لأوّل مرّةٍ منذ سنواتٍ عديدةٍ تُعاني إسرائيل من نقصٍ حادٍّ في الباحثين والعلماء، بسبب العدوان البربريّ على غزّة والانقلاب القضائيّ الذي تقوده حكومة بنيامين نتنياهو العنصريّة، فبحسب بيانات المكتب المركزي للإحصاء المنشورة اليوم، شهد عام 2024 ارتفاعًا في عدد الإسرائيليين الحاصلين على شهادات الدكتوراه الذين هاجروا إلى الخارج لمدة تزيد عن ثلاث سنوات، وتشير البيانات إلى ازدياد عدد المقيمين في الخارج، سواءً بين الباحثين الشباب أوْ بين جميع الباحثين. وبالتالي، فإنّ الباحثين الذين استثمرت الدولة بكثافة في تعليمهم، والذين كان بإمكانهم تقديم إسهامٍ بالغٍ الأهمية للاقتصاد والبحث العلمي في إسرائيل، يعملون ويعيشون حاليًا خارج البلاد.
وأشارت الإحصائيات الرسميّة إلى أنّ إسرائيل شهدت في عام 2024 عجزًا في ميزان الهجرة الأكاديميّة، حيث فاق عدد الأكاديميين الحاصلين على درجة البكالوريوس أو أعلى والذين هاجروا إلى الخارج عددَ الأكاديميين العائدين.
ووفقًا للبيانات، فإنّ هذه الهجرة تتسّم بأنّها هجرة شبابية، متعلمة، ومن مجتمعات مستقرة في إسرائيل، وتحديدًا من منطقة شارون وتل أبيب، وتؤكّد أنّ فترة الحرب والانقلاب، لكنّها تُظهر اتجاهًا تصاعديًا تعزز واستمر.
علاوة على ذك، يعيش أكثر من ربع الإسرائيليين الحاصلين على درجة الدكتوراه في الرياضيات (25.4%) في الخارج اليوم، وكذلك 21.7% من خريجي الدكتوراه في علوم الحاسوب، و19.4% من حاملي الدكتوراه في علم الوراثة، و17.3% من خريجي الدكتوراه في علم الأحياء الدقيقة، و17% من خريجي الدكتوراه في الفيزياء، و14% من خريجي الدكتوراه في الكيمياء، ونسبة مماثلة بين خريجي الدكتوراه في الهندسة الكهربائية وعلم الأحياء.
بالإضافة إلى ذلك، ووفقًا لبيانات المكتب المركزي للإحصاء، يعيش حاليًا 23% من خريجي الدكتوراه من معهد وايزمان في الخارج، وكذلك 18.2% من خريجي الدكتوراه من معهد التخنيون، و15% من خريجي الدكتوراه في مجالات العلوم من جامعة تل أبيب.
وبحسب مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، شهد عام 2024 زيادةً في عدد المهاجرين الجدد من البلاد، وانخفاضًا في عدد العائدين بعد إقامةٍ طويلةٍ في الخارج. ويُعرّف المكتب العائدين من الخارج بأنهم أولئك الذين عاشوا في الخارج لأكثر من ثلاث سنوات وعادوا إلى إسرائيل قبل أكثر من عامين.
كما أنّه ابتداءً من عام 2022، بدأ اتجاه تنازليّ في عدد الإسرائيليين العائدين إلى إسرائيل، بينما بدأ في عام 2023 اتجاه تصاعدي في عدد الإسرائيليين الذين ينتقلون إلى الخارج ويقيمون هناك لفترةٍ طويلةٍ. وتشير البيانات أيضًا إلى زيادة في نسبة الباحثين الشباب الحاصلين على شهادات الدكتوراه الذين انتقلوا إلى الخارج.
ومن المحتمل أنْ يكون سبب الهجرة إلى الخارج وتراجع رغبة حاملي شهادات الدكتوراه في العودة إلى إسرائيل نابعًا من ظروف البحث العلميّ وموقف الحكومة الحالية تجاه الأوساط الأكاديمية.
فمنذ توليها السلطة، نهاية العام 2022، تشنّ حكومة نتنياهو هجومًا على الأوساط الأكاديمية ومؤسسات البحث، بقيادة وزير التعليم يوآف كيش، الذي يسعى أيضًا إلى السيطرة على نظام التعليم العاليّ.
بالإضافة إلى ذلك، تتعرض ميزانيات التعليم العالي في إسرائيل للتآكل. فقد خُفِّضت ميزانية التعليم العالي عدة مرات منذ تشكيل الحكومة، في ظلّ توزيعها لأموال الائتلاف. ونتيجةً لذلك، تتضاءل الموارد المخصصة لإجراء البحوث وإنشاء بنى تحتية بحثية متطورة، ما يدفع الباحثين إلى تفضيل الانتقال أو البقاء في الخارج، حيث تُعرض عليهم رواتب وميزانيات وبنى تحتية بحثية أكبر.
ووفقًا للبيانات بلغت ميزانية التعليم العالي في عام 2025 حوالي 14 مليار شيكل، ومن المتوقع أنْ تكون مماثلةً في عام 2026، على الرغم من انخفاض عائدات المنح البحثية من الخارج بسبب تصاعد المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل.
وخلال السنوات الخمس الماضية، خُفِّضت ميزانية التعليم العالي بحوالي 700 مليون شيكل، ويعود ذلك أساسًا إلى تخفيضاتٍ شاملةٍ، وفي الوقت نفسه، تُشير الجامعات في إسرائيل إلى انخفاضٍ في حجم المنح المقدمة من صندوق البحوث الأوروبي، وهو الممول الرئيسي للنشاط البحثي في البلاد، ويرجع السبب على الأرجح إلى تصاعد المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل، وهو عامل آخر يدفع الباحثين الإسرائيليين إلى مغادرة البلاد، إذ يُصعّب عليهم الحصول على مصادر تمويل والتعاون مع زملائهم البارزين من مختلف أنحاء العالم.
والنتيجة هي هجرة الباحثين الإسرائيليين إلى الخارج وانقطاعهم عن الأوساط الأكاديمية الإسرائيلية، وبعيدًا عن الحرب والانقلاب القضائيّ، فإنّ أحد أسباب الهجرة إلى الخارج وتراجع رغبة حاملي شهادات الدكتوراه في العودة إلى إسرائيل يكمن في أنّ الحكومة الحالية تشنّ هجماتٍ على الأوساط الأكاديمية ومؤسسات البحث منذ توليها السلطة.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _راي اليوم
syriahomenews أخبار سورية الوطن
