ديب علي حسن:
بداية حتى لا تحكم على العنوان الذي قد يظن البعض أنه يعني أن ثمة من خطف الإعلام السوري إلى مكان آخر، أو أنه قد تخلى عن دوره وانكفأ.. لمن يقرأ هذا رويداً تمهل..
لست أعنيه أبداً على الرغم من كل ما أكتبه شخصياً عن الإعلام السوري، لكني أراه الأكثر جرأة وشجاعة وقدرة على نقل هموم الناس ونبضهم..
بل أذهب إلى القول أن سقف الجرأة الذي يتمتع به مرتفع جداً… ربما يستهجن آخرون ما نقوله.. وهذا لن يكون غريباً على من يمشي على سكة قطار النظرة المسبقة.. فهي موجودة حتى عند الكثيرين منا..
الأحكام المسبقة التي لا يكلف أحدنا نفسه مجرد مراجعتها.. ذكرني الأمر بما رواه فيلسوف غربي من أن أحد الفلاسفة اليونانيين – لا أدري أهو سقراط أم أفلاطون – كان يقول إن عدد أسنان المرأة أكثر من عدد أسنان الرجل.. مع إن الفيلسوف هذا كان متزوجاً بأكثر من امرأة.. لكنه لم يكلف نفسه عناء عدِّ أسنان إحداهن ليصل إلى الحقيقة.
هكذا أحوال الكثيرين منا.. دعة التكاسل المبنية على غزو واستلاب لإرادة التفكير جعلتنا بمكان آخر..
نعم ثمة من عمل على تدمير إعلامنا محاربته.. عدونا الخارجي الذي لم يترك وسيلة إلا واستخدمها في حربه علينا وما تعرض الإعلام له مازال شاهداً ماثلاً أمام الجميع..
الحصار القاتل والظالم الجائر للحياة بكل ألوانها كان الإعلام المستهدف الأول فيه..
ومع ذلك قاوم ومازال وسيبقى..
ومن الطبيعي أن تنعكس جوانب الحصار الأخرى عليه..
الشاشة الفضية تحتاج إلى كهرباء وقطاع الكهرباء نعرف ماذا فعلت به الحرب العدوانية حتى وصلنا إلى ما نحن عليه.. نثق أنه سيمضي وسوف نتجاوزه لكن هذا لا يعني أننا لا نلمس ما تركه من عقابيل..
تسألني زوجتي وهي إعلامية.. منذ متى لم نستطع متابعة التلفاز… منذ متى لم نقرأ صحيفة… منذ ومنذ متى ومتى..؟؟
لا نجد جواباً أبداً فثمة أسباب قاهرة كما أسلفنا خارجية عدوانية يجب أن نبقى نشير إليها.. حصار على الورق والحبر وإنزال المحطات السورية عن أقمار البث الفضائي وما في القائمة..
وكأننا أمام قول الشاعر:
ألقاه في اليم مكتوفاً.. وقال له إياك أن تبتل بالماء.
لسنا مكتوفين على الرغم من كل ما سبق نبتكر الأدوات للخروج من عنق هذا الواقع.. هذا يعني أن تفعيل البدائل يجب أن يكون جاهزاً فهي ضرورة ملحة..
علينا آلا نركن إلى هذا الفضاء المخاتل على ضرورته، فهو ذاكرة غبارية مفتاحها بيد من يحاربوننا..
المرحلة المقبلة بالضرورة تقتضي التجدد والنهوض على أساس ما تم إنجازه، وتكريس الطاقات الإعلامية المتاحة كلها لتكون إعلاماً متكاملاً تفاعلياً بين مقروء ومسموع ومرئي..
نعم علينا استعادة إعلامنا من الداخل والخارج من المحرر إلى اي هرم تريد في المؤسسات التنفيذية التي يجب أن تتفاعل مع ما يطرحه الإعلام بالبحث عن حلول وعلاج لقضايا الناس حتى لا تبقى المقولة: حكي جرائد.. حكي إعلام..
المشكلة التي يجب الاعتراف بها أننا جميعا مسؤولون وليس خطا أن نقول: إن القادم يجب أن يتم التخطيط له تحت أضواء كاشفة أمام الإعلاميين وليس من المكاتب..
لينعقد مؤتمر يناقش هذا، لا يكون تنظيراً، إنما يكوِّن أعضاؤه الإعلاميون ورشات عمل حتى تنضج الرؤى..
لا يحسد أي مسؤول إعلامي في هذه المرحلة أبداً..
أن تكون وزير الإعلام مثلا فأنت في الواجهة بين من يرى من الحكومة ما يرى، وبين المواطن والإعلامي..
فلن ترضي أحداً.. وهذه ليس مهمتك، إنما تمضي قدماً في العمل، وأعتقد أن وزارة الإعلام لم تقصر بذلك أبداً، لكننا دائماً نطمح إلى المزيد..نحن جزء من معادلة التغييب والتغيير..جزء بل كل من معركة الحضور القوي.. والقادم سيحكم
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة