آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » فيلم “ردع العدوان”.. وثيقة مرجعية للتاريخ السوري المعاصر

فيلم “ردع العدوان”.. وثيقة مرجعية للتاريخ السوري المعاصر

 

 

 

فؤاد مسعد:

 

“معركة ردع العدوان مدرسة كبيرة، أعطت تاريخاً جديداً لكلّ المنطقة ولكلّ العالم” بهذه العبارة المُكثفة والمعبّرة، يلخص الرئيس أحمد الشرع معركة “ردع العدوان” في المشهد الأخيرة من فيلم يحبس الأنفاس، متناولاً دقائق الأمور وتفاصيلها، مشكلاً خارطة أقرب ما تكون إلى لوحة فسيفسائية تمّ تركيبها قطعة وراء أخرى ، للوصول بها إلى المعركة التي كتبت التاريخ الجديد لسوريا، وسُمّي الفيلم على اسمها ليكون وثيقة للتاريخ.

 

حكاية التحرير

“ردع العدوان” فيلم وثائقي من إنتاج المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني في وزارة الإعلام، يروي حكاية التحرير، ويميط اللثام عن مشاهد حصرية وأحداث وحقائق تُقدّم بكثير من الدقة للمرة الأولى على الشاشة عن معركة التحرير وما سبقها من تحضيرات لم تكن وليدة اللحظة، وإنما تقف وراءها سنوات عديدة من الإصرار والعمل والإيمان بالقضية السورية.

 

تفرّد الشريط السينمائي بتوثيق حجم التجهيزات والتدريبات والجهود العسكرية التي بُذلت، محاكياً ثلاثة محاور، أساسها “المحور العسكري” وجناحيه “المحور الأمني” و”المحور السياسي”، مقدّماً سردية متماسكة برواية أصحاب القرار والأشخاص الذين أشرفوا بشكّل مباشرة على العملية، بداية من رئيس الجمهورية أحمد الشرع، ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة، ووزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني، ووزير الداخلية أنس خطاب، ورئيس هيئة الأركان العامة اللواء علي النعسان، وقادة عسكريين، شاركوا في المعركة بشكل مباشر، تكلم كلّ منهم عن الجوانب التي كان مسؤولاً عنها.

 

الفيلم الذي يُعد من أضخم الأعمال الوثائقية التي أنجزت عن التحرير، مازج بين رؤيا بصرية مشهدية للتجهيزات والتدريبات والمعارك والخرائط والأماكن التي كانت تُدار منها المعركة، وبين اللقاءات الحصرية التي جاءت متسلسلة بشكل مُحكم، مقدّمة زخماً من المعلومات الهامة، شارحة بالتفصيل الكثير من مجريات الأحداث والخطط وآليات التنفيذ بشكل مترابط ومتتابع زمنياً، بما فيها “تبديل محاور عسكرية خلال مدة قصيرة جداً، تعطيل الألغام، ابتكار الحلول التكتيكية التي تُحدث فارقاً في المعركة، اختراق أجهزة النظام..”وغيرها الكثير.

 

منح ظهور الرئيس أحمد الشرع أمام خريطة كبيرة مجسمة شارحاً ما يحدث على الأرض من معارك، ثقلاً هاماً وخصوصية للفيلم مما أغنى خطوطه، فقائد المعركة يتحدث عن المحاور وشكل الحالة العسكرية هنا أو هناك وكيف يتحرك المقاتلون، والصعوبات والحلول التي تمّ اللجوء إليها..

 

كلها أمور ساهمت في ترسيخ الحالة، وجاء تكرار هذا الحضور كلّ مرة في مكانه مع دخول كلّ مدينة أو مكان جديد.

