- محمد نور الدين
- الأربعاء 1 تموز 2020
على الرغم من التهديدات المصرية بالتدخّل في ليبيا، وهو الأمر الذي كبح نسبيّاً جماح التقدّم التركي على جبهة سرت ــــ جفرا، فإن المحلّلين الأتراك يقاربون التدخّل التركي في مصر من أكثر من زاوية تعكس تعقيدات المشهد والاحتمالات. في وقت تواصل فيه تركيا انتشاءها بالتقدّم في ليبيا ووجودها في سوريا والعراق وشرقي المتوسط، محتفلة منذ يومين بالذكرى 2229 على تأسيس القوات البرية على أساس أن أوّل فرقة عسكرية برية أسستها القبائل والعشائر التركية تعود إلى عام 209 قبل الميلاد في عهد الحاكم موتان (ميتيه خان) الذي أسس إمارة هيونغ نو في شمال غرب الصين والتي شكّلت تهديداً للإمبراطورية الصينية وكانت جزءاً من إمبراطورية الهون الكبرى!يرى ياشار قايا، أوّل وزير خارجية في سلطة حزب «العدالة والتنمية»، والذي افترق عنها لاحقاً وكان سفيراً لتركيا في مصر بين 1995 و1998، أن مصر تقارب الوضع في ليبيا من زاوية أن «الإخوان المسلمين» يشكّلون خطراً وجودياً عليها. لذلك فلن تألو جهداً لوضع كل ثقلها على الساحة من أجل منع تعاظم قوة حكومة «الوفاق الوطني» الموالية لـ«الإخوان المسلمين». ويقول ياقيش إن مدى خطورة «الإخوان» على مصر، بنظر المصريين، هو تماماً كما هي خطورة حزب «العمّال الكردستاني» على تركيا. ويحذّر ياقيش من أنه إذا أرسلت مصر جنوداً إلى ليبيا فإن احتمال المواجهة العسكرية بين تركيا ومصر سيكون قائماً. وقال إن التوصّل إلى حل دبلوماسي لا يزال ممكناً، لكن الدبلوماسية في هذه اللحظة لا تعمل. وأضاف إن التدخّل المصري العسكري في ليبيا سيكون سهلاً نظراً إلى عدم وجود عوائق طبيعية. كما أن رؤساء القبائل الموزعة على جانبي الحدود سيكونون في تعاون مع مصر. ويقول ياقيش إنه ما لم تصل تركيا ومصر إلى حلول وسط، فلا مفر من الصدام بينهما في ليبيا.ويقول الرئيس السابق لاستخبارات الجيش التركي الجنرال المتقاعد إسماعيل حقي بكين، في حوار مع صحيفة «ميلليت» إن دخول تركيا على خط الوضع في ليبيا غيّر المعادلات. لكن أحداً لا يريد لطرف واحد أن يحقق انتصارات كاملة. من هنا، توقف العملية العسكرية التركية عند بوابة سرت ــــ جفرا. لكن هل ينفّذ عبد الفتاح السيسي تهديداته؟ يتساءل بكين ويجيب: لا. لا يستطيع، ويتابع: «نعم يمكن أن يستعرض السيسي قوّته، لكن الطريق إلى سرت طويلة بقدر العالم. لذلك من الصعب عليه الدخول في حرب وزجّ وحداته ودباباته هناك. هذا ليس سهلاً». ويقول، بخلاف وجهة نظر ياشار ياقيش، إن «احتمال المواجهة بين مصر وتركيا غير قائم. يمكن التصارع بالوكالة، لكن لا أظن أن مصر سترسل قوات إلى ليبيا وتتقدم إلى سرت. هذا غير ممكن». ويتطرّق بكين إلى جانب