آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » إرادة النصر السورية وحرب أمريكا الانتقامية

إرادة النصر السورية وحرب أمريكا الانتقامية

د. حسناء نصر الحسين

شكل ما سمي بقانون ( قيصر ) رسالة متعددة الاتجاهات في شكلها تبدو وكأنها موجهة لتكون عقابا شديدا للشعب السوري على صموده والتفافه حول قيادته اما في مضمونه فهو موجه لأصدقاء أمريكا كما هو موجه لخصومها من اللاعبين الدوليين المشاركين في صد عدوان الولايات المتحدة وحلفائها لتقسيم سورية .

شكل النصر السوري المدعوم من حلفاء سورية عامل قلق لدى الولايات المتحدة وحلفائها فدمشق المنتصرة التي أعدت نفسها لمرحلة ما بعد العدوان عليها وهي مرحلة إعادة الإعمار وما نتج عن هذا النصر من تسارع الدول الحليفة للولايات المتحدة الأمريكية لاعادة العلاقات مع سورية ومساعي هذه الدول لاعادة تفعيل العمل الدبلوماسي دفع بالولايات المتحدة للاستصدار هذا القانون ليكون رسالة شديدة اللهجة للحلفاء وبهذا تكون قطعت عليهم طريق العودة إلى دمشق والمساهمة في مشروع إعادة الإعمار .

ولعل التصريحات السورية الرسمية بأنه ( لن يكون لأي طرف ساهم في الحرب الكونية على سورية ودعم الارهاب دورا ما في إعادة الإعمار بعد عدة سنوات من الحرب ) ، لتقطع بذلك سورية الطريق على اي دولة تفكر بأنها تستطيع أن تحصل على امتيازات بمشروع إعادة الإعمار وهي من ساهمت في دماره .

وجدت أمريكا نفسها خارج حفلة توزيع الجوائز بعد حفل النصر فسارعت إلى تعطيل هذا النصر الاقتصادي الكبير بهدف حرمان دمشق وحلفائها من هذا الإنجاز الكبير عبر تفعيل ما يسمى بقانون قيصر، لتعود من خلاله لاعادة العمل بنظرية الفوضى الخلاقة التي انتهجتها سياسة الولايات المتحدة الأمريكية لتمرير مشاريعها ببناء الشرق الأوسط الجديد كما أسمته وفعلته في حقبة ما سمي بالربيع العربي .

لكن الانكسارات المتلاحقة التي منيت بها المشاريع الأمريكية دفعت بها للذهاب الى أخطر سلاح وهو سلاح الانتقام من الشعب السوري الذي لقنها درسا لن تنساه في معادلة الصمود والتضحية والتصدي فكان لابد من استخدام هذا القانون المجرم لدفع هذا الشعب للمربع الأول من خطة العدوان على سورية وهو نزول آلاف السوريين للساحات وإسقاط بلدهم بيديهم ومع دخول هذا القانون قرابة الاسبوعين نرى أن مشروع الفوضى الذي تمنته الولايات المتحدة ان يحدث عبر قانون قيصر لم يحدث بل بالعكس نزل آلاف السوريين للساحات ليؤكدوا وقوفهم بوجه هذا المشروع ودعم قيادتهم في حربها ضد الارهاب الاقتصادي الأمريكي وهنا أقول نجحت أمريكا في تمرير مشروعها بنشر الفوضى خلال السنوات الماضية عبر ذراعها الإرهابية لكنها فشلت في تحقيق الجزء الثاني من مشروعها وهو البناء على مقاس اطماع الولايات المتحدة وهذا ما ازعجها لتعود من جديد عبر هذا القانون الذي لا يمت للقانون بصلة لانه خارج عن كل الأعراف والقوانين الدولية بالوصول بالشعب السوري لثورة جياع وهنا يكمن ضعف الولايات المتحدة بقراءة التاريخ وضعفها أيضا بقراءة الوضع الاقتصادي للدولة السورية ولم تعلمها سنوات الحرب التسع الماضية ان سورية تتمتع بالاكتفاء الذاتي وأنها دولة زراعية ومن المستحيل أن تجوع بالرغم من كل الاستهدافات لكل قطاعاتها ومؤسساتها إلا أنها استطاعت أن تؤمن حاجيات مواطنيها بالرغم من كل الحصار الجائر المفروض عليها .

أخطأت الولايات المتحدة عندما استخفت بعقل المواطن السوري فهو خير من علمها وأخذ من ممارساتها الإرهابية دروسا في فهم العقلية الأمريكية وماذا تريد من بلده

واخطأت أيضا عندما تفكر بان الشعب السوري قد ينصاع خلف مؤامراتها ويشارك في تدمير وطنه وهو الذي عاش كل سنوات العدوان الكوني عليه بأمل واحد وهو عودة الأمن والأمان لربوع بلاده .

فالشعب السوري لن يضيع تضحيات الشهداء ولن يقبل بان يمس احد بهذه الانجازات التي رسمت بدمائهم الطاهرة أمام جملة من العقوبات القاسية التي تهدف إلى النيل من هذه التضحيات مهما عظمت صعوبة الحياة المعاشية .

