إلى الجانب السوري، بما يعزز تحديث القطاع المصرفي السوري ويسهم في زيادة اندماجه في الأسواق المالية الإقليمية والدولية، ودعم الجهود الهادفة إلى إعادة الإعمار وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة في سوريا.
علاقات اقتصادية ذات ثقل
وبيّن شركس أن حجم التبادل التجاري بين الأردن وسوريا شهد انتعاشاً ملحوظاً خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2025، ليبلغ نحو 400 مليون دولار أمريكي، وهو ما يعكس اتجاهاً إيجابياً يمهد لمزيد من التوسع والتنوع في مجالات التعاون خلال الفترة المقبلة.
وأوضح شركس أن العلاقات الاقتصادية بين الأردن وسوريا تحظى بثقل خاص، استناداً إلى الروابط التاريخية والجغرافية والاجتماعية العميقة التي تجمع البلدين، وهو ما يجعل من التعاون الاقتصادي بينهما رافعة مشتركة للنمو والتنمية المستدامة، وبما ينسجم مع رؤى وتوجيهات قيادتي البلدين الشقيقين الرامية إلى تعميق التعاون والعمل المشترك على مختلف المستويات.
إرادة سياسية واقتصادية
من جهته، أكدّ رئيس مجلس إدارة جمعية البنوك الأردنية باسم خليل السالم، أن اجتماع القيادات المصرفية والاقتصادية الأردنية والسّورية تحت سقف واحد يمثّل ترجمة واضحة لإرادة سياسية واقتصادية تتجه نحو بناء مرحلة تعاون أعمق وأكثر منهجية بين البلدين.
وشدّد السالم على أن الرؤية الأردنية تجاه سوريا تنسجم مع ما يؤكد عليه الملك عبد الله الثاني في أكثر من مناسبة حول ضرورة دعم الشعب السوري وجهوده لاستعادة الاستقرار والازدهار، معتبراً أنه رغم التحديات التي تواجهها سوريا إلا أن الفرص التي تحملها المرحلة المقبلة أوسع وأكثر تنوعاً.
وخلال أعمال القمة، قدّم مدير عام جمعية البنوك في الأردن ماهر المحروق، عرضاً شاملاً حول واقع القطاع المصرفي الأردني، مؤكداً أنه يشكل أحد أهم أعمدة الاقتصاد الوطني وأكثر القطاعات تنظيماً بفضل الإطار الرقابي المتطور الذي يقوده البنك المركزي الأردني.
واختُتمت القمة المصرفية بالتأكيد على أن المرحلة المقبلة ستشهد خطوات عملية لتعزيز التعاون المصرفي الأردني السوري، من خلال تشكيل لجان مشتركة، وإطلاق برامج تمويل، وتبادل الخبرات، وتطوير الأنظمة التقنية، وتهيئة بيئة مالية آمنة وشفافة، وبما يسهم في دعم إعادة الإعمار في سوريا وتعزيز التكامل الاقتصادي بين البلدين.
اخبار سورية الوطن 2_سانا
syriahomenews أخبار سورية الوطن
