آخر الأخبار
الرئيسية » من المحافظات » الساحل السوري.. استراتيجية معطلة وفرص تنموية مهدورة

الساحل السوري.. استراتيجية معطلة وفرص تنموية مهدورة

Skip to content

ميساء العلي:

 

رغم المقوّمات التي يتمتع بها الساحل السوري كمنطقة استراتيجية ذات إمكانات اقتصادية كبيرة، تجمع بين الموارد الزراعية الغنية والسياحية والتجارية، والمناخ المناسب، والقرب من البنية التحتية للنقل والموانئ، إلا أن المنطقة لم تحصل على فرصة حقيقية على صعيد الاستثمار والتنمية الصناعية، حيث ظلّت مشاريع مثل معامل إنتاج الحمضيات أو الصناعات الغذائية وغيرها خلال حكم النظام الخلوع مجرد وعود لم تُترجَم إلى واقع ملموس.

 

هذا الإهمال انعكس على الأداء الاقتصادي للمنطقة، وأدى إلى تضاؤل فرص العمل وتراجع مساهمة الساحل في الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بإمكاناته الحقيقية.

 

وأكد الرئيس أحمد الشرع، خلال لقائه وجهاء وأعيان محافظتي اللاذقية وطرطوس، أن منطقة الساحل تتمتع بأهمية استراتيجية، ومؤهلة لتكون مركزاً للاستثمار في قطاعات السياحة والصناعة والزراعة، والخدمات.

 

وأوضح الرئيس الشرع أن الحكومة بدأت بتسريع الاستثمارات في الموانئ عبر شركات دولية كبرى، ضمن مشروع لتحويل الساحل إلى محطّة أساسية للنقل التجاري بين الشرق والغرب.

 

وشدد على أن عام 2026 سيكون بداية تحوّل فعلي ملموس على الأرض، مشيراً إلى فتح أسواق زراعية جديدة ودخول تقنيات حديثة، ما سيخلق فرص عمل ويقلل من البطالة، خصوصاً في الساحل وحلب ودمشق.

 

وفي تصريح سابق أواخر الشهر الماضي، خلال مشاركته باجتماع موسع في اللاذقية عبر اتصال فيديو، أشار الرئيس الشرع إلى أن الجغرافيا السورية مترابطة ومتكاملة، ومن الصعب فصل أي جزء منها عن الآخر، فلا يمكن للساحل أن تكون له سلطة قائمة بذاتها منعزلة عن بقية المناطق، فموارده ترتبط بشكل مباشر مع المنطقة الشرقية- وكذلك العكس- كما أن سوريا بلا منفذ بحري تفقد جزءاً أساسياً من قوتها الاستراتيجية والاقتصادية.

 

فرصة استثمارية

يقول الخبير الاقتصادي الدكتور يحيى السيد عمر: إن الاستثمار في الساحل يمثّل فرصة لتعزيز الاقتصاد المحلي بشكل ملموس، إذ إن إنشاء معامل متخصصة في المنتجات الزراعية يمكن أن يزيد القيمة المضافة للإنتاج، ويقلل الفاقد في سلسلة الإنتاج، كما يفتح أبواب التصدير ويخلق وظائف للشباب.

 

إضافة إلى ذلك، فإن قرب الساحل من موانئ رئيسية يتيح فرصة لتطوير الصناعات التحويلية وتحسين سلاسل التوريد، ما يعزز القدرة التنافسية للمنتجات السورية في الأسواق الإقليمية والدولية.

 

وأضاف السيد عمر لصحيفة “الثورة السورية” أن الساحل السوري لم يُستثمر سياحياً بشكل جدّي، رغم امتلاكه مقوّمات طبيعية وجغرافية مميزة، مثل السواحل والمناطق الجبلية، التي يمكن أن تتحول إلى مناطق جذب سياحي كبير.

 

فدول مثل لبنان وتركيا واليونان تمتلك مناطق مماثلة جغرافياً واستثمرتها بشكل فعّال في السياحة، ما حقق لها إيرادات ضخمة وفرص عمل واسعة، بينما ظلّ هذا القطاع في الساحل السوري مهملاً بالكامل.

 

تحديات متعددة

يشير الخبير إلى أن الاستثمار في الساحل يواجه تحديات متعددة، منها: غياب سياسات واضحة، والروتين الإداري الطويل، ونقص التمويل، والحاجة إلى تأهيل القوى العاملة، وهي كلها عوامل أعاقت تحويل الموارد الطبيعية إلى قيمة اقتصادية فعلية. إضافة إلى ذلك، فإن ضعف التكامل بين القطاعين العام والخاص أسهم في تراجع المبادرات الاستثمارية الكبيرة، وأبقى المشاريع على نطاق محدود أو عُرضة للركود.

