آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » الدراما.. شاشة الحرب الجديدة.. “الحرب الأخرى”

الدراما.. شاشة الحرب الجديدة.. “الحرب الأخرى”

 د. مازن سليم خضور:

في هذا المقال ضمن سلسلة الحرب الأخرى سنتناول الدراما السورية وانعكاسها على المجتمع السوري من خلال البعد الاجتماعي وليس من بوابة النقد الدرامي التخصصي.
“الدراما هي فن مسرحيّ يُؤدّي على المسرح، أو التلفزيون، أو الراديو، وهي مصطلح يُطلق على المسرحيات والتمثيل بشكل عام” وهنا سنركز بشكل أكبر على التلفزيون وبالتحديد من خلال المسلسلات.
أنواع الدراما هناك أنواعٌ عديدةٌ للدراما، منها الكوميديا التي تهدف إلى إضحاك الجمهور، وهناك الميلودراما التي تعني المبالغة بالعواطف، فهي مليئة بالأحاسيس التي تجذب حواس الجمهور بشكلٍ مباشر وهناك الدراما المأساوية التي تنقل محنة البشر ومعاناتهم بينما الدراما الموسيقيّة يلعب كل من: الموسيقا، واللحن، والرقص، دوراً مهماً في الدراما الموسيقية، ولا يقتصر دور الكتاب المسرحيين في هذا النوع من الدراما على رواية القصة من خلال التمثيل والحوار فقط، بل على الرقص والموسيقا أيضاً وهناك الخيال وهو عمل خياليّ تعرض فيه الشخصيات مهارات خارقة، وهذا النوع من الدراما أكثر جاذبيةً للأطفال، أما المهزلة هي نوع من الدراما لا معنى له بشكلٍ عام غالباً ما تُمثّل بصورةٍ مبالغٍ فيها، أو تعمد إلى استخدام الكوميديا التهريجيّة.
أما عناصرها في الفكرة الرئيسية واللغة والحبكة والموسيقا والشخصيات وغيرها من العناصر.
لطالما اشتهرت الدراما السورية بمجموعة من الأعمال الدرامية ميزتها عن غيرها من الدراما العربية بمجموعة من المقومات لا سيما امتلاكها مجموعة من الفنانين على مستوى عالٍ من الأداء والإخراج، وتمكنت من إثبات ذاتها بالكثير من الأعمال المختلفة كذلك وجود مجموعة من الكتاب والمخرجين الرواد بالإضافة إلى أن اللهجة السورية كانت محببة بالنسبة للجمهور العربي وهذا ما ساعد بانتشار الدراما التركية من خلال الدبلجة باللهجة السورية كذلك اعتماد الدراما السورية على كوكبة من النجوم في عمل واحد وبالتالي لم يتم الاعتماد على النجم الأوحد متميزة على غيرها من الدراما التي كانت سائدة واعتمادها أيضاً على نصوص درامية واقعية ومعاشة في المجتمع السوري هذه مجموعة عوامل ساعدت في انتشار هذه الدراما.
وفي لمحة سريعة عن بداية هذه الدراما منذ القرن التاسع عشر على يد أحمد أبو خليل القباني الذي أوجد فن المسرح في سورية ويعد رائد المسرح العربي، وقامت عشرات الفرق المسرحية في مطلع القرن العشرين وحتى إنشاء المسرح القومي (1959) حيث انتقل المسرح من مجال الهواية إلى الاحتراف.
يعود تاريخ الدراما السورية إلى عام 1960، مع انطلاق التلفزيون السوري”زمن الوحدة مع مصر” وانتقال العديد من الشخصيات الفنية من الفرق المسرحية إلى التلفزيون .
والبداية عبر البرنامج الذي يحمل “سهرة دمشق” من خلال رواد الدراما السورية قلعي و دريد لحام ورفيق سبيعي والممثل السوري محمود جبر غيرهم.
أما العمل الدرامي الأول الذي عرض رسمياً في سورية كان مسلسل “تمثيلية الغريب” في عام 1960، وكان يتناول العمل أحداث الثورة الجزائرية وبطولاتها وأمجادها.
ثم توالت الأعمال تباعاً مع التطور الذي حصل في المسرح السوري والذي انعكس ايجاباً على التلفزيون ما أدى لاحقاً إلى ظهور ما سمي أعمال البيئة الشامية والأعمال التي تناولت الجانب الكوميدي الناقد من خلال سلسلة مرايا للفنان ياسر العظمة.
ومع بداية التسعينيات من القرن الماضي بدأ عصر الازدهار للدراما السورية من خلال مجموعة من المسلسلات التي تناولت مختلف القضايا لا سيما الجانب التاريخي الذي تناول الاحتلال العثماني والفرنسي كإخوة التراب وأيام الغضب وهناك أعمال تناولت الشخصيات التاريخية التي كان لها أثر في التاريخ العربي كصلاح الدين الأيوبي وهارون الرشيد وغيرهم بالإضافة إلى الجانب المعيشي كيوميات مدير عام التي تناول الفساد في المؤسسات الحكومية ومسلسلات الفنتازيا التاريخية كالجوارح والكواسر بالإضافة لأعمال تناولت فيما بعد الأسرة السورية كالإخوة والفصول الأربعة.. بينما لم تغفل أعمال البيئة الشامية والحلبية كحمام القيشاني وأيام شامية والكوميدية مثل بناء ٢٢ وعيلة خمس نجوم.
كانت الدراما السورية تنطلق بصورة مميزة بسبب الدعم الحكومي عبر الجهات المختصة مثل مؤسسة السينما والإنتاج الإذاعي والتلفزيوني من جهة والتطور التلفزيوني وتقنياته ودخول عالم الألوان من جهة ثانية، ما جعل التخصص التلفزيوني سواء في الإخراج أم الكتابة الدرامية أم السينمائية تزدهر وتزامن هذا مع ظهور الأقمار الاصطناعية والقنوات الفضائية، التي كانت الممر التسويقي الأول لانتشار الدراما السورية.

