آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » ناصر السومي يشرب نبيذ فلسطين!

ناصر السومي يشرب نبيذ فلسطين!

 

غادة حداد

 

 

يشكّل كتاب «النبيذ وفلسطين: تاريخ آلاف السنين» (25 دولاراً ـــ دار المنار) للتشكيلي الفلسطيني ناصر السومي امتداداً لمشروعه الثقافي والفني في توثيق جذور الهوية الفلسطينية عبر رموزها الطبيعية الأولى. بعد عمله السابق «تاريخ شجرة الزيتون في فلسطين»، يعود السومي إلى ثالوث النباتات المقدسة في الحضارات الأولى، الزيتون والقمح والكرمة، ليقدّم هذه المرّة قراءةً معمّقة في تاريخ النبيذ الفلسطيني، الذي شكّل جزءاً أساسياً من ذاكرة المكان ونتائج العمران الإنساني منذ ما قبل الأديان السماوية.

 

يمزج السومي في كتابه بين البحث الأركيولوجي واللمسة الفنية التي تميّز أعماله، إذ يتحوّل السرد التاريخي عنده إلى مادة بصرية بقدر ما هو مادة معرفية. اللوحات التي يتضمّنها الكتاب ليست زينة مرافقة، بل جزء من بنية الخطاب التي توثّق علاقة الفلسطيني بالأرض وتقاوم محاولات نزع جذوره أو إعادة تأويل تاريخه.

 

وفي هذا السياق، يمثّل الكتاب مواجهةً مباشرة مع الروايات الأسطورية التي سعت إلى طمس الدور الفلسطيني القديم في هذه المنطقة، من خلال استعادة تاريخ النبيذ بوصفه شاهداً على استمرارية الوجود البشري والحضاري.

 

غزة وعسقلان شكّلا مركزاً عالمياً لإنتاج النبيذ بين القرنين الثالث والسابع قبل الميلاد

 

 

ينقسم الكتاب إلى محورين رئيسيين: الأول يتناول تاريخ النبيذ في فلسطين منذ آلاف السنين، والثاني يقدّم سرداً لتاريخ الإنسان في هذه الأرض منذ بداياته الأولى. ينطلق السومي من فرضية علمية تؤكد أنّ تاريخ فلسطين هو جزء من تاريخ الإنسان نفسه، مستنداً إلى أبحاث تشير إلى أنّ «هومو إريكتوس» مرّ عبر فلسطين قبل نحو مليونين و400 ألف سنة، ثم تبعه «هومو سابيينس» الذي وصلت آثاره إلى المنطقة قبل 200 ألف سنة تقريباً.

 

وفي هذه الأرض، بدأ الإنسان انتقاله من الصيد وجمع الثمار إلى الزراعة، ونشأت الحضارة النطوفية التي تعدّ من أقدم الحضارات الزراعية في العالم، وقد دلّت مكتشفاتها على تدجين الزيتون والقمح والكرمة، ما يجعل فلسطين مهد بعض أهم النباتات التي شكّلت غذاء البشرية ورمزيتها.

 

يقدّم السومي عرضاً غنياً لاكتشافات أثرية تؤكد قِدم صناعة النبيذ في فلسطين، ومنها العثور على مئات الجرار التي تعود إلى ما قبل الأسرات الفرعونية في قبر ملك يُدعى «العقرب»، تبيّن لاحقاً أنّها مصنوعة من تربة غزة، ما يعني أنّ النبيذ الفلسطيني كان يُصدَّر إلى مصر منذ الألف الرابع قبل الميلاد. ويبلغ السرد ذروته عند الحديث عن نبيذ غزة وعسقلان، اللذين شكّلا بين القرنين الثالث والسابع قبل الميلاد مركزاً عالمياً لإنتاج النبيذ، حتى إنّ بعض الأباطرة الرومان منعوا استيراد أي نبيذ آخر غير الغزي.

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

المطبخ الحلبي.. تراث موثّق في أقدم الكتب العربية

    يُعتبر المطبخ الحلبي واحداً من أعرق المطابخ في العالم العربي، ليس فقط لغناه وتنوّع أطباقه، بل لكونه موثّقاً في مصادر تاريخية تعود إلى ...