لوريس عمران
تقف شجرة البلوط على سفوح جبال اللاذقية وجبلة شاهدة على علاقة قديمة بين الإنسان والطبيعة. هذه الشجرة التي ارتبطت بحياة أهالي الجبال، لم تكن مجرد مصدر للظل أو الحطب، بل شكلت عبر الأجيال جزءاً من الموروث الغذائي والعلاجي، حتى أطلق عليها لقب «كستناء الفقراء» لما وفرته من بدائل طبيعية في أزمنة الشح.
ثمار البلوط المعروفة محلياً باسم «الدوّام» حظيت باهتمام واسع في الطب الشعبي حيث أكد عدد من العاملين في مجال الأعشاب والعطارة أن مغلي لحاء البلوط استخدم تقليدياً للتخفيف من حموضة المعدة، والمساعدة في حالات نزف البواسير، إضافة إلى استعماله كمضمضة للتقليل من تقرحات الفم. لافتين إلى أن شرب هذا المغلي له دور وقائي في دعم صحة المعدة، وهي استخدامات متوارثة تناقلها الناس جيلاً بعد جيل.
وصفات شعبية
من جانبه أشار أحمد وزان أحد العطارين في مدينة اللاذقية لـ “الحرية ” إلى أن لحاء البلوط يدخل في وصفات شعبية تهدف إلى تقوية العضلة القلبية وتنظيم ضربات القلب، والمساعدة على طرد البلغم، إضافة إلى الاستفادة منه في حالات دوالي الساقين.
ويشرح وزان أن خلط لحاء البلوط مع حبة البركة واللوز، و طحنها مع قليل من العسل، يعد من الوصفات المتداولة التي يتناولها البعض صباحاً على الريق ، مضيفاً أن مغلي لحاء البلوط يستخدم خارجياً في معالجة بعض حالات الأكزيما عبر غمر الجزء المصاب.
بديل عن القهوة
وأكد وزان أن الاستخدامات الشعبية لا تتوقف عند هذا الحد، إذ يعتقد أن ثمرة البلوط بعد تقشيرها وتجفيفها و تحميصها و طحنها يمكن أن تستعمل بديلاً عن القهوة، في مشروب يقبل عليه البعض بوصفه مقوياً عاماً و داعماً للخصوبة(للرجال والنساء )على حد سواء، مبيناً أن هذه الممارسات لا تزال حاضرة في القرى الجبلية، حيث يستهلك البلوط أحياناً بطريقة تشبه تناول الكستناء.
الموروث الشعبي
وفي السياق نفسه أكد الخبير الزراعي المهندس ياسر العلي أن شجرة البلوط تعد من الأشجار المعمرة ذات القيمة البيئية والغذائية العالية، مبيناً أن فوائدها في الموروث الشعبي كثيرة ومتنوعة، مشيراً إلى أن اعتماد سكان الجبال على ثمارها كان ولا يزال جزءاً من نمط حياتهم، خاصة في ظل نقص الموارد، ما جعلها رمزاً للاكتفاء والارتباط بالأرض.
تأكيداً على حديث العلي، تبقى شجرة البلوط أكثر من عنصر طبيعي في الغابات الساحلية، فهي ذاكرة حية تختزن تجارب الناس، ونموذج لاستخدام الموارد المحلية في الغذاء والعلاج الشعبي.
أيضاً مع تقدم العلوم الحديثة في دراسة النباتات، يظل هذا الإرث بحاجة إلى توثيق علمي متوازن يحفظ الحكمة الشعبية ضمن إطارها الصحيح، إضافة إلى التأكيد بأن الشفاء بيد الله، وأن الطب الحديث هو المرجع الأساسي في التشخيص والعلاج.
(أخبار سوريا الوطن2-الحرية)
syriahomenews أخبار سورية الوطن