 

مما لا شك فيه أن اللقاءات والمشاهد الحصرية لا تكفي وحدها لإنجاز فيلماً متكاملاً، وإنما يحتاج الأمر لمن يجمعها ويُخرجها ويقدّمها بالشكل الذي يمكن من خلاله أن توصل رسالتها بالإطار الصحيح والمناسب، وضمن هذا الإطار جاء السيناريو المُحكم أساساً اعتمدت عليه الرؤية البصرية الفنية الإبداعية لتكون أكثر تأثيراً، كما أعطِيت الموسيقا حيزاً من الأهمية فجاءت مُدعّمة ومُكرّسة للحالة المشهدية المُقدّمة، وبدا واضحاً الإتقان في عمليات المونتاج والغرافيك والمؤثرات البصرية، إضافة إلى العديد من المشاهد التي أعيد تصويرها من أجل الفيلم.

 

من الانكسار إلى الانتصار

ينطلق الفيلم في مشاهده الأولى من حيث النتيجة، دخول قوات ردع العدوان وانسحاب مقاتلي النظام المخلوع، يمر كلّ منهم إلى جانب الآخر، المنتصر إلى جانب المهزوم، مروراً آمناً، لتعود الكاميرا إلى الوراء زمنياً حيث المقاتلون يرابطون ليلاً ويخوضون المعركة.

 

هي إرهاصات، تبدأ من بعدها الحكاية، بكلام للسيد رئيس الجمهورية العربية السورية أحمد الشرع مشيراً إلى الدروس التي تعلمها من الحياة، يقول: “خسرت الكثير من المعارك، وكانت بالنسبة لي محطّات ودروس كبيرة للتعلم منها لاحقاً”.

 

مشيراً إلى أن الثورة مرّت بمراحل متعددة ابتداء من نشأتها والحراك السلمي، ثم مجموعة من المعارك، وتدخل داعش وانحسار الثورة في فترة من الفترات، و”كانت ذروة الانحسار في 2019 و 2020″.

 

هذه المحاكاة قام بها العديد من القادة، في فيلم ينطلق في سرديته من عام 2020 عند بدء الهدنة وإيقاف التصعيد وصولاً إلى قلب الطاولة والوصول إلى النصر.

 

يقول وزير الدفاع مرهف أبو قصرة: “تعرضت المناطق المحررة لحملة شرسة في نيسان 2019 واستمرت ما يقارب عاماً كاملاً انتهت في آذار 2020، انتهت الحملة ودخلنا في مرحلة، كما يُسمى، منطقة خفض التصعيد، وخسرنا منطقة جغرافية كبيرة”.

 

أما وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني فيقول: “وضعنا الأوراق مرة أخرى على الطاولة وبدأنا بتقييم أنفسنا، ولماذا خسرنا هذه المناطق، وما هي الحالة السورية اليوم”.

 

ما إن ينتهي الكلام عن هذه المرحلة حتى يظهر مشهد للرئيس أحمد الشرع في غرفة العمليات العسكرية، دلالة على تخطي مرحلة والانطلاق نحو مرحلة النهوض التي بدأتعلاماتها تتبدى، فالقرار اتُخذ نحو “الحسم العسكري”، وهناك خطوات عملية أخذت تظهر على الأرض من خلال إجراء مراجعة شملت إعادة تنظيم وترتيب القوات وتوزيع الأدوار، و”محاولة دمج الفصائل أو توحيد الرؤيا العسكرية”.

 

يشير رئيس هيئة الأركان العامة اللواء علي النعسان إلى إعادة هيكلة وتنظيم القوات العسكرية، “من هنا جاءت فكرة تشكيل المجلس العسكري، الذي يضم مكونات الثورة”.

 

التحضير للمعركة

يحكي وزير الداخلية أنس خطاب عن جهاز الأمن العام في منطقة إدلب، والوحدات التي كانت خلف الخطوط ، “هي جهة اختصاصها العمل في مناطق النظام” وتعمل على جمع المعلومات، وتتالى اللقاءات التي تتقاطع مع مشاهد من التدريبات العسكرية، حيث يؤكد الرئيس الشرع أن المؤسسة الأمنية في إدلب كان لديها مقدرة كبيرة على اختراق أجهزة النظام، وحتى إيصال أوامر خاطئة له، كما استطاعت الوصول إلى مفاصل حساسة في الدولة، خاصة فيما يتعلق بجانب الاتصالات، الأمر الذي كان له دور في بداية المعركة حيث كان المعلومات تصل أولاً بأول، و”النظام فقد الثقة في منظومة الاتصالات التي عنده، والأوامر التي تُعطى إلى الجنود أصبحت غير موثوقة المصدر، بالنسبة له”.

