آخر الأخبار
الرئيسية » حول العالم » ثالث زيارة لعراقجي إلى موسكو | إيران – روسيا: التعاون (لا) يكتمل

ثالث زيارة لعراقجي إلى موسكو | إيران – روسيا: التعاون (لا) يكتمل

 

محمد خواجوئي

 

 

مع بلوغ العلاقات بين إيران والغرب طريقاً يبدو مسدوداً، في أعقاب الحرب الإسرائيلية – الأميركية وما تلاها من إعادة فرض العقوبات الأممية على طهران، يعمل كبار مسؤولي الجمهورية الإسلامية على ترسيخ العلاقات مع الصين وروسيا. وفي هذا الإطار، توجّه وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، يومَي الثلاثاء والأربعاء، إلى موسكو، في زيارة هي الثالثة له إلى هناك منذ تولّيه حقيبة الخارجية قبل سنة ونصف سنة. وكان الرئيسان الإيراني مسعود بزشكيان، والروسي فلاديمير بوتين، التقيا أخيراً، على هامش مؤتمر في العاصمة التركمانستانية عشق آباد؛ كما زار أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، علي لاريجاني، قبل ذلك، العاصمة الروسية لتسليم بوتين رسالة من المرشد الأعلى الإيراني، السيد علي خامنئي.

 

ووفق ما أكّده عراقجي، أمس، فإن وزارتَي خارجيّتَي كل من إيران وروسيا توصّلتا إلى اتفاق في شأن خارطة طريق تمتدّ على ثلاث سنوات لتنظيم التعاون الثنائي ورفع مستواه إلى درجة أعلى، وذلك بناءً على «معاهدة الشراكة الاستراتيجية» بين البلدين. وأشار عراقجي، في منشور عبر منصّة «إكس»، إلى أنّ التعاون الوثيق بين موسكو وطهران، من شأنه أن يعزّز اتّخاذ إجراءات أكثر فاعلية ضدّ العقوبات الغربية غير القانونية، فضلاً عن الاستقرار الإقليمي، كما سيمكّن المشاريع الأساسية، ويمنع الإجراءات غير القانونية في مجلس الأمن، مؤكّداً أنّ «جيراننا هم أولويّتنا» في هذا التعاون المستمرّ.

 

ودخل التعاون بين طهران وموسكو، منذ توقيع «المعاهدة الشاملة للشراكة الاستراتيجية» بين البلدين، مرحلة جديدة، توّجتها زيارة بزشكيان إلى روسيا في كانون الثاني الماضي، علماً أنّ تلك المعاهدة بدأ سريانها اعتباراً من تشرين الأول الماضي، وذلك بعد تنفيذ الإجراءات الإدارية والمصادقة عليها في برلمانَي البلدَين. وتُظهر الحقائق كما الأرقام توطُّد العلاقات الإيرانية – الروسية، مع تنامي التبادل التجاري بينهما في الأشهر العشرة الأولى من عام 2025 بنحو 15% مقارنة بالمدّة نفسها من العام الذي سبقه، في حين يُتوقّع أن يتخطّى عتبة الخمسة مليارات دولار في نهاية السنة.

 

أيضاً، يمثّل استكمال ممرّ الشمال – جنوب أحد الملفّات المهمّة بين الطرفين، والذي يكتسي أهمية حيوية بالنسبة إليهما، فيما تتركّز الأولوية راهناً على استكمال الحلقة السككية المفقودة «رشت – استارا» التي يبلغ طولها 162 كيلومتراً داخل إيران، والتي يتمّ تنفيذها بتمويل روسي يبلغ نحو 1.3 مليار يورو. وتُظهر الإحصاءات الرسمية أنّ ترانزيت البضائع الروسية عبر إيران، شهد في أثناء العام الجاري، نمواً بنسبة 20%، بينما يستهدف البلدان – على المدى القصير – تحقيق سعة نقل تصل إلى 15 مليون طن من السلع سنويّاً، وذلك من طريق الفرع الغربي لممرّ الشمال – الجنوب، الذي يوصل روسيا بشكل أسرع إلى أسواق الهند والخليج.

وفي قطاع المال، تمّ الانتهاء من إرساء البنية التحتية للدفع المشترك، علماً أنّ أكثر من 96% من تسوية الحسابات التجارية بين البلدين تجري الآن بالعملة الوطنية، وبعيداً من جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (سويفت). أمّا في مجال الطاقة، فتستمرّ عمليات المقايضة لمنتجات النفط والغاز، حيث دخلت عقود تطوير حقول النفط الإيرانية على أيدي الشركات الروسية (بما فيها «غازبروم» و»لوك أويل») بقيمة 40 مليار دولار (مذكّرات التفاهم التي تحوّلت إلى عقود) حيّز التنفيذ العملاني، كما تجري متابعة مشروع تحويل إيران إلى «قطب للغاز» في المنطقة بمشاركة فنية روسية.

