رغم أن العالم منهمك بمنعكسات أسعار النفط وارتداداته على الحياة المعيشية التي تتأثر بأسعاره إلى حدّ كبير، ومع تذبذبات أسعاره صعوداً وهبوطاً تزداد المخاوف من ارتفاع كبير بالسلع والخدمات، وعلى الرغم من صعوبة وضعنا النفطي في سورية، وبما يختلف عن أي مكانٍ آخر في العالم، حيث يُنهب نفطنا أمام أعيننا وأمام العالم كله، ونُحرم منه نحن أبناء الشعب بسبب مجرمي هذا العصر الذين سيطروا على منابعه وشرعوا بسرقته وعلى الملأ، وفوق هذا يفرضون الحصار الخانق علينا فتتأخر التوريدات التي ندفع ثمنها من دماء قلوبنا وتتعرقل وكانت تُصادر أحياناً..!.
رغم هذا كله من الصعب على أي مراقب أن يلاحظ بأن هناك إحساساً حقيقياً من قبل الناس أو تقديراً منهم إزاء ما يحصل، فلا نجد أحداً يحاول الاستغناء عن سيارته، أو على الأقل التخفيف من استخدامها، ولم نجد أن هواة التشفيط والسرعات الجنونية قد خففوا من غرورهم وتوقفوا عن أفعالهم المنكرة، كما أنّ أحداً لا يبدو منتبهاً ولا مكترثاً بأسعار النفط، وكأنها لا تعني أحداً، على الرغم من أن أي ارتفاعٍ لأسعار النفط يزيدُ علينا الأعباء، فنفطنا -أيها الناس- لم يعد من إنتاجنا حتى لا نكترث، نفطنا بات مستورداً بشكل شبه كامل، ونفطنا الذي هو ثروتنا وذهبنا الأسود هنا يُسرق ويُنهبُ بالكامل، ومع هذا فإننا -مع الأسف- نتصرّف وكأن شيئاً لم يكن ..!! في حين أن ظروفنا الاستثنائية القاسية تفرض على كل ذي ضميرٍ حي ألا يلجأ إلى استخدام سيارته إلاّ في الحالات الضرورية جداً.
والأغرب من ذلك أنه على الرغم من هذا كله ما تزال الدولة مصرّة ومتمسكة إلى حدٍّ كبير بدعم المشتقات النفطية، وهذا يؤدي إلى هدر الكثير من هذه المشتقات يوميا، والدعم هنا لا يكاد يُصدّق .. إنه يفوق الخيال، هو بمئات المليارات، بل بآلاف المليارات، فقد خصصت الموازنة العامة للدولة مبلغ / 2700 / مليار ليرة لدعم المشتقات النفطية فقط، وهذا المبلغ غير مستقر لأن أسعار النفط غير مستقرة هي أيضاً.
في الواقع شيء ما غير مفهوم لماذا يستمر الدعم بهذه الصيغة، ومن النادر أن نرى أحداً يُقدّر ذلك، فضلاً عن أننا نرى بأم أعيننا أن هذا الدعم يذهب الكثير منه هكذا هدراً وإلى غير مستحقيه، فعندما تُهدر المشتقات النفطية – ونحن في هذه الظروف – بغير مكانها فهي لا تؤدي غرضها أبداً.
نعتقد آنَ الأوان والوقت للتفكير جديّاً بطريقة أخرى للدعم بعيداً عن المشتقات النفطية دون المساس بحق من يستحق الدعم ولكن عبر قنوات أخرى يمكن من خلالها تحديد من يستحق الدعم بدقة ليصل إليه إما على شكل مبالغ مالية، أو على شكل سلعٍ مجانية أو منخفضة الأسعار، وهذه ليست معجزة .. بل المعجزة الحقيقية هي أن يستمر دعم المشتقات النفطية هكذا بمثل هذا القدر والهدر بعيداً عن الأسعار العالمية، وكل الساحات والطرقات تشهد على عدم التقدير، وعندما تصير المشتقات بالسعر العالمي سنجد الكثير من السيارات مركونة ومتروكة للحاجة وللحالات الطارئة.
(سيرياهوم نيوز-الثورة٢١-٦-٢٠٢١)