 

ويؤكد السيد عمر أن الاستثمار في الساحل له بُعد اجتماعي مهم لجهة توفير مشاريع صناعية وزراعية تسهم في الحد من الهجرة الداخلية للشباب الباحث عن فرص عمل، كما يعزز استقرار المجتمع المحلي. كذلك، فإن تفعيل الصناعات الصغيرة والمتوسطة يمكن أن يحسن مستوى الخدمات العامة من خلال زيادة الإيرادات المحلية، ويخلق نموذجاً للتنمية المستدامة يعتمد على إنتاج ملموس وليس على المساعدات أو التمويل التقليدي وحده.

 

وأشار إلى أن أهمية الاستثمار أيضاً تتجلى في “زيادة الناتج المحلي الإجمالي ورفع قيمة الصادرات. فمعامل تجهيز المنتجات الزراعية، ومعالجة الأغذية، وإنتاج المعدات الزراعية يمكن أن تحول موارد الساحل إلى محرّك اقتصادي قوي. إضافة إلى ذلك، دعم هذه المشاريع يسهم في تنمية القدرات المحلية، ويعزز ثقافة الإنتاج والابتكار، ويضع الأساس لتوسّع الاستثمارات المستقبلية في قطاعات أخرى مثل الطاقة المتجددة، الصناعات التحويلية، والبنية التحتية الحديثة”.

 

ويرى السيد عمر أن أولويات الاستثمار تظل واضحة: تحويل الموارد الطبيعية إلى منتجات ذات قيمة مضافة، دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، تطوير القطاع السياحي، وتأهيل البنية التحتية لتصبح داعماً للنمو الاقتصادي. ويشير إلى أن النجاح يحتاج إلى استراتيجية وطنية شاملة تضمن توزيعاً عادلاً للفرص والموارد، وتحقيق تنمية اقتصادية متوازنة ومستدامة في كل المناطق السورية.

 

ويعتبر أن الاستثمار في الساحل خطوة استراتيجية لبناء قاعدة إنتاجية قوية تعزز الاستقرار الاجتماعي وتفتح آفاقاً حقيقية للنمو المستدام.

 

آفاق استثمارية

شهد الساحل مؤخراً توقيع سلسلة من الاتفاقيات مع شركات دولية كبرى لإدارة الموانئ بهدف تطوير وتحديث البنية التحتية وتعزيز كفاءتها التشغيلية وزيادة قدرتها التنافسية.

 

كما أعلن الرئيس التنفيذي للشركة السورية للبترول يوسف قبلاوي، وجود خمس مناطق جديدة لاستكشاف الغاز في الساحل، مشيراً إلى أن سوريا ستكون مركزاً مهماً لتوزيع الغاز في أوروبا.

 

وكانت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية في سوريا، وقعت اتفاقية لتطوير وتشغيل ميناء اللاذقية مع شركة “CMA CGM” الفرنسية، ضمن خطة للنهوض بواقع الموانئ السورية وتحسين كفاءتها التشغيلية. كما وقعت اتفاقاً مع شركة “موانئ دبي العالمية” بقيمة 800 مليون دولار بهدف تعزيز البنية التحتية والخدمات اللوجستية في ميناء طرطوس.

 

كما وقعت هيئة الاستثمار السورية ومجموعة “الحبتور” الإماراتية مذكرة تفاهم لإطلاق مشاريع استثمارية وتنموية في المنطقة الساحلية، تهدف إلى تطوير مشاريع ضخمة في مدينة اللاذقية، وتسهم في تعزيز السياحة المستدامة وتحقيق تنمية مجتمعية شاملة، مع التركيز على خلق فرص عمل وتحسين البنية الاقتصادية في المنطقة.

 

أخبار سوريا الوطن١-الثورة

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

محافظ طرطوس يستقبل وفداً من منظمة الأمم المتحدة لبرنامج الأغذية العالمي

  استقبل محافظ طرطوس، السيد أحمد الشامي، في مكتبه اليوم وفداً من منظمة الأمم المتحدة لبرنامج الأغذية العالمي (WFP)، ممثلاً بالسيد تيونغي ماتشيواناكيا مدير المنطقة ...