مع بداية كل عام جديد، تنشغل النقاشات حول تطوير الذات غالباً بالصحة والإنتاجية والنجاح المهني، فيما يبقى جانب لا يقل أهمية في الظل: طريقة تواصلنا مع الآخرين.
وبحسب تقرير حديث نشرته مجلة «تايم»، يؤكد خبراء في علم التواصل أن تحسين مهارات الحوار قد يكون من أكثر القرارات تأثيراً في العلاقات، والصحة النفسية، وحتى الإحساس العام بالعافية.
التقرير، الذي استند إلى آراء أكاديميين ومتخصصين في التواصل الإنساني، يرصد 12 عادة شائعة باتت تُضعف جودة التواصل في العصر الحديث، ويقترح التخلّي عنها مع دخول عام 2026، لمصلحة تواصل أكثر وضوحاً ودفئاً وإنسانية.
الإفراط في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي
تشير مجلة «تايم» إلى أن الرسائل الرقمية خلال عام 2025 بدأت تفقد بصمتها الشخصية. فمنشورات ورسائل بريد إلكتروني وحتى محادثات المواعدة بدت مصقولة لغوياً، لكنها متشابهة بشكل لافت.
وبحسب أستاذة دراسات التواصل أودرا نورو، فإن الاعتماد المفرط على أدوات الذكاء الاصطناعي جعل الرسائل «تفقد نبضها»، وتبدو كقوالب جاهزة لا تعكس شخصية صاحبها. وتؤكد أن استخدام هذه الأدوات يجب أن يبقى في إطار المساعدة أو العصف الذهني، لا بديلاً من الصوت الإنساني الحقيقي.
ترك الرسائل مقروءة من دون رد
يُعدّ ترك الرسائل من دون رد، رغم الاطلاع عليها، من أكثر العادات التي تولّد القلق وسوء الفهم. فالصمت، وفق الخبراء، يتحوّل بحد ذاته إلى رسالة مبهمة.
وتنقل «تايم» عن متخصصين أن حلاً بسيطاً، كإرسال جملة قصيرة توضّح الانشغال، كفيل بالحفاظ على استقرار التواصل، من دون فرض استجابة فورية.
«فتات الاهتمام» في العلاقات (Breadcrumbing)
يصف التقرير ظاهرة Breadcrumbing، أي تقديم اهتمام متقطّع يوحي بالاستمرار من دون التزام فعلي. هذا الأسلوب، وإن بدا أقل قسوة من الاختفاء المفاجئ، يخلق حالة طويلة من الترقّب والارتباك العاطفي.
وتشير الأبحاث، بحسب «تايم»، إلى أن هذا النمط قد يكون أكثر إضراراً نفسياً، لأنه يُبقي الطرف الآخر عالقاً في حالة عدم يقين مستمرة.
التقليل من شأن مشاعر الآخرين
من العادات الشائعة أيضاً محاولة «التخفيف» من مشاعر الآخرين بعبارات مثل: «الأمر ليس بهذه الخطورة». ورغم أن النية غالباً ما تكون حسنة، فإن هذا الأسلوب قد يشعر الطرف الآخر بعدم التقدير.
وينصح الخبراء، كما ورد في التقرير، باستبدال ذلك بالإنصات وطرح أسئلة تُظهر الفهم، بدلاً من القفز مباشرة إلى تقديم الحلول.
مكالمات الفيديو في الأماكن العامة
تلفت «تايم» إلى أن إجراء مكالمات فيديو في الأماكن العامة قد يضع الآخرين في موقع «مستمعين قسريين»، خصوصاً عندما تكون الأحاديث شخصية. وهو سلوك بات شائعاً، لكنه يفتقر إلى الوعي بالمساحة المشتركة.
تجاهل المجاملات البسيطة
في بيئات العمل، على وجه الخصوص، أصبح كثيرون يبدأون الرسائل مباشرة بالمطلوب، متجاوزين التحية أو السؤال البسيط. ويرى الخبراء أن هذا الأسلوب يجرّد التواصل من إنسانيته، ويجعله أقرب إلى تعامل آلي.
استدراج الآخرين عبر رسائل مبهمة
من العادات المزعجة أيضاً توجيه أسئلة عامة تخفي طلباً محدداً، ما يضع الطرف الآخر في موقف محرج. وتشدد المجلة على أن الوضوح المسبق أكثر احتراماً للعلاقة.
الخوف من الصمت
الصمت في الحوار ليس فراغاً يجب ملؤه دائماً. وتشير «تايم» إلى أن التسرّع في الكلام، بدافع تجنّب الصمت، قد يؤدي إلى وعود غير محسوبة أو كلمات نادمة.
تخزين الضغائن ثم تفجيرها
يعرض التقرير مفهوم Gunnysacking، أي تراكم الاستياء بصمت ثم تفريغه دفعة واحدة. ويرى الخبراء أن معالجة الخلافات الصغيرة فور حدوثها أكثر صحة للعلاقات من تركها تتراكم.
إساءة استخدام المصطلحات النفسية
تحذّر «تايم» من توظيف مصطلحات مثل «النرجسية» أو «التلاعب النفسي» لوصف نزاعات عادية، لما في ذلك من تبسيط مخلّ وتشويه للغة الصحة النفسية.
تبرير القسوة باسم الصراحة
الصراحة قيمة أساسية، لكنها قد تتحوّل إلى أداة إيذاء حين تُستخدم بلا وعي. ويوصي الخبراء بالتفكير في توقيت الكلام وأثره قبل إطلاقه.
عدم تقبّل الاختلاف
تختم المجلة بالإشارة إلى أن القرب لا يعني التطابق في الآراء. فالعلاقات الصحية، بحسب التقرير، قادرة على استيعاب أكثر من وجهة نظر في الوقت نفسه.
تواصل أكثر وعياً في عام جديد
تؤكد مجلة «تايم» أن تحسين التواصل لا يتطلب مهارات خارقة، بل وعياً يومياً بالعادات الصغيرة التي تشكّل نبرة الحوار. فالتخلّي عن هذه السلوكيات لا يعني السعي إلى الكمال، بل الاقتراب خطوة إضافية من تواصل إنساني أكثر صدقاً واحتراماً وعمقاً.
أخبار سوريا الوطن١-الأخبار
syriahomenews أخبار سورية الوطن
