آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » ماذا بعد إلغاء قانون قيصر..؟

ماذا بعد إلغاء قانون قيصر..؟

 

 

 

أحمد رفعت يوسف

 

أما وقد تم إلغاء قانون قيصر بشكل رسمي، فنستطيع القول مبارك للشعب السوري… كل الشعب السوري.. وبدون الدخول في زواريب التقسيمات والاتهامات، والاتهامات المضادة، التي تنغص حياة ويوميات السوريين، وتضيع بوصلتهم.

كان قانون قيصر، سيفاً موضوعاً على رقبة الشعب السوري، ينحرها ببطء وبألم، وإلغائه يشكل فرصة رائعة، لنستطيع أن نبدأ من جديد، لبناء سورية المستقبل.

مهما قلنا عن الأسباب التي أوصلتنا إلى إلغاء القانون، فنستطيع القول، بأن الوصول إلى هذا الإلغاء كان ضرورياً، لأن استمراره كان كارثة، ومعاندة الأمريكيين وسط هذه الظروف التي نحن فيها اليوم كارثة أكبر، والثمن سيكون المزيد من دماء السوريين، والمزيد من الحصار والضغوط، وإفقار وإذلال الشعب السوري، رغم ما يعانيه من استنزاف وأزمات وفقر وقهر.

وهناك نقطة مهمة، وهي أن مبادرة ترامب لإلغاء القانون، لم تأت لكرم أخلاق منه، ولا بسبب حبه للشعب السوري، أو حرصه عليه، ولا في لحظة مراجعة، أو تأنيب ضمير (غير موجود) أمريكية أو من القوى الإقليمية والدولية المؤثرة، على ما فعلوه بالشعب السوري، وهم يتصارعون على أرضنا، وعلى حسابنا وبدمائنا، وإنما فرضته حاجة إقليمية ودولية، تتطلب الهدوء والاستقرار في المنطقة، وهذا مستحيل بدون سورية، وهذا من حسن حظ الشعب السوري، الذي دفع ثمن هذا الصراع غالياً، أن تتلاقى مصلحة كل القوى المتصارعة والمؤثرة، على الهدوء في سورية.

أما تبجح ترامب حول الجولان، فهو ليس سوى كلام فارغ وسخيف، فالجولان وبدون الدخول أيضاً في التفاصيل والاتهامات، سواء كانت حقيقة أم تضليلاً، عمن باع ومن اشترى ومن تنازل، فهو أرض سورية، لا يملك أحد في العالم، لا في الداخل ولا في الخارج، حق التنازل عنه، لأنه حق مصان للشعب السوري، بموجب القوانين الأممية، والشرعية الدولية، وقد خسرناه في لحظة اختلال في توازنات القوى، التي أدت إلى هزيمة حزيران عام 1967، ولم نستطع استعادته خلال 57 عاماً، بسبب استمرار هذا الخلل، ورغم وجود القرارات الأممية والدولية، التي تتكرر سنوياً، حول هذا الحق، وعندما تتغير هذه التوازنات، فسوف نستعيده، رغماً عن أنف ترامب، وتوقيعه وتبجحه.

ما يجري يؤكد، أن عوامل قوة سورية، ترتكز على ثلاثة أركان، وهي (شعب، وجيش، وموقع جيوسياسي) أما وقد بتنا نفتقد وجود جيش قادر على خوض معارك، للدفاع عن الحقوق السورية مع الخارج، فبقيت لدينا قوة الشعب والموقع، ويجب أن لا نستهين بما نتملك، فالموقع الجيوسياسي لسورية، حاجة لكل القوى الإقليمية والدولية، التي تريد أن تجد لها موقعاً وقيادة ومصالح في منطقتنا، التي تعتبر الأهم في العالم، والمؤشر على صعود وانهيار الامبراطوريات والدول العظمى عبر التاريخ، وهذا لا يمكن أن يكتمل بدون مفتاحها (سورية) وكان هذا أحد الأسباب الرئيسية لإلغاء القانون، أما الشعب السوري، فهو ذكي وخلاق ومبدع، وصانع حضارة، وفي مقدمة شعوب العالم، وهو قادر على بناء سورية، وبسرعة فائقة، إذا ما أعطيت له الفرصة.

هذا يشكل رسالة مهمة للقيادة السورية، بأن تستثمر وتعتمد، على ما تمتلكه سورية من عوامل قوة كبيرة، وفي مقدمتها الشعب السوري، فنحن في هذه الفرصة، بحاجة لكل مهندس، وطبيب، وحقوقي، وأكاديمي، وإداري، وفني، ولكل يد عاملة وخبرة سورية، لأن نهضة سورية، وإعادة بنائها، لا يمكن أن تتم بدون مشاركة جميع السوريين، وهذا يتطلب اتخاذ كل ما يلزم لاستثمار هذه الثروة البشرية الجبارة، والتي تشكل اليوم طاقة كامنة وكبيرة، تحتاج لمن يطلقها، وهذا لا يمكن أن يتم، بدون دستور، تتم صياغته على أسس وطنية، وتتناسب مع خصوصية الشعب السوري، وسيادة القانون، ومصالحة وطنية شاملة، ونتمنى أن لا نضيع هذه الفرصة.

أما وقد أصبحت الفرصة سانحة الآن، وأصبحنا على أبواب مرحلة جديدة، كلها أمل وتفاؤل، فنستطيع القول.. أعطوا الشعب السوري حقوقه، وهيئوا له الفرصة للانطلاق، وخذوا ما يدهش العالم.

(أخبار سوريا الوطن1-الكاتب)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

من تدمر إلى سيدني… “داعش” يطل مجدداً

إذا ما ثبتت فرضية ارتباط منفّذي هجوم سيدني بـ”داعش”، فسيكون أخطر هجوم خارجي للتنظيم منذ الهجوم على صالة للموسيقى قرب موسكو في آذار/مارس 2024، الذي ...