 

تحوّل موضوع تسليم الأسلحة إلى نقطة احتكاك خفيّة بين طهران وموسكو

 

 

وبالنسبة إلى العلاقات السياسية بين طهران وموسكو، فهي بلغت، بفعل «معاهدة الشراكة الاستراتيجية»، مستوى من الاتحاد، يعتبره الطرفان نموذجاً لمواجهة الهيمنة الأميركية. وفي هذا السياق، اعتبرت إيران وروسيا، العقوبات الغربية «إرهاباً اقتصاديّاً»، ووضعتا، عبر تشكيل لجان حقوقية وسياسية مشتركة، آليات لتحييد العقوبات الثانوية. فمن جهتها، تدعم روسيا في الأوساط الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة ومجموعة «بريكس»، المواقف الإيرانية في مواجهة الضغوط الغربية المتعلّقة بحقوق الإنسان والأخرى السياسية، فيما تعترف إيران، في المقابل، بالرواية الروسية في شأن تطورات شرق أوروبا وتوسّع «الناتو».

 

وفي الملف النووي، ابتعدت موسكو فعليّاً عن دورها التقليدي كـ«وسيط» في المفاوضات، وتحوّلت إلى «داعم حاسم» لمواقف إيران في «الوكالة الدولية للطاقة الذرية». ومع تكثيف الترويكا الأوروبية الضغوط لتفعيل «آلية الزناد» أو استصدار قرارات عقابية في مجلس المحافظين، استخدمت روسيا نفوذها الديبلوماسي لمنع حصول إجماع دولي ضدّ طهران، وأكّدت في الوقت ذاته حقّ الأخيرة في التخصيب. واستُكمل هذا الدعم السياسي، بالتعاون الفني في المراحل الجديدة لمحطّة «بوشهر» الذرية، في ما يرسل إشارات واضحة إلى الغرب بأنّ أيّ ضغط على البرنامج النووي الإيراني، سيواجَه بردّ فعل منسّق من جانب المعسكر الشرقي.

وفي هذا الإطار، أكّد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ونظيره الإيراني، في أثناء مؤتمر صحافي مشترك في موسكو، الأربعاء، تعزيز التعاون بين بلديهما في مواجهة العقوبات الأحادية غير القانونية، وتطوير المشاريع الاستراتيجية المشتركة. وأشار الوزير الروسي إلى أنّ البلدين متّفقان على إنشاء مجموعة دولية لمواجهة العقوبات، مضيفاً أنّ موسكو تعمل مع طهران على المحطّة النووية «بوشهر»، و«مستعدّة للانضمام إلى جهود الوساطة إذا رغبت إيران في ذلك».

 

كذلك، يُعدّ المجال العسكري والأمني، واحداً من أهمّ مجالات التعاون بين طهران وموسكو، والذي تحوّل بالمناسبة إلى أكثر المجالات إثارةً للجدل. إذ رغم توقيع «المعاهدة الشاملة الاستراتيجية»، لا يزال هناك نوع من «عدم التوازن» في سرعة استجابة الطرفين، لا سيّما في مجال مبيعات السلاح. ففي حين أقدمت إيران على تلبية احتياجات روسيا، وزوّدتها بمسيّرات متقدّمة ساعدتها كثيراً في الحرب الأوكرانية، إلّا أنّ موسكو لا تزال تخطو «بتحفّظ استراتيجي» في مجال تسليم الأسلحة «التي تغيّر قواعد اللعبة»، بما فيها مقاتلات «سوخوي-35» ومنظومة الدفاع الجوّي «إس-400». ويرى محلّلون أنّ روسيا، وعلى خلفية علاقاتها مع الدول العربية في الخليج وحتى إسرائيل، وكذلك حاجة جبهتها الداخلية الملحّة إلى تلك الأسلحة، تقوم بتسليم أسرابها ببطء شديد، وهو ما ولّد نقاط احتكاك خفيّة بين البلدين.

وبمعزل عن الأسلحة، فإنّ قسماً مهمّاً من التعاون كان متعلّقاً بالقطاعات «غير المرئية» لكن الحيوية، بما في ذلك الحرب الإلكترونية، وتبادل المعلومات الأمنية حول التهديدات المشتركة في القوقاز وآسيا الوسطى، والتعاون الفضائي. أيضاً، فإنّ إطلاق الأقمار الاصطناعية الاستشرافية الإيرانية بواسطة أجهزة إطلاق «سايوز» الروسية وإقامة المناورات البحرية الهجينة في شمال المحيط الهندي (بمشاركة الصين)، تُظهر أنّ الطرفَين يركّزان على تعزيز الردع المشترك. ورغم أنّ روسيا تتصرّف بحذر في مجال تسليم المقاتلات، لكنها تبدي تعاوناً أوسع مقارنة بالماضي في مجال نقل الخبرة الفنية لتقوية الرادارات الإيرانية والتصدّي للنفوذ السيبراني.

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ضمانات أمنية قد تردع عدواناً مستقبلياً وترضي موسكو تقرّب السلام في أوكرانيا… ودونباس العقدة

  غوى خيرالله   في ظل تصاعد الجهود الديبلوماسية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، تكشف محادثات مكثفة بين الولايات المتحدة وأوروبا وكييف عن مقترح سلام منقح ...