في الفترة الأخيرة، ازداد الحديث عن مكمّل غذائي يُدعى البربرين، يُروَّج له على أنّه بديل «طبيعي» لدواء أوزيمبيك المعروف بدوره في ضبط سكر الدم والمساعدة على إنقاص الوزن لدى المصابين بالسكري من النوع الثاني. لكن بين الادعاءات المنتشرة، تطرح الأبحاث الطبية سؤالاً أساسياً: هل يعمل البربرين فعلاً بالطريقة نفسها؟ وهل يساعد على خسارة الوزن؟
ما هو البربرين؟
البربرين مركّب طبيعي يُصنَّف ضمن القلويات، ويُستخلص من عدة نباتات، من بينها الختمية الذهبية، والبرباريس الأوروبي، وعنب أوريغون، والفلودندرون، والكركم الشجري. ورغم تزايد الاهتمام به أخيراً، فإنّ استخدامه يعود إلى قرون طويلة، ولا سيما في الطب الصيني التقليدي وطب الأيورفيدا.
البربرين مركّب طبيعي يُصنَّف ضمن القلويات ويُستخلص من عدة نباتات
البربرين مركّب طبيعي يُصنَّف ضمن القلويات ويُستخلص من عدة نباتات
هل البربرين هو فعلاً «أوزيمبيك الطبيعة»؟
الخبراء الطبيون يؤكدون أنّ هذا الوصف غير دقيق.
توضح رئيسة قسم الصيدلة السريرية في كلية الصيدلة بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، ليزا كرون، لـ«ناشيونال جيوغرافيك»، أنّ البربرين لا يعمل بالطريقة نفسها التي يعمل بها أوزيمبيك.
فأوزيمبيك ينتمي إلى فئة أدوية GLP-1 التي تساعد البنكرياس على إفراز الإنسولين عند ارتفاع سكر الدم، كما تُبطئ إفراغ المعدة، ما يقلّل الشهية ويسهم في فقدان الوزن.
أما البربرين، فيعتمد على آلية مختلفة تماماً، إذ ينشّط إنزيماً يُعرف باسم AMPK المسؤول عن تنظيم استقلاب الغلوكوز وتحسين حساسية الإنسولين والتأثير في مستويات السكر في الدم.
وترى كرون أن وصف البربرين بأنه «أوزيمبيك الطبيعة» يدخل في إطار التسويق أكثر من العلم، ويستهدف أشخاصاً يبحثون عن حل سريع أو «وصفة سحرية» لإنقاص الوزن.
ماذا يقول الأطباء عن فوائده الصحية؟
يشير جرّاح السمنة والمدير الطبي لمركز Memorial Care Surgical Weight Loss Center في أورنج كوست، مير بي. علي، إلى أنّ بعض مقدّمي الرعاية الصحية قد يوصون بالبربرين لمرضى السكري، نظراً إلى قدرته المحتملة على خفض سكر الدم والكوليسترول.
كما لُوحظ أن للبربرين خصائص مضادة للميكروبات، ما يعني أنه قد يؤثر في توازن البكتيريا الطبيعية في الأمعاء.
هل يساعد البربرين فعلاً على إنقاص الوزن؟
حتى الآن، لا توجد أدلة علمية كافية تؤكد أن البربرين يوازي أدوية GLP-1 مثل أوزيمبيك وويغوفي في إنقاص الوزن.
وبحسب الدكتور علي، أظهرت بعض الدراسات تأثيراً متواضعاً على الوزن، لكنه لا يُقارن بتأثير الأدوية الموصوفة.
من بين الأبحاث المتوافرة:
* تحليل بيانات شمل 27 دراسة أشار إلى أنّ البربرين قد يكون فعالاً في ضبط سكر الدم بقدر بعض أدوية السكري الفموية مثل الميتفورمين والغليبيزيد.
* دراسة صغيرة عام 2012 على سبعة أشخاص يعانون السمنة، أظهرت أنّ من تناولوا 500 ملغ من البربرين ثلاث مرات يومياً لمدة 12 أسبوعاً خسروا في المتوسط نحو 5 أرطال.
