الرئيسية » عربي و دولي » أزمة لبنان تشتد مع اعتذار الحريري عن تشكيل الحكومة.. تبادل الاتهامات وسط تدخلات عربية ودولية كبيرة لإنقاذ الموقف وتحذيرات من “انهيار مالي” والاتحاد الأوروبي يشعر “بأسف عميق”

أزمة لبنان تشتد مع اعتذار الحريري عن تشكيل الحكومة.. تبادل الاتهامات وسط تدخلات عربية ودولية كبيرة لإنقاذ الموقف وتحذيرات من “انهيار مالي” والاتحاد الأوروبي يشعر “بأسف عميق”

بيروت- من مها الدهان وليلى بسام

 تخلى الزعيم السُني اللبناني سعد الحريري أمس الخميس عن جهود يبذلها منذ شهور لتشكيل حكومة جديدة مما قلص فرص التوافق في أي وقت قريب على حكومة تشتد الحاجة إليها لإنقاذ البلاد من الانهيار المالي.

وأعلن الحريري قراره بعد لقائه بالرئيس ميشال عون قائلا إن من الواضح أنهما لم يتمكنا من التوافق، مما يبرز الانقسامات السياسية التي أعاقت تشكيل الحكومة حتى مع زيادة حدة الأزمة في لبنان.

وكان عون قد كلف الحريري بتشكيل حكومة في أكتوبر تشرين الأول الماضي عقب استقالة حكومة رئيس الوزراء حسان دياب في أعقاب انفجار مرفأ بيروت. والحريري رئيس وزراء سابق وأرفع سياسي سني في البلاد.

وبعد إعلانه الاعتذار، أغلق محتجون من أنصار الحريري بعض الطرق في المناطق ذات الأغلبية السُنية ببيروت وأشعلوا النار في صناديق القمامة وإطارات المركبات. وانتشرت قوات الجيش وأطلقت النار في الهواء لتفريق المحتجين الذين رشقوا الجنود بالحجارة ومقذوفات أخرى. وقال مصدر أمني إن جنديا أصيب.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان يوم الخميس إن الإخفاق في تشكيل حكومة لبنانية جديدة أمر مروع وانتقد الطبقة السياسية التي تحكم البلاد بأكملها. وقال للصحفيين في الأمم المتحدة في نيويورك “هذا مجددا حدث مروع آخر… هناك انعدام تام لقدرة الزعماء اللبنانيين على التوصل لحل للأزمة التي تسببوا فيها”.

وقال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط إن تبعات الأمر ستكون خطيرة.

وفي واشنطن، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن إعلان الحريري “تطور مخيب للآمال”.

وأضاف في بيان “لا بد للزعماء في بيروت أن ينحوا على وجه السرعة الاختلافات الحزبية ويشكلوا حكومة تخدم الشعب اللبناني”.

ويواجه لبنان انهيارا اقتصاديا وصفه البنك الدولي بأنه أحد أسوأ حالات الركود في التاريخ المعاصر. ودفعت الأزمة المالية أكثر من نصف السكان إلى دائرة الفقر، وشهدت تراجع قيمة العُملة بأكثر من 90 بالمئة خلال نحو عامين وتنامت المخاوف من اضطرابات اجتماعية.

ويمثل قرار الحريري ذروة صراع مستمر منذ أشهر على المناصب الوزارية مع عون رئيس الدولة المسيحي الماروني المتحالف مع حزب الله الشيعي المدعوم من إيران.

وتبادل الحريري وعون الاتهامات.

وقال الحريري لقناة الجديد اللبنانية في مقابلة بعد ساعات من قراره “اعتذاري عن التشكيل هو لأني رأيت أن رئيس الجمهورية لا يريد أن يشكل.. أنا لا أستطيع أن أقدم تشكيلة للحكومة ورئيس الجمهورية لا يريد إعطاء الثقة، بل يريد الثلث المعطل”.

* “الله يعين البلد”

قال الحريري إن عون طلب تعديلات جوهرية في التشكيلة الوزارية التي قدمها يوم الأربعاء.

وأضاف الحريري للصحفيين بعد اجتماع مع عون بالكاد استمر لمدة 20 دقيقة “واضح أننا لن نستطيع أن نتفق مع فخامة الرئيس … فلذلك قدمت اعتذاري عن تشكيل الحكومة والله يعين البلد”.

وأضاف “وخلال الحديث مع فخامته، طرحت عليه أنه إذا كان يحتاج إلى مزيد من الوقت لكي يفكّر بالتشكيلة، فقال لي إننا لن نتمكن من التوافق”.

