كشف تحقيق أجرته وكالة «رويترز» أن بعض السجون ومراكز الاحتجاز التي كانت تضم عشرات الآلاف من المعتقلين خلال حكم الرئيس السوري السابق، بشار الأسد، أصبحت اليوم مكتظة بمواطنين تحتجزهم قوات الأمن التابعة للرئيس الانتقالي، أحمد الشرع، من دون توجيه تهم رسمية.
وجمعت «رويترز» أسماء ما لا يقل عن 829 شخصاً تم اعتقالهم، لأسباب أمنية، منذ سقوط نظام الأسد قبل عام، وذلك استناداً إلى مقابلات مع محتجزين سابقين وأفراد من عائلات معتقلين. وللوصول إلى هذا العدد، راجعت «رويترز» أيضاً قوائم غير كاملة بأسماء المعتقلين أعدها أشخاص نظموا زيارات عائلية إلى سبعة مراكز احتجاز.
وتشير المقابلات وقوائم المعتقلين وشهادات متعددة عن الاكتظاظ في السجون ومراكز الاحتجاز إلى أن عدد المعتقلين، لأسباب أمنية، أعلى بكثير من العدد الذي تمكنت «رويترز» من جمعه.
وفق الوكالة «تكشف عشرات المقابلات أن بعض الانتهاكات التي كان السوريون يأملون أن تنتهي بسقوط الأسد عادت على يد رجال يعملون لصالح الحكومة المؤقتة: الاعتقالات التعسفية دون توجيه تهم أو وجود أوراق رسمية، استخدام بعض أساليب التعذيب والانتهاكات نفسها، بالإضافة الي حالات وفاة خلال الاحتجاز لا يتم تسجيلها. كما وقع بعض المعتقلين ضحية للابتزاز، بحسب مقابلات مع 14 عائلة».
واطلعت «رويترز» على مراسلات خمس من هذه العائلات مع من يزعمون أنهم حراس في السجون أو وسطاء يطالبون بالمال مقابل إطلاق سراح أحد أقاربهم.
تشمل مرافق الاحتجاز، التي رصدها تحقيق «رويترز»، سجوناً رئيسية ومراكز اعتقال كبيرة تقع ضمن مجمعات ضخمة كان يديرها في السابق جهاز المخابرات التابع للنظام السابق، بالإضافة إلى مراكز احتجاز أصغر عند نقاط التفتيش ومخافر الشرطة.
ويفتقر المحتجزون في هذه المرافق إلى سبل الانتصاف القانونية، وأفادت 80 عائلة، على الأقل، بأنها فقدت أثر أقاربها لأشهر طويلة.
لا تُهم علنية!
ويختلف مستوى السماح للمحامين وأفراد العائلات بزيارة المحتجزين من منشأة إلى أخرى. ووجدت «رويترز» أن توجيه تهم علنية للمعتقلين الأمنيين أمر نادر، بخلاف ما يحدث مع المتهمين بجرائم جنائية.
كما وجدت أن المعتقلين، لأسباب أمنية، ينقلون إلى سجون كانت تابعة لقوات المعارضة، بما في ذلك تلك التي كان يقودها الشرع في معقله السابق بمحافظة إدلب بشمال البلاد. وانضم هؤلاء المعتقلون إلى سجناء محتجزين هناك، منذ سنوات الأزمة السورية، لأسباب أمنية، وفقاً لشهادات نحو 12 سجيناً سابقاً.
في مختلف أنحاء سوريا، تحدث معتقلون سابقون وعائلات معتقلين حاليين لـ «رويترز» عن ظروف غير إنسانية عانوا منها هم أو أقاربهم أثناء احتجازهم، من اكتظاظ شديد ونقص في الغذاء وانتشار الأمراض الجلدية نتيجة نقص الصابون.
وأكد كل من المعتقلين لأسباب أمنية والمتهمين بجرائم عادية أن سوء المعاملة والإهمال متفشيان في مراكز الاحتجاز التي سجنوا فيها.
كما وصف 40 شخصاً قابلتهم «رويترز»، كانوا معتقلين سابقين أو من عائلات المحتجزين، تعرضهم لسوء المعاملة وأحياناً للتعذيب، لا سيما في مراكز الاحتجاز غير القانونية.
ووثقت «رويترز» وفاة ما لا يقل عن 11 شخصاً رهن الاحتجاز من بينهم ثلاث حالات قالت فيها العائلات إنها لم تعلم بوفاة أبنائها إلا بعد دفنهم.
في المجمل، أجرت «رويترز» مقابلات مع أكثر من 140 سورياً لإعداد هذا التقرير، من بينهم معتقلون سابقون وأقارب ومحامون ونشطاء حقوقيون. كما اطلعت على مراسلات بين حراس سجون وعائلات معتقلين، علاوة على صور توثق حالات تعذيب مزعومة.
وإذ أشارت «رويترز» إلى أنها لم تمكن من التحقق، بشكل مستقل، من بعض تفاصيل روايات المعتقلين وعائلاتهم، لفتت إلى أن روايات من قابلتهم «اتفقت في تفاصيلها»، بما في ذلك ما وصفوه من سوء معاملة في أماكن الاحتجاز.
لكن «رويترز» وجدت أن موقعين في دمشق أعلنت الحكومة إغلاقهما، وهما سجن مطار المزة العسكري وسجن فرع الخطيب، استأنفا العمل خلال العام الماضي.
ابتزاز مالي
وروت 14 عائلة وأربعة محامين تعرضهم لابتزاز مالي مقابل إطلاق سراح محتجزين. في معظم الحالات لم يكونوا على يقين من هوية الشخص الذي يتصل بهم عبر الهاتف طلباً للمال أو لعلاقته بعملية الاحتجاز.
تتفاوت المبالغ المطلوبة بشدة. علي سبيل المثال طلب من عائلات المعتقلين العاديين -من مجندين ومزارعين وعمال- دفع مبالغ تتراوح بين 500 و15000 دولار. فيما قالت عائلات ضباط في الجيش، أو أشخاص كانوا يتمتعون بنفوذ في عهد الأسد أو يُعتقد أنهم ميسورون، إن المبالغ التي طلبت منهم كانت أكبر بكثير.
وأفادت ست عائلات بأن الفدية التي طلبها الشخص الذي تواصل معهم تجاوزت مليار ليرة سورية، أي 90 ألف دولار.
كان من بين المفقودين عدة أفراد من عائلة علوية واحدة اختفوا خلال عمليات القتل التي وقعت في آذار على الساحل.
وثقت «رويترز» وفاة ما لا يقل عن 11 شخصاً أثناء احتجازهم، وذلك من خلال التحدث مباشرة مع ذويهم، ومن بينهم ثلاثة قالت الحكومة إن وفاتهم قيد التحقيق. ولم تقدم الحكومة العدد الإجمالي للوفيات في الحجز، ولم تعلق على نتائج «رويترز» بشأنها.
أخبار سوريا الوطن١-الأخبار
syriahomenews أخبار سورية الوطن