* مراجعة بحثية نُشرت عام 2020 اقترحت أنّ البربرين قد يؤثر في وزن الجسم ومؤشر كتلة الجسم ودهون البطن.
ورغم هذه النتائج، يؤكد الباحثون أنّه لا يمكن التوصل إلى استنتاجات حاسمة قبل إجراء دراسات أوسع وأكثر صرامة.
هل البربرين آمن؟
قد يعاني بعض الأشخاص من آثار جانبية خفيفة عند استخدام البربرين، مثل:
* الإسهال
* الإمساك
* الغثيان
* الانتفاخ
* مشكلات هضمية أخرى
وتوضح اختصاصية التغذية ميغان هيلبرت لـ«ناشيونال جيوغرافيك» أنّ البربرين يبدو آمناً للاستخدام القصير الأمد لدى البالغين، لكن آثاره الطويلة الأمد لم تُدرس بشكل كافٍ. وتشير بعض الدراسات الحيوانية إلى احتمال حدوث آثار جانبية خطيرة مع الاستخدام الطويل، مثل تضخّم الكبد أو الكلى، رعشة العضلات، وقرحات المعدة.
فرق أساسي يجب الانتباه إليه
يشدد الخبراء على أنّ البربرين مكمّل غذائي غير خاضع لتنظيم إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، على عكس أدوية مثل أوزيمبيك وويغوفي التي خضعت لتجارب سريرية واسعة وتُصرف بوصفة طبية.
وتحذّر كرون من الاعتقاد بأنّ البربرين يمكن أن يحل محل الأدوية الموصوفة، مشيرة إلى أنّ بعض الأشخاص قد ينفقون مبالغ كبيرة على مكمّلات لا تقدّم النتائج المتوقعة.
ما علاقة البربرين بتوت الغوجي؟
تنتشر على منصات التواصل معلومات غير دقيقة تربط بين البربرين وتوت الغوجي، إلا أن هذا الربط غير صحيح علمياً، إذ إنهما منتجان مختلفان تماماً ومصدرهما نباتات تنتمي إلى فصائل متباينة.
فالبربرين مركّب قلوي يُستخلص بشكل أساسي من نباتات فصيلة البرباريس (Berberis)، بينما توت الغوجي (Goji Berries) ثمرة نبات من جنس Lycium barbarum ويتبع فصيلة الباذنجانيات.
سبب الخلط
تلجأ بعض الجهات التجارية إلى تسمية توت الغوجي بـ«توت البربرين» أو استخدام مصطلح Goji Berberine لأغراض تسويقية أو نتيجة ترجمة خاطئة.
إلا أنّ توت الغوجي يحتوي على كميات ضئيلة جداً من البربرين، أو قد لا يحتوي عليه إطلاقاً، مقارنة بالنباتات التي يُستخلص منها هذا المركّب فعلياً.
ما الذي يحتويه توت الغوجي فعلياً؟
تعود فوائده الصحية إلى مركبات أخرى، أبرزها:
* السكريات المتعددة (Polysaccharides)
* الكاروتينات مثل الزياكسانثين
* فيتامين C
* الحديد
وهي مركبات معروفة بقدرتها على دعم المناعة والعمل كمضادات للأكسدة ودعم صحة العينين.
يرى الخبراء أنّ البربرين قد يساعد بعض الأشخاص على تحسين سكر الدم والكوليسترول، لكنه ليس بديلاً من أدوية إنقاص الوزن الموصوفة طبياً، ولا توجد أدلة كافية تؤكد فعاليته الكبيرة في حرق الدهون.
وقبل التفكير في استخدامه، تبقى استشارة الطبيب ضرورة أساسية، خصوصاً لمن يعانون أمراضاً مزمنة أو يتناولون أدوية أو مكمّلات أخرى.
أخبار سوريا الوطن١-الأخبار
syriahomenews أخبار سورية الوطن