 

حتى إنه تمّ قبل المعركة بأيام الحصول على الخريطة التي يعطي النظام الأوامر من خلالها، كما تم في الفترة الأخيرة قبل المعركة تكثيف “العمليات الإنغماسية”، ومن خلالها يمكن اختبار مستوى دفاعات النظام، و”كانت وسيلة جديدة لم يعتد عليها”.

 

ينتقل الحديث إلى مستوى آخر يتعلق بالصناعات العسكرية حيث تظهر مشاهد للرئيس الشرع وهو بجرب الدبابة ويفحص “الدرون”، ويشير إلى أهمية التصنيع المحلي لأن السوق لا تلبي حاجة المعركة، ويعرج نائب وزير الدفاع اللواء محمد خير شعيب على “التصنيع المحلي وخاصة ذخيرة المدفعية”.

 

وعلى صعيد آخر يُفصح وزير الخارجية والمغتربين عن كيفية تعاطي الدول مع المعركة المنتظرة، فحلفاء الثورة السورية ومن كان يهتم بالمشهد السوري يخشى من المعركة، لأن عدم نجاحها سيؤدي إلى واقع إنساني معقد، وإلى إعلان انتصار رسمي للنظام المخلوع، “لم تشجعنا الدول ولم تكن متحمسة لهذه المعركة”.

 

يؤكد الرئيس أحمد الشرع أنه قبل المعركة بأربعة أشهر تمّ إعادة تنظيم القوة العسكرية بما يتناسب مع خطّة “قمنا بتوزيع جديد للقوة العسكرية”، يتحدث وأمامه مجسم للخريطة، مشيراً إلى أهمية تشتيت الطيران وتوسيع المحاور، فالخطّة دخول حلب من ستة محاور تمّ شرحها خلال الفيلم بدقة، لافتاً إلى التجهيز للمعركة قبل شهرين تقريباً من بدئها، والنظام كان يستقرئ وضع الجبهات، وبعض الأجهزة في إدلب ترسل بيانات خاطئة عن موعد المعركة، فأصبح لديه استنفارات متعددة، مما أضعف ثقة الجنود والقادة بالمعلومات التي تأتي من أفرعه الأمنية.هذا الكلام كله يجري والكاميرا في تنقل مستمر بين المُتحدث تارة ومشهد من داخل غرفة العمليات تارة أخرى، مشهد للجنود خلال استعدادهم وهم بكامل العتاد، وفي مشهد آخر يظهر الرئيس وهو يعطي تعليماته والخريطة أمامه، وفيما بعد تظهر الدراجات النارية والسيارات المتأهبة، هذه التنقلات كلها تخلق حالة من التصاعد خاصة أنها مرافقة لموسيقا تعكس الحالة وكأنها داخل الميدان وجزء من المعركة المُنتظرة.

 

على أبواب حلب

تحدث قائد الفرقة ٥٤ العميد حسين العبيد عن حشد القوات الذي جرى، أما وزير الداخلية أنس خطاب فأفصح أن الرئيس طلب منه “نقل القوات كلها إلى خط الجبهة من دون أن يشعر أحد، ولكن في لحظة البدء سيكون عدد المقاتلين ثمانية آلاف مقاتل، وهناك عشرات الدبابات والمدرات والمضادات والدراجات الجبلية، والسيارات، أي أن هناك جيشاً كبيراً سيتحرك لخط الجبهة الطويل، فكانت مسألة “دون أن يشعر أحد” صعب جداً، وفي الحملات السابقة لم ينجح، فقال الرئيس “في هذه المعركة لا بد أن ننجح”، وكان بقي لساعة الصفر أسبوعاً واحداً فقط.

 

أشار “قائد الفرقة ٤٤” العميد عبد الرحمن الخطيب إلى كيفية حشد القوات بما في ذلك عملية الحشد تحت الأرض التي ضمت مصفحات ودبابات، وما عزز هذا الكلام المشاهد الموثقة لآلية تنقل الجنود في الأنفاق.

