تابع العالم أحداث فلسطين المحتلة مؤخراً، انتفاضة لم تكن مسبوقة بالشكل الذي حدث خلال الأحد عشر يوماً، حيث انهالت صواريخ المقاومة الفلسطينية لتطال تل أبيب ومعظم الأراضي المحتلة. إنها المرة الأولى التي تتنادى فيها الفصائل جميعاً
انتفاضة في وجه الصهيوني كَسَرت غطرسته ومزقت أجزاءه وفكره. وجعلت قبته الحديدية فقاعة صابون فارغة تتقاذفها رياح المقاومة، تهتَّك سر حمايتها وحصانتها ما أفقد العدو أمانه الدي كان يغري به من يستجلبهم إلى (أرض الميعاد) المزعوم.
توحدت الفصائل الفلسطينية على موقف مشترك؛ لأول مرة منذ أوسلو المشؤوم، الذي شتت جهود المقاومين وجعل مرجعية كل فصيل تختلف عن الأخرى، ما أوهن قراراتهم وبعثر جهودهم، وجعل عدوهم يستقوي عليهم ويتفرد بِغِيِّه على تشرذمهم.
ما حصل من تناغم نضالي بين غزة هاشم والداخل الفلسطيني، استفاقةٌ أوجعت الصهاينة المحتلين وقوّت العصا الفلسطينية، وأيقظت ضمير العالم النائم لسنوات، مع استخدام الميديا الأمثل، لتتبدى الحقيقةُ لمن غضّ الطرف لزمن ليس بالقصير.
حقيقة الوحشية الدموية، التي فجرت بقصفها الهمجي وتدمير البيوت على ساكنيها؛ ينابيع من دماء الفلسطينيين في غزة، أثار حفيظة العالم وأثمر نصراً. قال عنه أحد ضباطهم إن قصف الأبراج في غزة كان لأجل التنفيس عن الهزيمة المخزية لجيشه.
تحركت شوارع العالم الغربي بما فيها الأميركي العنصري لتدين شائنة بني صهيون في وحشيتهم وعنصريتهم. ولم يكن ذلك عبثياً؛ لو لم يستشعر العالم قوة الفلسطينيين ضد مغتصب أرضهم، فالموقف العالمي يتعاطف مع القوي، حين يرى قوة تصميمه.
لا يعترف العالم بحق أحد إن لم يستشعر منه بسالة في الإرادة، لاسترجاع حقه من أي كائن يغتصبه. مهما حاول الصهاينة تبرير شناعة أفعالهم، إلا أن مواجهتهم بأدوات الحق التي لا تضاهي قوة وقسوة سلاحهم، جعل العالم يناصر الفلسطينيين.
لذا تنادى أحرار العالم رافعين الصوت لوقف مجازر العنف العنصرية ضد الفلسطينيين، على كامل أرضهم التاريخية دون تمييز، ونعت الصهاينة المحتلين بالعنصريين في إحياء (مادة) وصفتهم بذلك أُسقِطَت يوماً في الأمم المتحدة لتبرئهم هذا يعني أن الأنف الصهيوني مرّغ بالتراب الذي أرادوا أن يكون مقابر لأبنائه.
يستصرخ الصهيوني ألماً من وجع مطر الصواريخ الغزاوية وثائرة البلدات والمدن الفلسطينية، فيضرب بالرصاص الحي جموع الثائرين، ويخنقهم بالقنابل الغازية محاولاً وهن عزيمتهم، إلا أن الفشل كان رفيق أفعاله بلا منازع. لم تكن ينابيع الدم الفلسطيني إلا ناراً أحرقت أحلامه في الأمن الذي ضاق به ذرعاً مستوطنوه الغزاة.
كل غاصب لأرض الغير نهايته إلى زوال مهما طال الأمد، علّ الدرس الفلسطيني لقن الصهاينة وأمثالهم ممن يغتصبون أرضاً ليس لهم الحق فيها، درساً لا ينسى ما يجعلهم ينسحبون منها قبل أن تصبح مقابر لهم. ويُركلون صاغرين للخروج طرداً.
دم السوريين المراق في لبنان؛ لم يمنعهم من الوصول لصندوق الانتخاب بل منحهم الإصرار على متابعة الوصول للسفارة، لممارسة حقهم في اختيار رئيسهم. حدثٌ هو خيرُ رسالةٍ تصفع وجه أعداء سورية الباسلة، التي تسترخص الدم لأجل حريتها.
انتصر الفلسطينيون وتوقف القتال بشروطهم؛ أولئك البواسل الصامدون. مقاومة وصمود سوريةَ أمثولةً للعالم أجمع، في الحياض عن الأرض والعرض، ما منح المقاومة الفلسطينية قوة وثباتاً، فلم تحمي عدوهم لا قبته الحديدية ولا أعتى الأسلحة.
وليعلم العالم أن صمود سورية قلعة المقاومة عشراً من السنين أنجز وسينجز نصراً عسكرياً لتحرير كامل أرضها. وسياسياً باستحقاق الرئاسة لأجل حريتها وسيادتها. ومقاومةُ شعبها الأبي للحصار الاقتصادي مهما كان خانقاً سينتج انفراجاً مبهراً. والأيام سجال، وسينتصر الفلسطينيون، لأن ينابيع الدم تأبى إلا أن تزهر نصراً..
(سيرياهوم نيوز-الثورة27-5-2021)