الدكتورة حسناء نصر الحسين
لم تكن المشاريع الأمريكية الخبيثة خفية على الدولة السورية فهي التي عرفتها وقاومتها على مدى عقود مضت واستطاعت ان تحقق انتصارات في عدة محطات عملت خلالها الدولة السورية في صناعة عوامل مواجهة وصمود ساهمت بإفشال هذه المشاريع .
لتأتي مرحلة العدوان الأمريكي واتباعه الغربيون وعملائه على سورية في عام ٢٠١١ حيث استطاعت الدولة السورية ومنذ الأشهر الأولى ان تقرأ حقيقة هذا التآمر وتعاملت معه منذ وقت مبكر على انه عدوان كوني يهدف الى تقسيم المنطقة وتفتيتها عبر ضرب نقطة الارتكاز التي تشكل عامل استراتيجي كبير في مواجهة الكيان الصهيوني وهو تقسيم الدولة السورية في خطوة تعتبر الأكثر أهمية لنجاح مشروع التقسيم والتفتيت لدول المنطقة لإضعافها وتحويلها الى محميات عرقية وكنتونات مذهبية ضعيفة بما يحفظ أمن الكيان الصهيوني لعقود قادمة .
الا ان هذه المحاولات التي خطط لها كبار البيت الابيض والكيان الصهيوني منذ وقت مبكر منيت بالفشل، فلم تستطع عشرية الدمار والدم الأمريكي الصهيوني ان تنال من ارادة الدولة السورية ولا ان تهزم العقيدة التي يمتلكها الجيش العربي السوري ولا ان تنال من الانتماء العقائدي للشعب السوري فكان الفشل لهذه المشاريع هو العنوان الاكبر وفي مقدمة هذه المشاريع وأخطرها وأكبرها هو مشروع التقسيم بالرغم من كل التغيير في الأدوات وكبر قائمة القرارات الصادرة عن مجلس الامن التي حاولت جاهدة من خلال هذه المظلة الاممية ان تنال من هذه الانتصارات عبر تجريمها للدولة السورية وللجيش السوري في محاولة بائسة لوقف الزحف الكبير للقوات السورية في اكثر من جبهة على مستوى الجغرافية السورية .
وفي الوقت الذي كانت اذرع امريكا من الارهاب الدولي تسيطر على ٨٠% من الجغرافية السورية استطاعت الدولة السورية بمساعدة ومساندة حلفائها ان تحدث انقلابا في المخطط الامريكي الغربي الصهيوني التركي وقضت على معظم هذه الجماعات الارهابية، وغيرت من جغرافيا السيطرة لصالحها، وهذا ما دفع بدول العدوان للتسريع بعملية التواجد العسكري العملي لقوات هذه الدول عبر الخديعة الكبرى التي حاولت واشنطن من خلالها شرعنة تواجدها الغير شرعي في مناطق النفط والثروات السورية عبر ما اسمته التحالف الدولي لمحاربة الارهاب ، ليكون عام ٢٠١٨ هو العام الذي كشفت فيه صراحة اطماع امريكا في سرقة ثروات سورية وتقسيمها .
فكان توزيع الادوار عبر الامريكي في مناطق شرق الفرات على الحدود السورية العراقية التركية والتركي في شمال الفرات والصهيوني في مناطق الجنوب السوري .
ليأتي الرد السوري الأول من منطقة الجنوب حيث استطاع عبر حملة عسكرية ضخمة افشال المشروع الصهيوني بإقامة منطقة عازلة اطلق عليها اقليم الجنوب ليحكم على هذا المشروع بالموت بنفس العام، معبرا بذلك عن صورة فشل حقيقي لأي مشروع مستقبلي يستهدف تقسيم سورية.
ليأتي مشروع اقامة الكيان الكردي في شرق الفرات كأحد المسارات الامريكية لتعزيز مشروع التقسيم وهذا ما دعمته واشنطن بشكل مباشر عبر تدريب القوات الكردية الانفصالية وبعض من ابناء العشائر وتدريبهم ليكونوا جند الأمريكي على طول الحدود السورية مع دول الجوار، وهو لم يتحقق كواقع حتى الآن .
ما يتشكل بشكل ملحوظ من مقاومة شعبية تفرض واقعا جديدا في مشهد المواجهة للاحتلال بكل اشكاله من الامريكي والتركي والصهيوني، كل هذا امام تنامي القدرات القتالية ونوعية الاسلحة المستخدمة للمقاومة الشعبية وتزايد عدد هجماتها واستهدافها لقوى الاحتلال الامريكي يشكل تحذيرا جديا وأمرا واقعا يجبر الامريكي للخروج من سورية ذليلا ويعيد مشاهد الاذلال للامريكي في العراق وغيرها.
قدرة الدولة السورية بيدها الطولى الممثلة بجيشها على رسم التحولات الكبيرة، والاقتدار السوري على صناعة المتغيرات التي تأتي لصالح الدولة السورية وفي مقدمها السيطرة الجغرافية الواسعة والمتسارعة وتحقيق ضربات موجعة وقاتلة للارهاب المتبقي في جبهات ثلاثة، بجانب عنصر الاستباق وافشال ما يخطط له اعداء سورية قبل التفكير بالتنفيذ، كل هذا احدث حالة توجس وقلق امريكي صهيوني تركي دفع هذه الاطراف للتسريع بما يرونه ضرورة لتحقيق ما عجزو عن تحقيقه طوال عشر سنوات من الحرب والعدوان، لكن منطق القول وخلاصة ما افرزت نتائج السنوات الماضية تقطع بحتمية استحالة التحقيق لهذه المؤمراة، والتي لو كان لها ان تتحقق لكانت في ذروة العدوان وفي مراحله الاولى، وهذا ما يدعونا للتأكيد على أن سورية خبرت كل مؤامرات هؤلاء وان مشروعا كمشروع التقسيم ليس جديدا على سورية فلا نخشى على دولة كسورية استطاعت أن تقف امام عدوان كوني هدفه الوحيد هو انهاء الدولة وتقسيم البلد .
سيرياهوم نيوز 6 – رأي اليوم