 

وارتفعت حدة التحضيرات للعمل الهجومي، وأول الإجراءات استبدال الألغام الحقيقية بوهمية غير قابلة للانفجار لفتح ثغرات فتكون مناطق عبور للآليات، وهو إجراء اتصف بالخطورة الشديدةً.

 

ترجمة هذا الكلام إلى رؤى بصرية من خلال مشاهد حقيقية مشوقة وجاذبة زاد من جرعة التأثير خاصة أنها مشاهد عن نبش مكان الألغام وإظهار كيفية استبدالها، إضافة إلى الاستعانة بالغرافيك لشرح كيفية توزع اماكنها ومدى المساحة التي تحتلها، ومن ثم كيفية سير العملية وخرق الخطوط المتعددة من عدة جهات تجهيزاً للاقتحام، والالتفاف على المناطق المستعصية.

 

“قائد الفرقة ٥٦” العميد منير الشيخ و”قائد الفرقة ٨٢” العميد خالد الحلبي تحدثا عن المحاور التي أحاطت بحلب والتعزيزات القوية التي كانت تحميها، خاصة أن النظام وزّع كامل جيشه من الساحل إلى حلب، “النظام لم يكن ضعيفاً، فجميع المحاور عبارة عن قلاععسكرية اتبع فيها أسلوب دفاعي متقن، واختراقه ليس سهلاً”.

 

ساعة الصفر لانطلاق المعركة كانت محددة ولكن حتى قادة الألوية لم يكونوا يعرفون بموعدها، وفي مشهد مهيب يظهر الرئيس وهو يقف أمام مجسم للخريطة متحدثاً وشارحاً عما حدث، حيث نُقِلت فرقة من مكان إلى آخر خلال 48 ساعة، “قمنا بالتعديل السريع للمعركة ولكن الخطّة كانت جاهزة”، كما قاموا في ليلة بدء المعركة بنقل الآليات الثقيلة إلى المحور الجديد.

 

كانت هناك العديد من المفاجآت السرية والمُباغتة بما فيها نفق هجومي لم يعلم به إلا القلة القليلة، ويلفت وزير الدفاع إلى صعوبة اتخاذ قرار المعركة.

 

“قرار المعركة كان من أصعب القرارات، في تاريخ الثورة السورية”، في حين يؤكد الرئيس أن عدم نجاح المعركة سيسبب مخاطر كبيرة، كما أن عدم القيام بالمعركة كان سيسبب مخاطر كبيرة على سورية والمنطقة بأكملها.

 

تشتد التحضيرات على خلفية صور ثابتة وأخرى متحركة تعكس الأجواء التي سادت في تلك اللحظات، بين ترقب واستعداد وحذر، وإظهار كيفية تتبع خطوات المعركة.

 

الشرارة الأولى

“قائد الفرقة ٥٢” العميد هيثم العلي تحدث أن الضربة الأولى كانت لكتائب خالد بن الوليد، فمهمتهم كسر الخط الأول، وهناك ضربات للعصائب الحمراء بالتوقيت نفسه، وأشار إلى الخرق الذي حدث، وترافق الشرح المفصل للعملية مع مشاهد صوّرت في المعركة تعبّر عن قوة الهجوم، وما خلّفه من جرحى وشهداء.

 

تمّ إظهار دور سلاح المدفعية وطيران الشاهين الذي استهدف أماكن الحشود وغرف العمليات ومنظومات الاتصالات لقوات النظام المخلوع، ومن الأمور المهمة تزامن ضرب غرفة العمليات في حلب مع إشعال عدّة محاور كي لا يكون هناك غرفة تدير العمل العسكري لدى النظام، “عندما تمّ تدمير غرفة العمليات بدأنا بتحريك القوات بطريقة سلسلة وسهلة، وبدأنا بالسيطرة”. فسرعة الخرق والجرأة زعزع النظام وسرّع في انهياره، وكان هناك عمل ليلي ونهاري، ما شكل صدمة له.