ومع الحرب العدوانية على سورية في العام ٢٠١١ دخلت الدراما السورية في أزمة حقيقية إذ هجّرت الأزمة المنتجين والمخرجين والممثلين السوريين، ما أدى إلى ظهور ما سمي الأعمال العربية المشتركة والتي في قسم منها لمع النجوم السوريون وبالرغم من المتابعة الجماهيرية لها بسبب الاستعراض سواء من حيث اللباس والأثاث والممثلين والسيارات وغيرها إلا أنها في الواقع كانت سطحية بالمجمل حسب آراء البعض ولم تتناول قضايا جوهرية في حين وبالرغم من الحرب وهجرة رأس المال من جهة ومنع المسلسلات السورية من العرض على القنوات العربية وارتفاع تكاليف الإنتاج والواقع الأمني فقد ظهرت بعض الأعمال التي كانت على مستوى جيد مثل ضبو الشناتي وعندما تشيخ الذئاب والولادة من الخاصرة وغيرها من المسلسلات التي تناولت مواضيع لم تكن تطرح سابقاً مثل علاقة الدين بالمجتمع والفساد سواء ببعض الأجهزة أم من خلال بعض أصحاب المناصب وأصبح هامش الحريات أكبر مما كان اليوم ومن خلال الموسم الرمضاني لعام 2021 الذي شهد كماً كبيراً من الإنتاج الدرامي السوري على صعيد الإنتاج السوري وعودة بعض الأعمال إلى الواجهة لا سيما لتناولها مواضيع من الواقع السوري من جهة مثل على صفيح ساخن أو تناول حقبة زمنية ومواضيع لم تكن تطرح سابقاً كما هو الحال في خريف العشاق هناك رهان على قدرة هذه الدراما على الإشراق والتميز مجدداً في ظل استقرار الأوضاع أمنياً بشكل أكبر مما كان عليه في السنوات الماضية.
في الختام تعدّ نظرية الدراما من الفنون التعبيرية الأولى التي كشفت عن توق الإنسان إلى المعرفة، وقد جسّدت تساؤلاته الوجودية في متون محاكاتها، إذ تُمثّل حقيقة وجود الإنسان وجدلية الوجودية القائمة وبالتالي التساؤل الرئيس هل تستطيع الدراما السورية الإجابة على هذه التساؤلات خاصة من خلال معالجة وتناول الحرب السورية؟.

سيرياهوم نيوز 6 – الثورة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وإنّما أولادُنا بيننا.. أكبادُنا تمشي على الأرضِ … في يوم الطفل العالمي.. شعراء تغنوا بالطفولة

  قد تجف أقلام الأدباء وتنضب أبيات الشعراء ولا ينتهي الحديث عن جمال الأطفال وذكريات الطفولة في عمر الإنسان؛ فالطفولة عالم مملوء بالحب والضحك والسعادة، ...