آخر من المسألة بالقول إن مصر قريبة من ليبيا، بعكس تركيا البعيدة. مع ذلك، فإن تركيا أرسلت مرّتين طائراتها إلى ليبيا، أمّا مصر فلم تقم بذلك. وهذا مرده إلى أن الولايات المتحدة لا تريد لمصر أن تفعل ذلك، فيما هناك لقاءات وتعاون بين تركيا والولايات المتحدة. ويقول بكين إن «الولايات المتحدة تعمل على عرقلة روسيا والقوى التي تدعمها روسيا. وهذا يقف خلف التعاون التركي ــــ الأميركي. الولايات المتحدة لا تصرّح علناً، لكنها تدعم ضمناً تركيا. لذلك أيضاً فإن التدخّل المصري هناك غير وارد. تركيا تظهر كما لو أنها هناك بمفردها، غير أن هذا غير صحيح. الولايات المتحدة موجودة خلف تركيا. لذا، فإن إسرائيل لا ترفع صوتها». ويقول بكين: لا أحد يريد نشوب حرب واسعة في ليبيا لأنها ستمتد إلى السودان وتشاد وأوروبا وستخرج موجة هجرة واسعة إلى أوروبا التي لا تريد مثل هذه الهجرة. وسينتهي الأمر بتمركز روسيا والصين في ليبيا وهو ما لا تريده واشنطن. ويضيف إن مصر تأخذ من الولايات المتحدة مساعدات سنوية بقيمة ثلاثة مليارات دولار وتشتري منها السلاح، ولمصر مشكلات مع إثيوبيا وأخرى في سيناء، لذلك فإن استعراض القوة في ليبيا هدفه ردع تركيا ليس إلا.
ويرى محمد علي غولير في صحيفة «جمهورييت» أن الدفع نحو صدام تركي ــــ مصري في ليبيا سيؤدي إلى:
ــــ منح موسكو ميزة في التفاوض والمساومات مع أنقرة.
ــــ استفادة جبهة مصر ــــ إسرائيل ــــ اليونان ــــ قبرص اليونانية.
ــــ استفادة إسرائيل ومعها أميركا لتسهيل تطبيق مشروع ضم الأراضي في الضفة الغربية.
ويقول غولير إن مثل هذا الصدام بين تركيا ومصر سيلغي نهائياً إمكانية توافق تركيا ومصر على ترسيم الحدود البحرية بينهما. ويرى أن تركيا هي الأقوى ولا يمكن مقارنة مصر بتركيا عسكرياً. لذلك فإن السيسي، بتهديداته، يعمل على:
ــــ كبح العملية التركية.
ــــ استدراج الولايات المتحدة إلى موقف أكثر حياداً.
ــــ استدراج المساعدات من السعودية والإمارات.
ــــ الدفع بروسيا، المتناقضة مع تركيا في ليبيا، للوقوف إلى جانب مصر.
ــــ إجبار حكومة «الوفاق الوطني» برئاسة فايز السراج ومعها تركيا، التي رفضت مبادرة السيسي، إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
ويقول غولير إن صداماً تركياً ــــ مصرياً في ليبيا، واتخاذ خط سرت ــــ جفرا حدوداً داخلية، يعني تقسيم ليبيا، وهذا يضرّ بتركيا لجهة ترسيمات الحدود البحرية في شرق المتوسط، ومنافسة الشركات الأجنبية لتركيا في ليبيا حيث لن يطبّق أي اتفاق تركي مع حكومة طرابلس على الشرق الليبي. ويرى أن من مصلحة تركيا أن تعمل في ليبيا بالاشتراك مع مصر وروسيا والتخلي عن «العمل المشترك» مع الولايات المتحدة.
