آخر الأخبار
الرئيسية » السياحة و التاريخ » المتحف الوطني الليبي… رحلة استكشاف تاريخ عريق

المتحف الوطني الليبي… رحلة استكشاف تاريخ عريق

 

من رسوم الكهوف مروراً بالآثار اليونانية والرومانية، وإلى ما بعد كنوز العهد العثماني، يوفّر المتحف الوطني الليبي بحلّته الجديدة فرصة لإعادة اكتشاف تراث يسمو على الأحقاد في بلد يعاني انقسامات عميقة.

 

بمجرّد عبور عتبة السرايا الحمراء، القلعة التاريخية العريقة في قلب طرابلس، ينطلق الزوار في رحلة عبر التاريخ الليبي، هي بمثابة رحلة تعريفية لجيل الشباب، في المتحف الذي افتُتح أخيراً في العاصمة الليبية.

 

تقول نرمين الميلادي، طالبة الهندسة المعمارية في جامعة طرابلس والبالغة 22 عاماً، لوكالة “فرانس برس”: “منذ دخلت إلى المتحف قبل أقل من ربع ساعة وأنا أشعر كأنّني سافرت إلى مكان آخر أو زمن آخر”.

 

وتقول شقيقتها آية التي تُعدّ مشروع التخرّج بدرجة الماجستير في التصميم الداخلي إن ما لفت نظرها هو “توزيع القاعات والإضاءات الدقيقة والمعايير التصميمية وكذلك توزيع الشاشات والوسائل التفاعلية”، مشيرة خصوصاً إلى “مراعاة سهولة التنقل لذوي الحاجات الخاصة وهو ما يجعله في متناول الجميع”.

 

 

 

فترة عصيبة

يشير عضو مجلس إدارة مصلحة الآثار والبعثة الأثرية الفرنسية محمد فكرون لوكالة “فرانس برس” إلى أن المتحف الوطني الذي يمتد على مساحة 10 آلاف متر مربّعة موزّعة على أربعة طوابق، شهد “فترة عصيبة خلال سنوات إغلاقه الأربع عشرة”.

 

ومنذ إطاحة معمر القذافي عام 2011، تواجه ليبيا صعوبات لاستعادة استقرارها مع وجود حكومتين تتنازعان على السلطة فيها، الأولى في طرابلس، معترف بها من الأمم المتحدة ويرأسها عبد الحميد الدبيبة، والأخرى في بنغازي في الشرق تحت سيطرة المشير خليفة حفتر.

 

ويتذكّر فكرون، عالم الآثار البالغ 63 عاماً والذي أمضى 38 عاماً مع البعثة الأثرية الفرنسية في ليبيا، أن مصلحة الآثار، وخوفاً من أعمال النهب والتخريب التي أعقبت الثورة الليبية، نقلت كل القطع الأثرية وحفظتها في أماكن آمنة.

 

تفيد فتحية عبدالله أحمد التي عُينت مديرة للمتحف الوطني بأنّه ومنذ بدء الاضطرابات، حرصت “مصلحة الآثار والعاملون فيها على الحفاظ على سلامة هذه القطع والموروث التاريخي والحضاري الذي يهم كل الليبيين”.

 

 

 

كانت المديرة الجديدة للمتحف من بين القلائل الذين يعرفون موقع الغرف المسوّرة التي خُبئت فيها كنوز المتحف لأكثر من عقد، ما أتاح الحفاظ عليها في انتظار إعادة افتتاحه “بحلّة حديثة ترقى إلى المعايير العالمية”.

 

وباعتزاز، يشرح فكرون أن المتحف خصّص غرفة كاملة “لابن مدينة لبدة الكبرى الليبية الساحلية (Leptis Magna) سيبتيموس سيفيروس، الذي حكم الإمبراطورية الرومانية في القرن الثالث”، وغرفة أخرى لعرض قطع أثرية مسروقة تمت استعادتها، لاسيما من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

 

ماض منسي

يرى العديد من الليبيين أن افتتاح المتحف في الثاني عشر من كانون الأول/ديسمبر شكل “عودة لرمز وطني”، و”علامة استقرار” بعد سنوات من الحرب الأهلية.

 

وتشير مهندسة التصميم الداخلي آية البالغة 26 عاما إلى أن “إعادة افتتاح المتحف الوطني في هذا التوقيت بالذات تعني أن طرابلس بدأت تستعيد روحها لأن المتحف هو في نظرنا رمز للتاريخ وعودته مؤشر استقرار”. وتضيف “هذه خطوة مهمّة لتذكير الليبيين جميعاً بأن يتصالحوا مع بعضهم بعضاً ومع ماضيهم العريق الذي يجهله كثيرون منهم”.

 

 

 

وتؤيدها في الرأي المدرِّسة فاطمة الفقي التي تبلغ 48 عاماً والتي تقول إنّها رافقت مجموعة من طالبات المرحلة الثانوية “لتعريفهن بالتاريخ الليبي وغرس روح الوطنية لديهن”.

 

وتتابع المدرِّسة إن “هناك فرقاً شاسعاً” بين المتحف القديم الذي زارته في رحلة مدرسية قبل 30 عاماً والمتحف الذي “أُُعيدُ اكتشافه اليوم!”.

 

ورغم الصعوبات الاقتصادية التي تعانيها ليبيا، الدولة الغنية بالنفط التي تواجه نقصاً متكرّراً في السيولة والوقود، استثمرت حكومة طرابلس ما يناهز ستة ملايين دولار في ترميم الموقع والمناطق المحيطة به.

 

ويوضح فكرون أن العمل الذي امتد على مدى ست سنوات، نُفِّذ “بالتعاون مع البعثة الفرنسية ومؤسسة ألف (وهي تحالف دولي لحماية التراث في مناطق النزاع) اللتين تولّتا مسؤولية الدراسات والجرد وتدريب الموظّفين”.

 

ويؤكّد أن المتحف يهدف إلى توصيل رسالة عن الهوية الثقافية وبث الأمل في نفوس الزوار “الذين لم يكن 95% منهم قد وُلدوا حتى عند افتتاحه قبل عام 2011”.

 

 

وفي حين قد يضحك بعض التلامذة لدى رؤية “التماثيل الرومانية العارية تماماً!”، فإنّهم يعبرون عن دهشتهم أمام حجمها وملامحها الجامدة، مثلما يعبرون عن إعجابهم بالسيوف والبنادق التركية التي تعود إلى القرن السادس عشر أو استغرابهم أمام الحيوانات المحنطة في قسم التاريخ الطبيعي.

 

 

تقول مريم البالغة ست سنوات والتي زارت المتحف برفقة والدتها “جئتُ لأتعرّف على تاريخنا وأعرف ما سأفعله لمستقبلنا… أعجبني كل شيء، اطّلعت على تاريخنا ورأيت أشياء جديدة”.

 

وتعرب والدتها سارة المعتمد البالغة 34 عاماً عن أملها في أن تُدرك ابنتها “أنّنا لسنا بدون تاريخ أو حضارة، فالكثيرون لا يعرفون أن بلادنا لديها تاريخ يعود إلى آلاف السنين وينظرون إلينا كأن لا قيمة لنا”.

 

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

قرية صدام حسين في سريلانكا: حكاية تضامن إنساني عابر للحدود

إيهاب مقبل تُعد قرية صدام حسين، المعروفة أيضاً باسم صدام حسين ناغار (Saddam Hussein Nagar)، واحدة من أكثر القرى تميزاً في سريلانكا من حيث الاسم ...