 

يظهر -في الفيلم- مشهد للرئيس في غرفة العمليات حين اتخاذ قرار دخول حلب من المحور الذي تم فيه الخرق “حلب الجديدة”، وكلامه متوجهاً عبر الهاتف للمقاتلين “أوصيكم بالرفق بإخوانكم، والرفق بأهلنا في حلب”،حيث أعطى الأمان للعاملين مع النظام ولمن لم تتلطخ أيديهم بالدماء.

 

ولعل التقاط الكاميرا لمشاهد لقاء المقاتلين مع أهاليهم، يلخص الكثير من الكلام، فجاءت مؤثرة تعبّر عن الفرحة الغامرة، التي تُرجمت بتمزيق صور المخلوع في الساحات والمؤسسات.

 

ومما حرص الفيلم على توثيقه توجيه الرئيس إلى المقاتلين “أحسنوا إلى الناس، وتعاملوا معهم بشكل جيد”، وضمن هذا الإطار يشير وزير الخارجية إلى أن “حلب كانت نموذجاً استطعنا من خلاله أن نوصل أهدافنا ومبادئنا” في إدارة سوريا الجديدة، وكان هناك سعي للحفاظ على البنى التحتية وتقديم الخدمات للناس،حيث يقول: “كانت حلب بمثابة بالون اختبار، إن نجح الثوار في إدارة مدينة حلب أو بطريقة الدخول إليها، وبطمأنة الناس بشكل سريع وعدم نزوحهم منها إلى الخارج نكون قد نجحنا في المعركة عسكرياً ومدنياً وسياسياً، وهذه التجربة ستمهد لما بعدها”.

 

مفتاح دمشق

توّجت مرحلة حلب بمشاهد تُظهر الرئيس أحمد الشرع يجول فيها ويهنئ المقاتلين، ويقول مبشراً “حلب مفتاح دمشق”، وكانت القوات حينها لا تزال على أسوار حماة، المدينة التي كان للنظام فيها قوة كبيرة، وجاء الدخول إليها من ثلاثة محاور، ورغم الاستعصاء وفشل أكثر من هجوم إلا أنه بالإصرار تمكنوا بعد حالة الاستنزاف وضراوة الاشتباكات من دخولها، حيث تظهر المشاهد جولة الرئيس فيها مهنئاً المقاتلين مبشراً بقرب دخول الشام.

 

تنتقل الكاميرا بشكل مفاجئ لمؤتمر الدوحة، في دلالة على الضغوط التي تمارس لوقف الحرب، حيث تلقّى وزير الخارجة اتصالاً من مكتب بيدرسون في سعيٍ للحل السياسي إلا أنه لقي الرفض، وكانت هناك محاولات حثيثة لإيقاف اطلاق النار في سورية، ولفت إلى الاتصالات السياسية التي كانت ترد “وصلتنا معلومة أنه في يوم الإثنين 9 ديسمبر ستكون هناك دعوة أممية مدعومة من بعض الدول لإيقاف اطلاق النار في سورية” فأخبر الرئيس أن هناك 48 ساعة لإسقاط النظام في سورية قبل أن يتم انقاذه من جديد.

 

في هذه الأثناء كانت المعارك تتجه نحو حمص وما حولها، ولكن قد وجه الرئيس بتحرك الفصائل في دراعا والسويداء للتوجه نحو دمشق، وخلال يوم ونص كانوا على مشارف الكسوة بعد تحرير “السويداء”، وكان المقاتلون في الجهة المقابلة قد وصلوا إلى حمص ومفرق الوعر، وهناك تظهر الكاميرا قتال الشوارع الذي جرى.

 

وفي ليل الثامن من ديسمبر بدأت القوات تدخل لحمص ،في هذه المرحلة يتحدث وزير الخارجية عن اللقاء مع الروس وقوله لهم أنه يتوقع أن النظام لن يدوم لأكثر من 48 ساعة، الأمر الذي وصفه الرئيس الشرع بالذكاء السياسي، “ما دفع الروسي إلى الإسراع في إخراج شخص بشار من دمشق، وتسارعت الأحداث”، وخلال 36 ساعة كانوا في العاصمة، حيث انسحب جيش النظام من الطريق بين حمص ودمشق وبات الطريق سالكاً. وبالوقت الذي كان التوجهنحو دمشق كانت هناك قوات تذهب إلى الساحل وأخرى لدير الزور.