ويرى الكاتب مراد يتكين أن مستقبل التعاون المشترك بين الولايات المتحدة وتركيا في ليبيا رهن بثلاثة عوامل: الأوّل، مصير صواريخ «أس ــــ 400» ومقاتلات «أف 36». وهي مشكلة لا تخص الرئيس دونالد ترامب فقط، بل عالقة في الكونغرس المعارض لترامب. ومن دون حل مشكلة الصواريخ، فإنه ليس من السهولة انتظار تطوّرات مهمّة في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين. العامل الثاني، هو الوضع في سوريا وضرورة أن تتفهّم تركيا المسائل الأمنية لـ«قوات حماية الشعب» الكردية المؤيدة لـ«العمّال الكردستاني» ولإيجاد حل في سوريا يأخذ في الاعتبار المسألة الكردية. أمّا العامل الثالث، فهو الاعتراض الأميركي على أي تعاون تركي مع الصين في أفريقيا وفي مجال الأجهزة الطبية والأدوية وألا تكون تركيا بوابة الصين إلى أوروبا ومنع استخدام أجهزة «هواوي» في الدوائر الرسمية التركية.
ويرى محمد علي غولير في صحيفة «جمهورييت» أن الدفع نحو صدام تركي ــــ مصري في ليبيا سيؤدي إلى:
ــــ منح موسكو ميزة في التفاوض والمساومات مع أنقرة.
ــــ استفادة جبهة مصر ــــ إسرائيل ــــ اليونان ــــ قبرص اليونانية.
ــــ استفادة إسرائيل ومعها أميركا لتسهيل تطبيق مشروع ضم الأراضي في الضفة الغربية.
ويقول غولير إن مثل هذا الصدام بين تركيا ومصر سيلغي نهائياً إمكانية توافق تركيا ومصر على ترسيم الحدود البحرية بينهما. ويرى أن تركيا هي الأقوى ولا يمكن مقارنة مصر بتركيا عسكرياً. لذلك فإن السيسي، بتهديداته، يعمل على:
ــــ كبح العملية التركية.
ــــ استدراج الولايات المتحدة إلى موقف أكثر حياداً.
ــــ استدراج المساعدات من السعودية والإمارات.
ــــ الدفع بروسيا، المتناقضة مع تركيا في ليبيا، للوقوف إلى جانب مصر.
ــــ إجبار حكومة «الوفاق الوطني» برئاسة فايز السراج ومعها تركيا، التي رفضت مبادرة السيسي، إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
ويقول غولير إن صداماً تركياً ــــ مصرياً في ليبيا، واتخاذ خط سرت ــــ جفرا حدوداً داخلية، يعني تقسيم ليبيا، وهذا يضرّ بتركيا لجهة ترسيمات الحدود البحرية في شرق المتوسط، ومنافسة الشركات الأجنبية لتركيا في ليبيا حيث لن يطبّق أي اتفاق تركي مع حكومة طرابلس على الشرق الليبي. ويرى أن من مصلحة تركيا أن تعمل في ليبيا بالاشتراك مع مصر وروسيا والتخلي عن «العمل المشترك» مع الولايات المتحدة.
ويرى الكاتب مراد يتكين أن مستقبل التعاون المشترك بين الولايات المتحدة وتركيا في ليبيا رهن بثلاثة عوامل: الأوّل، مصير صواريخ «أس ــــ 400» ومقاتلات «أف 36». وهي مشكلة لا تخص الرئيس دونالد ترامب فقط، بل عالقة في الكونغرس المعارض لترامب. ومن دون حل مشكلة الصواريخ، فإنه ليس من السهولة انتظار تطوّرات مهمّة في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين. العامل الثاني، هو الوضع في سوريا وضرورة أن تتفهّم تركيا المسائل الأمنية لـ«قوات حماية الشعب» الكردية المؤيدة لـ«العمّال الكردستاني» ولإيجاد حل في سوريا يأخذ في الاعتبار المسألة الكردية. أمّا العامل الثالث، فهو الاعتراض الأميركي على أي تعاون تركي مع الصين في أفريقيا وفي مجال الأجهزة الطبية والأدوية وألا تكون تركيا بوابة الصين إلى أوروبا ومنع استخدام أجهزة «هواوي» في الدوائر الرسمية التركية.
(سيرياهوم نيوز-الاخبار)