عبد القادر سعد
حمل اليوم الأخير من بطولة كأس العرب مشاعر متناقضة، تنوعت بين القلق والترقب والفرح والحزن. يوم عربيٌ طويل كان معروفاً كيف بدأ لكن لم يكن أحد يتوقع كيف سينتهي. على الجدول كان هذا اليوم موعداً لإقامة المباراتين النهائيتين للبطولة العربية. الأولى على المركزين الثالث والرابع بين السعودية والإمارات، والثانية على اللقب بين المغرب والأردن.
العنوان الرئيسي لليوم الختامي كان الطقس. فالتوقعات كانت تشير إلى أن يوم الخميس 18 كانون الأول 2025 هو يوم عاصف وممطر في العاصمة القطرية الدوحة. عدد من الاستحقاقات كانت مسجّلة. ساعات الصباح الأولى حتى فترة ما قبل الظهر كان الطقس جيداً. هذا ما سمح بمرور استحقاق مهم للدولة هو احتفالات العيد الوطني على الطريق الرئيسي في الكورنيش البحري. احتفال رسمي وشعبي مميز مرّ على خير، لتنتقل العين إلى ملعب خليفة الدولي حيث ستقام مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع.
تبدلت الأحوال الجوية بشكل سريع. من مشمسة ومستقرة إلى ممطرة وعاصفة. لم تستطع المباراة بين السعودية والإمارات أن تصمد أمام قوة العاصفة فتوقفت في شوطها الأول، ثم عاد الاتحاد الدولي لكرة القدم وألغاها معتبراً أن المنتخبين احتلا المركز الثالث وسيتم توزيع جوائز المركزين الثالث والرابع والبالغة قيمتها حوالى الخمسة ملايين دولار بالتساوي على المنتخبين.
منذ هذه اللحظة بدأ التفكير بالمباراة النهائية مع أسئلة عدة بدأت تُطرح. هل ستُقام المباراة؟ هل سيستطيع القيمون عليها إكمالها وتتويج فائز؟ كيف ستكون الحال على الأرض في ملعب لوسيل؟ خصوصاً مع صور مقلقة من ملعب خليفة حول كمية المياه التي تجمعت على الأرضية.
كانت الأمطار التحدي الأكبر خلال اليوم الأخير من البطولة وأدت إلى إلغاء مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع
هل سيتأثّر الحضور الجماهيري في ملعب يتّسع لثمانية وثمانين ألف مشجع؟
وغيرها وغيرها من الأسئلة.
حالة من الطوارئ تمّ إعلانها على صعيد اللجنة المنظمة. هذه اللجنة التي نظمت كأس العالم قبل حوالى ثلاث سنوات، والتي تملك خططاً وتجهيزات كاملة لإدارة وكيفية التعامل مع الكوارث على أكثر من صعيد ومنها المناخي.
مرّت الساعات واقترب موعد المباراة. استمر هطول المباراة بغزارة، لكن المشهد خارج ملعب لوسيل وفي محطة المترو القريبة منه مفاجئاً. الآلاف من الجماهير تزحف إلى الملعب وتسير تحت الأمطار في المسافة الطويلة المؤدية إلى الملعب. المنظمون كانوا حاضرين عبر المظلات والملابس الواقية حيث تم توزيع الآلاف منها على الجماهير.
مشهد صادم لجماهير وفية. لم تعد القضية مجرد مباراة نهائية، بدت الجماهير وكأنها تقوم بواجب وطني. وإذا كانت هذه حال جماهير الأردن والمغرب، إلا أن كثيرين من الجاليات العربية والأجنبية أيضاً حضرت إلى الملعب، رافضة أن تحرمها الأحوال الجوية فرصة المشاركة في هذا العرس الكروي الكبير. فدرجات الحرارة على تطبيقات الأحوال الجوية كانت تشير إلى 14 درجة مع رياح قوية تجعل الشعور بالبرودة وكأنها درجة 6 مئوية.
(أ ف ب)
(أ ف ب)
في الدقيقة 75 من المباراة أعلن القيمون على المباراة الرقم الرسمي للحضور الجماهيري: 85,517 مشجعاً. رقم قياسي وقد تكون دلالته مضاعفة في ظل الظروف المناخية الصعبة.
المباراة النهائية لم تخذل الجمهور الوفي فكانت «وجبة كاملة الدسم» على الصعيد الفني والتهديفي. خمسة أهداف مع تمديد لشوطين إضافين بعد تعادل المنتخبين 2-2 في الوقت الأصلي، لتكون الغلبة للمغاربة الذي فازوا باللقب للمرة الثانية في تاريخهم.
اختلف المشهد بعد انتهاء المباراة لدى خروج الجمهور. توقفت الأمطار وزحفت الجماهير عائدة إلى الدوحة، بعضها حزين وبعضها فرح والبعض الآخر مستمتع بما شاهده في ملعب لوسيل.
الأماكن السياحية والمناطق المخصصة للمشجعين لم تخلُ من روّادها رغم برودة الطقس، لكن ليس بالأعداد المعتادة. في المناطق الرئيسية وفي المقاهي كان المشهد متناقضاً. جماهير مغربية تحتفل باللقب، وجماهير أردنية حزينة خصوصاً أن سيناريو عدم الفوز باللقب كان مؤلماً، إلى جانب أن الأردنيين استحقوا الفوز بالكأس بدورهم بعد الصورة الفنية الرائعة التي قدمها النشامى.
تفوّق أسود الأطلسي على النشامى بالنتيجة واللقب فقط، لكن الجميع كان رابحاً في البطولة العربية. كل من سمحت له الظروف أن يكون حاضراً حمل معه ذكريات عن بطولة لا يمكن أن تُنسى.
أخبار سوريا الوطن١-الأخبار
syriahomenews أخبار سورية الوطن