واجه الشعب السوري والقيادة السورية كل هذا العدوان في ظل غياب كامل للأمم المتحدة بكل مؤسساتها بل كانت شريك في سفك دمه عبر صمتها عن الدول التي شنت هذا العدوان تارة وأخرى عبر مشاركتها الفعلية في سفك دم الشعب السوري وما نسمعه اليوم من تصريحات صادرة عن الأمم المتحدة التي تبشر الشعب السوري بالمجاعة وتقدم دليلها الرقمي وهي التي لعبت دور الشريك والمعتدي على الشعب السوري اليوم تعتلي منصة إعلامية لتشارك في التأثير على نفسية المواطن السوري وإيصال رسالة للرأي العام العالمي بأن الوضع في سورية أكثر سوءا من الوضع في الصومال متغافلة بذلك عن الإشارة لمن وراء هذا الوضع المأساوي الذي تروج له متناسية ان ما وصل إليه الشعب السوري من مراحل متقدمة من المعاناة سببه أمريكا وحلفائها وادواتها هم من تدخلو في شؤونها الداخلية وأدخلو الارهاب إليها وسرقوا مقدرات وثروات الشعب السوري وحتى هذه اللحظة يمارسون نفس السياسة التدميرية للشعب السوري لتمرير مشاريعهم الكبرى بالنيل منه وتقسيمه .

فلم يكتفوا بما وصلوا له من خلال إتفاقية سايكس بيكو الان ومن خلال هذه الاعتداءات على عدة بلدان عربية وإسلامية يحاولون رسم خارطة جديدة لدول الشرق الأوسط تقسم فيها الدولة لعدة دويلات كلها متصارعة متحاربة فيما بينها لتبقى اسرائيل متربعة على عرش الشرق الأوسط الجديد .

لكن الصمود السوري ساهم بشكل كبير في إفشال هذا المشروع وانتصر على مخططهم عبر قطع ذراعهم الإرهابية التي كان مقررا لكل فصيل فيها ان يتربع على إمارة وبذا تكون سورية دمرت تدميرا كاملا .

لكن النصر الذي حققه الجيش العربي السوري والحلفاء والصمود الأسطوري للشعب السوري افشل هذه المشاريع وقضى على الحلم الأمريكي الصهيوني مما جعل الولايات المتحدة بعظمتها تبحث عن دور لنفسها لتحجز مقعدا على طاولة الحوار السوري السوري وهي المبعدة كل البعد عن موضوع تسوية الأزمة السورية فسارعت لتحجز موطئ قدم لنفسها من خلال تواجدها شرق الفرات وإحتلالها الأراضي السورية ، واستمرارها في دعم الانفصاليين من الكرد ورقة ضغط على القيادة السورية لتختم جملة مخططاتها العدوانية بما أسمته قانون قيصر لكنها لم تفكر بطبيعة العقلية السورية التي لا تقبل المساومات ولا الإملاءات الخارجية التي تهدف للنيل من كرامتها .

وهنا لابد من طرح هذا السؤال كيف سيكون رد سورية والحلفاء على هذه الاعتداءات الأمريكية؟

جاء الرد من الشعب السوري عندما اختار قرار المواجهة ودحر الارهاب .

والمواجهة الشعبية المتكررة في منطقة الجزيرة السورية على الاحتلال الأمريكي ومنعهم من العبور .

ولعل معارك الجيش السوري على عدة جبهات من درعا إلى ريف حماه إلى إدلب وريف حلب وانتصاراته خير رد على كل هذه الاعتداءات الأمريكية الإسرائيلية وهنا أستطيع أن اقرأ استراتيجية الدولة السورية لمواجهة ما سمي بقانون قيصر عبر اعتمادها على الدعم الذاتي وتفعيل المشاريع الصغيرة والمتوسطة ودعم قطاعات الصناعية والزراعية وإعادة تفعيل مؤسساتها التي أوقفت عن العمل بسبب الارهاب والان هي محررة من خلال دعمها لهذه القطاعات وتكوين فريق اقتصادي كفوء يستطيع تجاوز هذه العقوبات بالإضافة لاستكمال العمليات العسكرية للجبهات وتحرير ما تبقى من أراض سورية محتلة من براثن الارهاب . العمل على طرد القوات الامريكية من اراضي الجزيرة السورية من خلال المقاومة الشعبية .

في الأخير ستبقى إرادة النصر لدى هذا الشعب هي أقوى بكثير مما يتخيله هؤلاء المجرمون ، والذين لا يتوانو او يترددو في استخدام أي شيء في حربهم العقابية على الشعب السوري، وكما شهدنا انكسارا لمشاريع امريكا الارهابية طوال السنوات الماضبة في سوريا الحبيبة سنشهد انكسار وسقوط مشاريع امريكا التجويعية، وما يزيد امريكا ومن دار في فلكها هذه الحروب إلا انكشافا وتعرية لحقيقة وجهها القبيح وصورتها المتوحشة والاجرامية والتي لن تتخفى وراء عناوينها التضليلة مهما تثدتر بكل أغطية الانسانية وغير الانسانية، فبلد أوجد على أنقاض شعب ودماء أمة من الهنود الحمر لا يكون إلا بلد الارهاب والتوحش ودولة الاجرام القتل، وبالمقابل ستظل سوريا ولادة للخير وسيظل شعب لا يعرف إلا قدرا واحدا وهو قدر النصر .

 

سيرياهوم نيوز 5 – رأي اليوم 28/6/2020

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هل يعلن ترامب الحرب على الصين؟

نور ملحم في وقت يستعد فيه الجيش الأمريكي لحرب محتملة ضد الصين، ويجري تدريبات متعددة لمواجهة ما سُمي بـ«حرب القوى العظمى»، بدأت بكين في بناء ...