وقالت الرئاسة في بيان إن الحريري رفض مناقشة أي تعديلات واقترح على عون يوما واحدا إضافيا لقبول التشكيلة المقترحة لكن الرئيس قال “ما الفائدة من يوم إضافي إذا كان باب البحث مقفلا”.

وأضاف البيان أن الرئيس سيحدد موعدا لإجراء مشاورات مع النواب لاختيار رئيس وزراء جديد في أقرب وقت ممكن.

وأشار الحريري في المقابلة مع تلفزيون الجديد فيما بعد إلى أن تيار المستقبل لن يسمي أحدا في المشاورات. وقال “نحنا مش حنسمي ومش حنعطل البلد”.

لكن لا يوجد بديل واضح لتولي المنصب الذي ينبغي أن يشغله مسلم سُني وفق النظام الطائفي في لبنان.

ويشكك محللون في أن أي سياسي سُني سيقبل بهذا الدور دون مباركة الحريري.

ويظل حسان دياب رئيس الوزراء حكومة تصريف الأعمال لحين تشكيل حكومة جديدة.

* الأزمة خارج السيطرة

يشكل الانهيار الاقتصادي أسوأ أزمة يشهدها لبنان منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها من عام 1975 إلى 1990.

وقال مهند الحاج علي من مركز كارنيجي للشرق الاوسط إن الوضع الأمني يقترب من نقطة الانهيار. وأضاف “هذه دولة لها تاريخ من العنف وأرى هذه الأزمة خارجة عن السيطرة ولا يوجد من يكبح جماحها”.

وتمارس الحكومات الغربية ضغوطا على الساسة اللبنانيين لتشكيل حكومة يمكنها الشروع في إصلاح الدولة التي ينخر الفساد مفاصلها، وتهدد بفرض عقوبات وتقول إنها لن تستأنف دعمها المالي قبل بدء الاصلاحات.

لكن ساسة ومحللين يقولون إن تشكيل حكومة قبل الانتخابات البرلمانية العام المقبل بات بالغ الصعوبة الآن فيما يبدو، إلا إذا حدث تحول جذري في المشهد السياسي.

ويحظى الحريري، أكثر الساسة السنة نفوذا في لبنان، بدعم دار الفتوى. ولا يزال كذلك مدعوما من دول عربية في المنطقة بينها مصر، على الرغم من تراجع دعم السعودية له.

وقال متعامل في السوق السوداء عقب الإعلان إن العملة اللبنانية شهدت تراجعا جديدا، إذ تم تداول الدولار بأكثر من 20 ألف ليرة مقارنة مع نحو 19 ألفا في وقت سابق من صباح الخميس.

من جهته صرح وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الجمعة أن الاتحاد الأوروبي يشعر “بأسف عميق” لقرار رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري الاعتذار عن عدم تشكيل حكومة وإبقاء البلاد في طريق مسدود.

وقال بوريل في بيان “يشعر الاتحاد الأوروبي بأسف عميق للمأزق السياسي المستمر في البلاد وعدم إحراز تقدم في تنفيذ إصلاحات عاجلة”.

ويستعد الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على قادة سياسيين محددين يعتبرهم مسؤولين عن وصول الوضع الى طريق مسدود في البلاد، في نهاية تموز/يوليو.

وحصل توافق سياسي بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خلال اجتماع في بروكسل الاثنين للتحضير لهذه العقوبات.

وقال بوريل “منذ عام تقريبا لا توجد في لبنان حكومة قادرة على العمل، ما أدى إلى أزمة مالية واقتصادية غير مسبوقة يعاني الشعب اللبناني من عواقبها المأساوية”.

واضاف “تقع على عاتق القادة اللبنانيين مسؤولية حل الأزمة الداخلية الحالية التي تسببوا فيها هم أنفسهم”، مؤكدا أن “لبنان بحاجة إلى حكومة قادرة على تنفيذ إصلاحات اقتصادية والحكم والتحضير لانتخابات 2022 التي يجب إجراؤها في موعدها المحدد”.

وأكد وزير خارجية الاتحاد أن “اتفاقا مع صندوق النقد الدولي يبقى ضروريا لإنقاذ البلاد من الانهيار المالي”.

سيرياهوم نيوز 6 – رأي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

عائداً من “قمة العشرين” في البرازيل.. الرئيس الصيني يجري أول زيارة إلى المغرب

      غادر الرئيس الصيني، شي جين بينغ، المغرب، بعد ظهر يوم الجمعة، في ختام زيارة قصيرة له إلى البلاد.   وزار الرئيس الصيني، ...