أكد وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى أن طرح العملة السورية الجديدة في حفل رسمي أقيم أمس برعاية الرئيس أحمد الشرع، خطوة مفصلية في مسار إدارة القطّاع المصرفيّ والشأن النقديّ، مشيراً إلى أنها في الوقت ذاته خطوة محاطة بكثير من الأسئلة والتوقّعات.
وتوقف وزير الإعلام في مقال افتتاحي نشرته جريدة الثورة السورية في عددها الصادر اليوم، عند مداخلة الرئيس الشرع خلال الاحتفال لتصحيح الصورة الذهنية حول معنى استبدال العملة وحدوده، حتّى لا يتحوّل إلى مصدر هلع أو أوهام غير واقعية، من خلال التأكيد أن استبدال العملة لا يعني أبداً إعلان وفاة فورية للعملة القديمة، ولا يستهدف دفع المواطنين إلى التخلّص منها بسرعة أو بأيّ ثمن، وإن تضّمنت صوراً تذكرهم بزمن الاستبداد وأوجاعه الثقيلة.
وتطرق وزير الإعلام في مقالته لمداخلة حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية الذي أوضح أن الليرة القديمة ما زالت صالحة للتداول، وأنّ عملية الاستبدال ستكون تدريجيةً وبهوامش زمنيّة مريحة حدّدها بثلاثة أشهر قابلة للتجديد، بحيث تسمح للسوق وللناس بالتكيّف الهادئ مع الواقع الجديد.
ورأى وزير الإعلام أن الاندفاع لبيع العملة القديمة بأقلّ من قيمتها الحقيقية، أو تحويل المدّخرات عشوائياً إلى الدولار تحت ضغط الشائعات، لا يعكس حرصاً مالياً بقدر ما يعكس انفعالاً قد يضرّ بصاحبه قبل أن يضرّ بالاقتصاد كلّه.
في المقابل، كما أشار الوزير المصطفى، لا يجوز تصوير العملة الجديدة بوصفها عصاً سحريّة قادرة بمفردها على حلّ مشكلات الاقتصاد، فالقوّة الشرائيّة للمواطن لن ترتفع فجأة لمجرّد تغيّر شكل الأوراق النقديّة، وسعر الصرف لن يتحسّن آلياً لأنّ فئات جديدة دخلت السوق.
وتوقع الوزير المصطفى أن يؤدي تبديل العملة على المدى المباشر إلى تسهيل خدمة التّداول النقديّ لجهة تخفيف مشاكل تلف الأوراق وانعدام ملاءمتها، وتقليل تكاليف النقل والتخزين، وتبسيط التسويات اليوميّة بالليرة السورية، أمّا معالجة التضّخم، وخلق فرص العمل، وتحسين مستوى المعيشة، فتبقى رهناً بسياسات إنتاجٍ وتنميةٍ وإصلاحٍ ماليٍّ أوسع من أيّ خطوة نقديّة منفردة.
ونوه وزيرالإعلام إلى أن طرح العملة السورية الجديدة لا يخلو من بُعد رمزيّ ومعنويّ مهم، فالانتقال إلى ليرة جديدة يُتيح فرصةً لتجاوز رمزيّة مرحلة طويلة ارتبطت فيها العملة القديمة بأزمات ومعاناة وتراجع في القيمة والثقة.
هذه الخطوة يمكن أن تشكّل مدخلاً لإعادة بناء الثقة بالاقتصاد والقطّاع المصرفيّ، إذا ما رافقها إصلاح جديّ يُعيد للمصارف دورها الطبيعي في تمويل النشاط الاقتصادي وخدمة الأفراد والشركات، ويستفيد من ميّزة أساسية يملكها الاقتصاد السوريّ اليوم، وهي غياب الديون الخارجية المثقلة التي تكبّل القرار الوطني.
واعتبر وزير الإعلام أن الوجه الأكثر حساسية في هذا التحوّل يبقى في آثاره على العلاقات بين الناس: الديون، والعقود، والإيجارات، والمهور، والالتزامات المتبادلة، وقال: “هنا لا يكفي الحلّ الإداريّ أو المحاسبيّ الذي يُمكن للدولة أن تعتمده في سجلاتها، بل تبرز الحاجة إلى مرجعيّة شرعيّة واضحة تضع قواعد عادلة للتعامل مع الديون والعقود السابقة في ضوء استبدال العملة”.
ولفت وزير الإعلام إلى خطوة مجلس الإفتاء بإصدار فتوى شرعية ملزِمة لتحديد كيفيّة السداد والاحتساب والتكافؤ بين العملة القديمة والجديدة، لقطع الطريق على الاستغلال وسوء الفهم وتخفيف الكثير من احتمالات النزاعات مستقبلاً.
واختتم وزيرالإعلام مقالته بالتأكيد على ضرورة ألا تدفع لحظة طرح العملة الجديدة المواطن السوري إلى التفريط بمدّخراته، لأن العملة الجديدة خطوة تقنية لها أبعاد وطنيّة واجتماعيّة، وقد تتحوّل إلى بداية مسار تعافٍ أوسع إذا أحسن الجميع، دولةً ومؤسسات ومواطنين، التعامل معها، بوصفها أداة لتنظيم السوق وتعزيز الثقة، لا سبباً لصناعة الخوف أو بيع الأوهام.
اخبار سورية الوطن 2_سانا
syriahomenews أخبار سورية الوطن
