آخر الأخبار
الرئيسية » حول العالم » إسرائيل – اليونان – قبرص: تحالف عسكري في وجه تركيا

إسرائيل – اليونان – قبرص: تحالف عسكري في وجه تركيا

 

محمد نور الدين

 

رغم أن اللقاء الذي جمع كلّاً من رئيسَي حكومتَي العدو بنيامين نتنياهو، واليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس، ورئيس جمهورية قبرص (اليونانية) نيكوس خريستودوليديس، في مدينة القدس المحتلّة قبل أسبوع بالتمام، هو العاشر بينهم في السنوات الأخيرة، لكنه اعتُبر، وفقاً لما قاله نتنياهو، «الأهمّ» في سلسلة اللقاءات تلك؛ إذ جرى خلاله التداول في شؤون الطاقة والدفاع، ولا سيما إنشاء مركز أمن سيبراني بحري في قبرص (2026)، لمواجهة الأخطار المشتركة. ولم تمضِ أربعة أيام على الاجتماع، حتى كان ممثّلو الدول الثلاث يوقّعون، في العاصمة القبرصية نيقوسيا، على «خطّة عمل عسكرية» لعام 2026، تستهدف تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة شرق المتوسط. ووفقاً للإعلام العبري، تشمل الخطّة تدريبات عسكرية مشتركة وتشكيل مجموعات عمل متخصّصة حول القضايا الأمنية والاستراتيجية، والأهمّ تأسيس قوّة عسكرية قوامها 2500 جندي (ألف إسرائيلي وألف يوناني و500 قبرصي)، من مهماتها الانتشار براً وبحراً وجوّاً، حيث يتطلّب الأمر.

 

ومع أن التعاون بين الأطراف الثلاثة المذكورة ليس جديداً، إلّا أن ما يجمعهم الآن، التوتّر المتزايد مع تركيا؛ علماً أن كلاً من إسرائيل وقبرص واليونان تمثّل جزءاً مركزيّاً من تحالف الطاقة في «منتدى غاز شرق المتوسط» الذي تأسّس في مطلع عام 2019، واستهدف استثمار منابع النفط والغاز الطبيعي في شرق المتوسط، وتصديرهما إلى أوروبا عبر خط أنابيب تحت البحر يمرّ في قبرص واليونان وإيطاليا، وتقارب تكلفته الثمانية مليارات يورو. وفيما يضمّ المنتدى دولاً أخرى، أهمّها مصر، لكنه يستبعد تركيا التي تعتبره «منتدى سياسيّاً» يستهدفها على وجه الخصوص، وهو ما دفعها إلى توقيع اتفاق لترسيم الحدود البحرية مع ليبيا في أواخر العام نفسه، في خطوة ترى أنقرة أن من شأنها عرقلة مرور خطوط الأنابيب في المنطقة الاقتصادية البحرية الخالصة لكلّ من تركيا وليبيا. مع ذلك، كاد التقارب التركي – الإسرائيلي عشية عملية «طوفان الأقصى» يطيح «منتدى غاز المتوسط»، مع ظهور أخبار تحدّثت عن أن اسرائيل قد تصدّر غازها عبر خطوط أنابيب تمرّ بتركيا وصولاً إلى أوروبا. لكن انفجار المنطقة بعد السابع من أكتوبر، وتوتّر العلاقات التركية – الإسرائيلية، ولا سيما بعد سقوط النظام في سوريا، أعاد خلط حسابات المنتدى لمصلحة تعزيز التعاون المصري – الإسرائيلي على صعيد الغاز الطبيعي، والعمل من جديد لاستئناف وضع خطط عام 2019 قيد التنفيذ بمعزل عن تركيا؛ علماً أن القاهرة قد لا تجد نفسها بعيدة من التحالف الثلاثي العسكري الوليد في حال استشعرت إمكانية اقتلاع النفوذ التركي في ليبيا.

 

تواجه منطقة الشرق الأوسط وشرق المتوسط، احتمال إدخال تعديلات إضافية في خريطة التحالفات والصراعات والتوازنات

 

 

