كما كل شيء في ثرواتنا الطبيعية يتراجع.. من مياه وغابات، تتراجع ثروتنا السمكية أكثر من ذي قبل أسبوعاً بعد أسبوع، وشهراً بعد شهر، في مشهد يصفه الصيادون وأبناء البحر بالمياه البور، في حين يصفه المختصون بتصحر البحر السوري.
المشهد في بازارات السمك في جبلة واللاذقية مشهد مؤلم بحق، إذ تقل بشكل دائم الكميات المعروضة من أنواع السمك والمخلوقات البحرية، في حين يمكن لكل مختص وخبير بالأسماك التفرقة ما بين الأسماك “البلدية” وتلك القادمة من الخارج، أما إن كان أكثر خبرة فيمكن لكل ناظر معرفة “حسب ونسب” السمكة الوافدة إن كانت “بنت بحر” حرة أصيلة، أم بنت مزارع بحرية يجد نتاجها طريقه إلى موائدنا.
أسئلة كثيرة تراود المرء وهو سابح في خضم هذه الأفكار عن السبب الذي أوصلنا إلى تصحر مياهنا وعزوف الأسماك عن وضع بيوضها في أرضها، ناهيك عن أسباب عدم التعامل السريع مع النقص الحاصل في هذه الثروة، ولعل الكثيرين وعبر عقود قد طرحوا حلولاً كثيرة نابعة من ذات الفكرة: الأحواض والمزارع البحرية.
المسألة باختصار ذات طرق يمكن في حال تطبيقها تغيير خريطة الأسماك البحرية السورية، بالنظر إلى فوائدها العديدة على المنفّذ من جهة، وعلى المواطن من جهة أخرى، بحيث يمكن تربية الأسماك البحرية ذات الشعبية والسعر المعتدل ضمن أحواض بحرية بحيث تبقى السمكة ضمن بيئتها الطبيعية وتعيش في ذات الظروف التي خلقت فيها ووجدت لتستمر فيها، الأمر الذي يعطي حصاداً ممتازاً مع حلوله في كل موسم.
أما الأمر الثاني فهو إمكانية تربية أسراب من نوعيات جيدة ضمن هذه الأحواض من التي كانت موجودة ضمن خارطة الأسماك السورية، بحيث يتم تقوية السرب وتكثيف أعداده ومن ثم إطلاقها في المياه الحرة ضمن ضوابط قانونية تضمن عقوبة جادة لمن يقترب منها بصيد جائر أم أية طريقة مشابهة من تلك التي تقضي على السرب بصغاره وكباره الولّادة، ما يعني وبعبارة أخرى إحياء المياه البحرية السورية مجددا وإعادة التنوع الحيوي لها، وتضخيم العائد منها غذائياً ومادياً.
لا تخرج كل هذه الحلول عما يمكن أن يقدمه صياد واحد عجوز في الساحل السوري ولا سيما في اللاذقية من حلول متنوعة وطرق متعددة.. أما المسألة الأهم فهي أن البلاد كلها تتحضر للإعمار، بل وبوشر بذلك في بعض النواحي، فلم لا يكون البحر من ضمن القطاعات التي يتم إعمارها..
(سيرياهوم نيوز-الثورة2-5-2021)