 

عديدة هي المشاهد التي تظهر وقوف الناس إلى جانب المقاتلين والبهجة التي تعمّ الأرجاء، ولم تقتصر هذه المشاهد على مكان معين بل هي صفة عامة تشاركت بها العديد من المحافظات.

 

إنقاذ البلد

في حديثه عن المعركة يشدد الرئيس على الرحمة، يقول ضمن الفيلم “السلوك في المعركة كان فيه رحمة كبيرة” لم يكن هناك مشاهد نزوح وانتقام “المعركة كانت إنقاذ البلد بأكمله”، ويشير إلى أن المعركة بدأت بثلاثين ألف مقاتل ولكن عند الوصول إلى دمشق كانوا أكثر من مئة ألف.

 

المشاهد التي بدأ بها الفيلم تتكرر نفسها حيث نجدأن المنتصرين يدخلون والمهزومين يخرجون، يصف وزير الدفاع الدخول إلى دمشق: “كنّا في قوة عسكرية، رتل كبير، ندخل على أطراف محافظة دمشق، كان هناك بعض جنود النظام في الطريق الآخر وهم فارون ومنسحبون، قلت في نفسي هذا مظهر لم يشهده التاريخ”، الأمر نفسه يشير إليه الرئيس الشرع: “كان الجيش المنتصر متوجهاً بشكل جحافل كبيرة باتجاه دمشق والجيش المنهزم يخرج من دمشق بأفواج كبيرة، مشاهد نادرة، وكان أحدهما يسلم على الآخر ويتبادلون التحية، لا أعتقد أن هناك معركة عسكرية كان فيها هذا المستوى من الرحمة على الإطلاق”.

 

بدا واضحاً السعي للحفاظ على المؤسسات والبنى التحتية، رافق ذلك مشاهد توثق دخول دمشق والسجود عند بوابتها شكراً لله، وتهنئة المقاتلين للرئيس بالنصر، ومن جبل قاسيون وهو يطلّ على دمشق يقول الرئيس الشرع مخاطباً دمشق: “آن لك أن تقفي يا دمشق”، كما توثق الكاميرا كلمته في المسجد الأموي “تاريخ جديد يكتب في المنطقة بأسرها بعد هذا النصر العظيم”.

 

على الرغم من الطابع العسكري إلا أن الفيلم حفل بمواقف إنسانية تحمل الكثيرمن الدفء، من أهمها لقاء الأهل بعد غياب، خاصة للذين خرجوا يوماً بالباصات الخضراء وعادوا اليوم مظفرين بالنصر، ومن المواقف الإنسانية التي تستدعي التأمل خروج المعتقلين من السجون ونيلهم الحرية من جديد.

 

يقول وزير الخارجية الشيباني: “معركة ردع العدوان كانت معجزة بكلّ المقاييس، وأُطلِقت بقرار وطني ثوري سوري، قرار المعركة كان مغامرة كبيرة جداً، لكن لم يكن هناك أداة أخرى للتغيّر في سوريا”، في حين ينتهي الفيلم بكلام رئيس الجمهورية أحمد الشرع واصفاً الشعب بالقوي والجبار والمكافح “الذي استطاع أن يصبر كلّ هذه السنوات ثم أكرمه الله عز وجل بهذا النصر”.

 

أخبار سوريا الوطن١-الثورة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“مؤتمر الشارقة للرسوم المتحركة” يتوسّع بهوية جديدة ويُعيد تعريف دوره الإبداعي

  تفتح هيئة الشارقة للكتاب فصلاً جديداً في مسار “مؤتمر الشارقة للرسوم المتحركة”، عبر توسيع أفقه المفاهيمي والمهني، وإطلاق هويته البصرية الجديدة تحت مسمّى “مؤتمر ...