“واشنطن بوست”: اتفاقات أبراهام لم تجلب السلام إلى الشرق الأوسط
مايو 14, 2021
كتب ماكس بوت مقالة في صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية رأى فيها أن الاشتباكات الأخيرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين توضح أنه لا يوجد “سلام” ولا “شرق أوسط جديد” كما زعم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 15 أيلول / سبتمبر 2020، عندما افتخر بإنجازاته – والوحيدة تقريباً – في السياسة الخارجية وهي توقيع اتفاقيات أبراهام لتطبيع العلاقات بين “إسرائيل” والإمارات العربية المتحدة والبحرين. إذ قال ترامب حينها في احتفال في البيت الأبيض: “بعد عقود من الانقسام والصراع، نحتفل ببزوغ فجر شرق أوسط جديد. ستعمل هذه الاتفاقيات معاً كأساس لسلام شامل في جميع أنحاء المنطقة”.
وقال الكاتب إنه بعد ثمانية أشهر، يبدو هذا التفاخر أكثر إثارة للضحك الآن مما كان عليه في ذلك الوقت. فلا تزال الفوضى المليئة بالدماء نفسها كما كانت دائماً. كانت اتفاقيات أبراهام جيدة، لكنها لم تفعل شيئاً لحل النزاعات الكامنة في اليمن وسوريا وليبيا أو الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأضاف أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يشهد اليوم واحداً من الانفجارات الدورية للعنف، حيث تغمر “حماس” إسرائيل بصواريخ من قطاع غزة وتضرب الطائرات الحربية الإسرائيلية أهدافاً في غزة. والنتيجة هي وقوع خسائر في صفوف المدنيين من كلا الجانبين – رغم أن الخسائر، كالعادة، بين الفلسطينيين أكثر بكثير مما بين الإسرائيليين الذين يتمتعون بحماية أفضل.
وقال الكاتب إنه “حتى أولئك منا الذين يدعمون إسرائيل يجب أن يعترفوا بأن السبب المباشر للتصعيد الحالي هو الاستيلاء الإسرائيلي المستمر على الأراضي في القدس الشرقية والضفة الغربية، وهو الأمر الذي قام ترامب بالكثير لتشجيعه بدعمه الثابت” لزميله اليميني الشعبوي، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. فقد تم بناء أكثر من 9200 منزل إسرائيلي في الضفة الغربية خلال سنوات ترامب في ظل عدم احتجاج واشنطن. ونتيجة عدم محاولة كبح التوسع الإسرائيلي، كما فعل الرؤساء الأميركيون السابقون، اعترف ترامب بشكل غير حكيم بضم “إسرائيل” لمرتفعات الجولان وقطع المساعدات عن الفلسطينيين.
وتابع الكاتب أن المستوطنين الإسرائيليين اليمينيين يحاولون الآن إخلاء ست عائلات فلسطينية أخرى من منازلهم في القدس الشرقية بالقول إن المنازل مملوكة لملاك يهود جُردوا من ممتلكاتهم خلال حرب عام 1948. وقد حاول نتنياهو تصوير الأمر على أنه نزاع عادي على الأرض ستفصل فيه المحكمة العليا الإسرائيلية. وكان من المقرر اتخاذ قرار يوم الاثنين قبل أن يخرج العنف عن السيطرة.
وقال الكاتب الأميركي: لكن الفلسطينيين يشيرون عن حق إلى أن النظام القانوني الإسرائيلي متحيز ضدهم إذ يسمح هذا القانون للإسرائيليين بالمطالبة بحيازة منازل فقدوها في عام 1948 لكنه لا يمنح حقوقاً مماثلة للفلسطينيين. ويرى الفلسطينيون عمليات الإخلاء التي تلوح في الأفق كجزء من خطة إسرائيلية للاستيلاء على القدس الشرقية بشكل صارم بحيث لا يمكن أن تكون أبداً عاصمة لدولة فلسطينية مستقبلية. مجدداً، زاد ترامب الطين بلة، من خلال اعترافه بالسيادة الإسرائيلية على القدس بأكملها عندما نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى المدينة المقدسة.
