بالنظر للمشهد القادم من سورية، وتخلّي موسكو عن نظام حليفها الرئيس السوري السابق بشار الأسد، تُوضع علامات استفهام كبيرة حول جديّة الموقف الروسي من دعم فنزويلا ضد رغبة واشنطن الإطاحة بنظام الرئيس نيكولاس مادورو، والأزمة التي تتصدّر الواجهة بين واشنطن، وكاراكاس هذه الأيّام.
السفير الروسى لدى فنزويلا، سيرجى مالك-باجداساروف، قال من جهته إن موسكو ستنظر فى طلب كاراكاس للمساعدة فى حال وقوع هجوم أمريكي على فنزويلا.
وأكد مالك-باجداساروف: أما بالنسبة لأساليب الدعم، فلنكن واقعيين. في هذه المرحلة، يتوقع شركاؤنا في المقام الأول الدعم السياسي، ونحن نقدمه بكل أوجه. وإذا تطلب الأمر أي شكل آخر من أشكال الدعم، فسيتم النظر فيه.
أمّا موقف الصين، فلم يخرج عن سياق الإدانة، ما يدفع باتجاه استبعاد تدخّلها ضد التصعيد الأميركي العسكري المُحتمل ضد فنزويلا، حيث أدانت الصين بتحفّظ ما وصفته بالتدخّل الخارجي، وحثّت على ضبط النفس.
في السبب المُعلن تتّهم واشنطن كاراكاس بعدم بذل ما يكفي لمكافحة تهريب المخدرات، ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، فقد سمح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوكالة المخابرات المركزية بإجراء عمليات سرية في فنزويلا.
أمّا في السبب المخفي، فيُريد الرئيس ترامب التخلّص من نظام الرئيس مادورو، وتشكيل حكومة انتقالية بقيادة نائبة الرئيس ديلسي رودريجيز.
ومع انتهاء يوم الجمعة، يكون الرئيس مادورو قد رفض الإنذار الأمريكي الممنوح له بمُغادرة البلاد مع عائلته، حيث كان ذكر تقرير لوكالة رويترز أن ترامب أصدر الإنذار النهائي بعد رفض سلسلة من المطالب المزعومة التي قدّمها الرئيس الفنزويلي مُقابل خُروجه المبكر من منصبه.
المزاعم الأمريكية لتبرير الذريعة للتخلّص من نظام الرئيس مادورو، وصلت بتأكيد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أن النظام في فنزويلا يشكّل مصدراً لعدم الاستقرار في منطقة الأميركيتين، بل إن فنزويلا أصبحت “معقلاً لإيران وحزب الله”، مضيفاً أن “إيران والحرس الثوري وحتى حزب الله لهم وجود في فنزويلا”.
ومن غير المعلوم إذا كان ترامب يُدرك مخاطر اختياره الخيار العسكري لإسقاط نظام مادورو، لكن وزير خارجيته روبيو “يُناور” حين سُئل عن إمكانية حدوث صراع، فيقول: “لا، ما أذن به الرئيس هو مهمة لمكافحة المخدرات في المنطقة”، معتبرًا أن نظام نيكولاس مادورو “ليس حكومة شرعية، بل منظمة لتهريب المخدرات”، وأن انتقال الكوكايين المنتج في كولومبيا عبر الأراضي الفنزويلية يُثبت تورّط النظام.
وفي سياق التصعيد الإعلامي، صحيفة “نيويورك تايمز” وبحسب عدّة مصادر مقربة من الحكومة الفنزويلية، قالت إن مادورو قد شدّد إجراءات أمنه الشخصي بشكل غير مسبوق، والتي شملت تغيير أماكن نومه بانتظام، في ظل تصاعد احتمال تدخل عسكري أميركي.
وأشارت مصادر الصحيفة الأمريكية إلى أن مادورو يحاول حماية نفسه من أي ضربة دقيقة محتملة أو عملية لقوات خاصة عبر تغيير أماكن نومه وهواتفه باستمرار. وقد تسارعت هذه الاحتياطات منذ سبتمبر (أيلول)، بعد أن بدأت الولايات المتحدة في حشد سفنها الحربية وفي تنفيذ ضربات ضد زوارق تقول إدارة ترامب إنها كانت تستخدم في تهريب المخدرات من فنزويلا.
ويبدو اتخاذ الرئيس مادورو لهذه الاحتياطات مفهومًا في ظل “جوزائية” الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب، وتبدّل قراراته السياسية، وفق مزاجه، ولا مُبالاته، وتسرّعه، كما فعل مثلًا خلال “إيهام” التفاوض مع إيران، لتجد الأخيرة نفسها في حرب الـ12 يومًا مع إسرائيل، تحت عُنوان إسقاط النظام الإيراني.
وباتت فنزويلا حاليًّا أمام “عزلة جوية” إثر تعليق شركات الطيران الأجنبية رحلاتها لهذا البلد حرصًا على سلامة طائراتها وركابها، وذلك أمام انتشار عسكري أمريكي كبير في منطقة البحر الكاريبي، فيما اتهمت كراكاس هذه الشركات بـ”الانخراط في أعمال إرهاب الدولة” التي تمارسها واشنطن، وألغت تراخيص تشغيلها.
في العلن، لم يُظهر الرئيس مادورو أي مخاوف بخصوص أمنه الشخصي، حيث قام بالرقص أمام الجماهير خلال تجمّع في العاصمة، وفي مشهد أظهره واثقًا بنفسه، ومُسيطرًا على المشهد السياسي الداخلي والخارجي في بلاده.
وتضاربت الأنباء حول شكل طابع المكالمة التي جمعت ترامب بنظيره الفنزويلي، حيث قال مادورو في تصريح للتلفزيون الرسمي: “تحدثت مع رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب. أستطيع القول إن المحادثة جرت بنبرة محترمة، حتى أنني أستطيع القول إنها كانت ودية”.
أمّا ترامب فقد اعترف بإجراء هذه المكالمة التي تحدثت عنها الصحافة، وقال الرئيس الأميركي من الطائرة الرئاسية “لا أستطيع أن أقول إن الأمر سار بشكل جيد أو سيء. لقد كانت مكالمة هاتفية”، فيما يبدو أن الأخير لم يحصل على ما كان يتوقّعه من مادورو من تنازلات.
ولا يبدو أن خيار الهجوم العسكري بالنسبة لواشنطن، سيكون نزهة، كما أن خطّة زعزعة النظام الفنزويلي لا تسير بشكل جيّد، صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية قالت في هذا، إنه رغم العقوبات والتهديدات بالطرد، لا يزال مادورو في السلطة، مما يشير إلى فشل الإستراتيجية الأميركية في زعزعة النظام، وتضيف الصحيفة بأن الرئيس الأميركي بحاجة إلى مخرج من أزمته مع فنزويلا بعيدًا عن الصراع العسكري، لتجنّب حرب مدمرة محتملة.
أمّا مجلة نيوزويك فقالت إن موقف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الأزمة في فنزويلا ورئيسها نيكولاس مادورو، ما زال يتأرجح بين التهديد باستخدام القوة والتفاوض المباشر، مما يظهر سياسة غير واضحة وفوضوية.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _راي اليوم
syriahomenews أخبار سورية الوطن