وتمثّلت الخطوة الأبرز، حتى الآن، في هذا المسار، في توقيع اتفاق ترسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة بين لبنان وقبرص، في الـ26 من تشرين الثاني الماضي، والذي قوبل بحملة عنيفة من وزارة الخارجية التركية والإعلام الموالي للسلطة – باعتبار أن لبنان وقبرص «ينتهكان حقوق القسم الشمالي التركي من جزيرة قبرص وهو ما لا يمكن لتركيا أن تقبله» -، وصلت إلى حدّ القول إن لبنان «بات واقعاً تحت النفوذ الإسرائيلي». ومع توقيع الاتفاق العسكري في نيقوسيا، تَبرز مؤشّرات خطيرة من شأنها، إذا ما ارتفعت حدّتها ووتيرتها، أن تدفع إلى مواجهات عسكرية مباشرة؛ فالصراع بين تركيا واليونان تاريخي ومتجذّر، ولم تنفع معه محاولات المصالحة منذ أكثر من مئة عام، وهو يشمل كل المجالات العسكرية والحدودية وترسيم المياه البحرية والجرف القاري والمجال الجوي. وكذلك الأمر بالنسبة إلى قبرص الجنوبية التي تشكّل تهديداً جدّياً لتركيا لقربها الجغرافي من الساحل التركي الجنوبي، واكتسبت أهمية فائقة لإسرائيل، كونها تحوّلت إلى قاعدة للتحركات العسكرية الإسرائيلية ومحطّة للطائرات الغربية، ولا سيما الإنكليزية والأميركية لتزويد الكيان العبري بمختلف أنواع السلاح. كما إن إسرائيل أعلنت، في أيلول الماضي، أنها تخطّط لتأسيس قاعدة عسكرية جوية تكون منصة للصواريخ الموجهة ضدّ تركيا.

 

وكانت قد دخلت سوريا، من جهتها، كساحة جديدة على خطّ الصراع التركي – الإسرائيلي، ولا سيما مع اتهام وزير الخارجية التركي، حاقان فيدان، إسرائيل بعرقلة التوصّل إلى حلّ في سوريا، بتحريضها «قسد» على عدم التفاهم مع دمشق، فضلاً عن دعم إسرائيل الإدارة الذاتية الدرزية الناشئة في السويداء، وتأكيده أن تركيا ستقف إلى جانب سوريا في مواجهة الضغوط السياسية والعسكرية الإسرائيلية، علماً أن أنقرة ترى أن تل أبيب تحاول أيضاً عرقلة مسار المصالحة في الداخل التركي بين الحكومة و«حزب العمال الكردستاني».

 

كذلك، فإن مشاركة تركيا من عدمها في القوّة العسكرية المزمع تشكيلها في غزة، تمثّل نقطة خلاف إضافية بين الطرفين؛ وإذ تعارض إسرائيل هذه المشاركة، فإن الموقف الأميركي ليس واضحاً كفاية حتى الآن، وإن كانت واشنطن تميل إلى إشراك أنقرة، باعتبار أن الأخيرة تعدّ من الأطراف الأساسية التي ساعدت في التوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع. وفي ضوء ما تقدّم، لا يمكن استبعاد سقوط/ إسقاط طائرة رئيس الأركان الليبي، محمد علي الحداد، قرب أنقرة، من سيناريوات الصراع، حيث تلمّح بعض وسائل الإعلام التركية إلى احتمال وجود أدوار لعدّة دول في سقوط الطائرة، من روسيا إلى إسرائيل، في حين يعدّ اعتراف الأخيرة بإقليم «أرض الصومال» موجّهاً إلى تركيا أيضاً، خصوصاً أن جمهورية الصومال تكاد تكون محميّة تركية على مختلف الصعد الاقتصادية والثقافية والعسكرية.

 

وبالعودة إلى التحالف الثلاثي الجديد، ومع أن بيان وزارة الدفاع التركية (الجمعة الفائت) لم يَجِد فيه تهديداً لأنقرة يستدعي اللجوء إلى خطوة مقابلة، لكن تركيا تلفي نفسها مستهدَفة به أكثر من أيّ دولة أخرى، ولا سيما مع دخوله دائرة التعاون العسكري الذي لن يحتاج إلى كثير من التذخير لكي ينفجر في وجه تركيا وفي أكثر من ساحة، ويضع المنطقة في دائرة المزيد من الاضطرابات لسنوات مقبلة. ومن شأن ذلك أن يدفع أنقرة، ربما، إلى اعتماد تحالفات جديدة مع أطراف كانت جمعتها بها مواجهات، مباشرة أو غير مباشرة – من مثل إيران التي افترقت عنها في سوريا والقوقاز -، من دون استبعاد تدخّل الولايات المتحدة لإعادة ضبط «البوصلة»، خصوصاً في ظلّ استمرار الحاجة الاستراتيجية الغربية إلى الدور التركي في المنطقة.

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الرئيس الإيراني: للاستماع إلى «المطالب المشروعة» للمتظاهرين

    دعا الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، للاستماع إلى «المطالب المشروعة» للمتظاهرين، بعد يومين من إغلاق أصحاب محلات متاجرهم في طهران احتجاجاً على تدهور الوضع ...