وأضاف: الفلسطينيون (وكذلك “عرب إسرائيل” أي فلسطينيو 1948) غاضبون، ودخلت احتجاجاتهم في مصادمات مع الشرطة الإسرائيلية. حتى أن رجال الشرطة الإسرائيليين دخلوا المسجد الأقصى، أحد أقدس الأماكن في الإسلام، وأطلقوا الرصاص المطاطي والقنابل الصوتية أثناء ملاحقة شبان فلسطينيين كانوا يرشقونهم بالحجارة.
وزعم الكاتب أن هذا أعطى “حماس” الذريعة المثالية للدخول في المعركة تحت ستار الدفاع عن حقوق الفلسطينيين في القدس. وقال: “لكن مهما كانت شرعية المظالم الفلسطينية، فلا شيء يبرر القصف العشوائي للصواريخ على المدنيين. هذه جريمة حرب، ولإسرائيل ما يبررها تماماً في الرد طالما أنها تبذل قصارى جهدها لتقليل الأضرار الجانبية”، بحسب ادعاء الكاتب.
وقال: لطالما كان من الواضح أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد للخروج من هذا المستنقع. لكن من بين اللاعبين الثلاثة الرئيسيين – “حماس” والسلطة الفلسطينية و”إسرائيل” – لا أحد لديه زعيم مستعد لتقديم أدنى تضحيات من أجل السلام. فلا تزال “حماس”، على الرغم من المراجعات التجميلية لميثاقها في عام 2017، ملتزمة بالقضاء على “إسرائيل”. أما محمود عباس ، رئيس السلطة الفلسطينية البالغ من العمر 85 عاماً، فهو مستعد للتعاون مع “إسرائيل”، لكنه غير راغب في التوقيع على تسوية نهائية من شأنها التخلي عن المطالبات الفلسطينية مثل “حق العودة”. ليس لديه شرعية للقيام بذلك في أي حال، لأنه يمكث في الحكم منذ 16 عاماً في ولاية مدتها أربع سنوات فقط. إنه لا يحظى بشعبية كبيرة لدرجة أنه أجّل للتو الانتخابات الفلسطينية التي كان يفترض أن تكون الأولى منذ عام 2006، ربما لأنه لم يرغب في رؤية مكاسب لمنافسيه، بمن في ذلك “حماس”.
وتابع الكاتب: ثم هناك نتنياهو. ويواجه الآن المحاكمة بتهم فساد ويتمسك بشدة بالمنصب كرئيس وزراء مؤقت. فهو لم يتمكن من الفوز بأغلبية في أربع انتخابات أجريت في أقل من عامين، لكنه يرفض بعناد التنحي عن المنصب. وقد تكون المعركة الجديدة مع الفلسطينيين هبة من السماء بالنسبة له لأنها أخرت المفاوضات بين أعضاء الكنيست العرب وخصمه يائير لبيد ونفتالي بينيت لتشكيل حكومة.
وخلص الكاتب إلى القول إنه في مواجهة هذا الصراع الذي لا ينتهي، فإن أفضل ما يمكن أن تفعله إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن هو محاولة خفض التوتر والتوسط لوقف إطلاق النار. (قد تكون البداية الجيدة هي الإسراع بتعيين سفير للولايات المتحدة لدى “إسرائيل” وإعادة فتح قنصلية أميركية في القدس الشرقية للتواصل مع الفلسطينيين). ورغم أنه لا تزال احتمالات نجاح محادثات السلام بعيدة، لكن على الأقل لن يقوم الرئيس بايدن بمفاقمة الصراع كما فعل ترامب.
(سيرياهوم نيوز-الميادين14-5-2021)
2021-05-14